الأربعاء، 19 نوفمبر 2025

بين الثوابت والرموز

 بين الثوابت والرموز

د. عطية عدلان

مدير مركز (محكمات) للبحوث والدراسات – اسطنبول- أستاذ الفقه الإسلامي

ليس من الحق التفريط في الثوابت ولا من العدل هدم الرموز؛ إذ لا قيام للحق إلا بالحفاظ على الثوابت، ولا بقاء لأهل الحق إلا بالإبقاء على الرموز .. 

لذلك إن قمت باستقراء حملات التشكيك التي يشنها أهل الباطل تجدها جميعا تنتهي إلى هاتين الغايتين: طمس الثوابت وتشويه الرموز.

لكن الإشكال يكمن في أن بعض الرموز قد تصدم برأيها ثابتا من الثوابت؛ دون أن يكون ذلك في سياق الانحياز للباطل أو التحامل على الحق؛ فيغلو فريق في رعاية الثوابت بالإفراط في النقد الذي قد يصل إلى حد الطعن، بينما يقع في الجانب الآخر من الفريق الآخر نوع من التساهل في حق الثوابت؛ ربما لترميم الشروخ التي سببها غلو الفريق الأول .. 

وسبيل الحق وسط بينهما، وإن كل من الفريقين يمسك من الحقيقة بطرف.

وأضرب لذلك مثالا:

عندما صرح الأستاذ الكبير الدكتور العوا بأن السيسي تحمل ما لا يتحمله بشر في قضية حرب غزة، فهذا التصريح مخالف للحق ومناف للواقع؛ لأن السيسي تحمل ما لا يتحمله إلا من أخلص للكيان الصهيوني؛ من أجل دعم الصهاينة ضد المسلمين في غزة، وهذه حقيقة لا تجهلها عنزة ربطت على باب خيمة تسكنها عجوز ضربت بجذور عمرها في تربة القرن الثامن عشر، فعندما يأتي رمز وقامة في مستوى العوا ليهدم هذا الثابت الواقعي فإنه – دون قصد – يمارس تغييب الأمة وتزوير وعيها، وهي أكبر جريمة يمكن أن ترتكب في حق الجيل.

والحل يكمن في عدم تفويت الفرصة للبيان، مع الحرص على عدم التنقيص من شأن الرمز الذي تلفظ بهذه الألفاظ النابية، فلا يليق سوء الظن ولا الطعن في الرمزية ولا الاتهام بما يتجانف عنه من هو أقل من هذا الرمز منزلة وأثرا، كما لا يليق – في المقابل – النظر إلى مسألة كهذه على أنها مما تختلف فيه الآراء؛ لأن عداوة السيسي للإسلام وللمسلمين ولطموحات الشباب وآمال الشعوب لم تعد موضع خلاف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق