تشكيل مذهب سياسي يجمع أبناء الثقافة الواحدة!
العصا السحرية في الديار الشامية
مضر أبو الهيجاء من المستحيل أن يفارق الخصوم ورؤوس مشاريع الباطل أرض الشام، فهي أرض غنية وعظيمة، وهي محل الإسراء والمعراج وفسطاط المسلمين والأرض التي بارك الله فيها للعالمين، فإما أن يفنى الأول أو ينكسر الثاني، ويقيننا أن أهل الحق منتصرون وأن أهل الباطل في نهاية المطاف منكسرون.
إن انكسار وهزيمة وزهاق بيت العنكبوت معقود على تماسك أهل التوحيد واستقامتهم على الطريق صفا واحدا كما يحب الله، وإذا كنا مستعجلين فإن سنن الله لا تستعجل مهما طال الزمان وتعاقبت الأجيال، وإن كل عمل وتخطيط إسلامي معقود على تواريخ مبنية على نبوءات هو إتلاف للعقل وتغييب للنظر، وهو من سنن اليهود وليس من سنن الله ولا سيرة النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.
كيف نحقق وحدة صفوف المسلمين؟
يقول الله سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ الصف:4
يسارع أهل الديار الشامية اليوم بجمع الصالح مع الطالح، وأهل الجنة مع ذباب جهنم، والمسلمون مع غيرهم من أبناء الطوائف غير المسلمة، وذلك تحت مفهوم الوحدة الوطنية الواجبة، وإذا كان هذا واجب لتحقيق مشروع العمران في البلاد القطرية، فما هو المفقود والذي يسبب الخسران في مشاريع الدعوة والإصلاح والبناء -الهدف من خلق الجن والإنس-؟
إن الآية الكريمة التي أشارت لوحدة الصف سبقت مفهوم الوحدة بالإشارة لمنهج وطريق وسبيل الله، وهو معنى لا يعيق مشاريع وخطوات الوحدة الوطنية بين المختلفين، ولكنه شرط قويم لتشكيل الكينونة الإسلامية محط التغيير وعصب التحرير.
تشكيل مذهب سياسي يبلور تيارا في أرض الشام!
ختمت النبوة بقدر الله، ولن يخلف الأنبياء إلا العلماء الربانيون الذين يتصفون بالعلم والتقوى والعمل وشجاعة الموقف، الأمر الذي يتجسد في تبليغ دين الله وشرعه وأحكامه، لاسيما في زمن وجوبه حين تحل بالأمة النوازل.
إن أضلاع المثلث مفككة في أرض الشام المباركة، وهو سبب في عدم تقدم نهضتها مهما طال الزمن ومهما بذلت من جهود طيبة ضائعة، حيث لا يفتأ المجرمون ورؤوس الباطل ومشاريع الصادات الثلاثة ( الصليبي- الصهيوني – الطائفي الصفوي ) يهدمون كل تقدم نحو معادلة الجمع اللازم بين أضلاع المثلث، فما هي تلك الأضلاع؟
الضلع الأول:
جمهور أهل السنة والجماعة من السلفيين والأشاعرة.
الضلع الثاني:
العلماء الربانيون التقاة المجاهدون والمجاهرون بالحق وقت لزومه.
الضلع الثالث:
الفكرة الجامعة والملهمة التي تحشد الجماهير خلفها في الإتجاه الصحيح، الذي يدعم أشكال هدم الباطل ويعزز بناء أركان الحق ومناحيه.
العصا السحرية في ضبط مسيرة الديار الشامية!
إن العصا السحرية ( الفكرة والتخطيط الواجب) التي يمكن أن تعيد تلاحم أضلاع المثلث هي تشكيل تيار مذهبي سياسي واسع، وليس تيارا فقهيا متشابكا، بحيث يتشكل ويتبلور من خلال:
1/ رموز علمائية تشكل حالة مرجعية عابرة للجغرافيا المذهبية الفقهية، منسجمة فيما بينها في العناوين العريضة والأساسية.
2/ إبداع مذهب سياسي يجمع بين اللاءات السورية الأصيلة ويضيف عليها إجابات الوقت على التحديات الراهنة والحقيقية ( في سبيله ).
3/ تحشيد جماهير العصبة السورية الأساسية والأكثرية التي تجمعها وحدة ثقافية في إطار أهل السنة والجماعة، بحيث تشكل تلك الجماهير كيانا يصعب على الغرب الصليبي والصهاينة والطائفيين تفتيته باعتبار وحدته الثقافية الواسعة التي تشكل عصب قوته وتماسكه ( صفا واحدا ).
واجب الوقت توحد مدرستي السلفية والأشاعرة!
لن يرسل الله نبيا ورسولا لأهل الشام ليوحدهم على مذهب أهل الحديث أو الأشاعرة أو الماتريدية، وسيبقون مختلفين في فروع عقدية وفقهية ومتفرقين على مذاهب ومدارس يجمعها إطار أهل السنة والجماعة الواسع، ودليل ذلك هو أعمارهم وأعمار من سبقهم من آبائهم وأجدادهم، فهل يستقيم أن يبقى عقلاؤهم وعلماؤهم وأولياؤهم مسعري خلافات يستفيد منها الخصوم لمنع تحقيق وحدة الصف؟
عميدي مدرستي السلفية والأشاعرة في الشام.
لا يختلف اثنان أن الشيخ أسامة الرفاعي هو عميد مدرسة الأشاعرة، كما هو الشيخ عبدالرازق المهدي عميد مدرسة أهل الحديث.
إن تواجد الشيخين في أرض الشام المباركة محررة منحة ربانية يجب التعامل معها بمسؤولية ورشد وانتماء حقيقي وترفع عن جهالة التعصب والأنانية وضيق الانتماء، الأمر الذي يوجب على الشيخين لقاء مشتركا على مستوى عمودي عميق ينعكس الى لقاء أفقي واسع وعريض، فما الذي يعيق هذا اللقاء المنهجي بعيدا عن رغبات وعصبوية الأتباع؟
مسؤولية تاريخية أمام الله وعباده المؤمنين!
لا أجد أحداً يتحمل مسؤولية ومصير ومستقبل الشام وأهله كما هما الشيخان الرفاعي والمهدي، وذلك لما وضعه الله لهما من قبول بين الخلق، فهل يتحليان بالمسؤولية ويكونان سببا في بلورة أضلاع المثلث المفكك في شام الرسول؟
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 15/11/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق