خطة السلام في غزة بين الوجوم والرجوم!
د. محمد المقاطع
من القرارات الغريبة التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2803 الخاص بخطة السلام في غزة، والمتضمن مجلس السلام وقوة استقرار دولية لها ولاية كاملة على غزة مدة سنتين!
وهو قرار في ثناياه خطة تدور بين الوجوم والرجوم!
فأما الوجوم فمبعثه - لكل رجل قانون وسياسي يفهم في قواعد القانون الدولي ومؤسساته ومنظوماته -
هو ذلك النمط الاستعماري وفرض الهيمنة، في حالة لا يملك المحتل المكنة الحقيقية على الأرض، ومن ثم يهدف القرار الأممي إلى تحقيق تلك المكنة بشرعية دولية، ووجوم آخر مصدره فرض آليات مسبقة لمتطلبات الإغاثة، والمعابر يترك التحكم فيها للغاصب والمحتل، ومرة أخرى بمظلة الشرعية الدولية، والوجوم الثالث التناقض الصارخ لهذا القرار مع جملة من القرارات الخاصة بفلسطين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحقه في إقامة دولته المستقلة، وحقه في تقرير المصير مع العديد من قرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 242 الذي لم تحترمه أميركا يوماً من الأيام ولا الكيان الصهيوني المحتل، ووجوم كذلك من الموقف العربي والإسلامي الغائب والذي جاء القرار رقم 2803 متناقضاً مع قرارات قممه ومبادراتها وأمن دوله القومي والإقليمي!
أما الرجوم فهي التنبؤات القادمة لما يمكن أن يُفضي إليها هذا القرار الأممي العكسي واللقيط، لما يتضمنه من بنود تتناقض والقواعد العامة لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وقرارات محكمة العدل الدولية، والرجم التنبؤي عن مصير ليس الدولة الفلسطينية فقط ولا فلسطين القائمة والتاريخية، بل أيضاً مصير القدس والمسجد الأقصى ووحدة الأراضي الفلسطينية، ومصير الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في تقريره ومقاومة الكيان المحتل لدولته. نعم، أقول إن خطة السلام في غزة، التي أقرها مجلس الأمن ب 13 صوتاً، مع امتناع روسيا والصين، تحمل في ثناياها متناقضات عديدة لا تستقيم وفكرة وجود دولة احتلال وحق تقرير المصير والدولة الفلسطينية المستقلة، والمقاومة المشروعة للشعب الواقع تحت الاحتلال.
تلك التناقضات وذلك الغموض الذي يكتنف الخطة ينطويان على أسباب فشلها ومعطيات تقويضها من الداخل. ذلك أن أي مشروع غير متوازن يتم رسمه في إطار فرض إرادة مفترضة لمنتصر على المشهد، وتحديد قدرة إرادة الطرف الآخر، وأنه طرف مهزوم خلافاً للواقع، سيؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى تعقيد الأمور وانهيارها. فحق الفلسطينيين في تقرير المصير ومقاومة الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية موحدة سيبقى في حلم كل فلسطيني ووجدانه، ولن يغيّر في رسوخه أي نوع من الاتفاقيات أو القرارات، فالكيان الصهيوني تجاهل ويتجاهل قرارات الشرعية الدولية منذ 6 عقود، فهل ننتظر من الفلسطينيين والعرب والمسلمين قبول قرارات مشوّهة ولقيطة لمجلس الأمن؟!
نعم، إن التاريخ والوقائع والسوابق ستكون هي الفيصل، كما تم تجاهل قرارات واتفاقات مفصلية، منها قرار مجلس الأمن رقم 242، والتحلل من اتفاق وارسو، وهما خير شاهد على ذلك.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق