الأربعاء، 19 نوفمبر 2025

أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع الإخوان المسلمين (11)

أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع الإخوان المسلمين (11)

الخلفية: عمل الإخوان عبر القنوات الشرعية

ظل الإخوان المسلمون يعملون من خلال الأطر والقنوات الشرعية التي تخدم المجتمع كمجلس الشعب والنقابات والاتحادات الطلابية غير أن النظام لم يرض عن زيادة نفوذهم وانتشارهم وسط الشعب لحرصه على الحكم، ولذا كان الصدام ومحاولة تحجيم الإخوان بل القضاء عليها إن أمكن ثم التفرغ لباقي الجماعات الإسلامية.

اعتراف رسمي بمنهجية الإخوان السلمية

لقد شهد الرئيس مبارك ببعد الإخوان عن العنف وأنهم جماعة يعملون من خلال مؤسسات الدولة وذلك في تصريحه الذي نشرته صحيفة الأهرام العدد 39046 السنة 118 ليوم 16 جماد الأولي 1414 هـ الموافق 1/11/1993م ص(1) حيث قال: «إن هناك حركة إسلامية في مصر تفضل النضال السياسي على العنف وقد دخلت هذه الحركة بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعوا النجاح فيها في انتخابات بعض النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين المحامين»، 

كما صرح الوزير حسن الألفي تصريحا في هذا الموضوع في جريدة الجمهورية ص(4) ليوم 14/4/1994م، مما يدل على انتهاج الإخوان للقنوات الشرعية في العمل.

أوجه الصدام: من الاعتقالات إلى تزوير الانتخابات

غير أن النظام لم يرض عن ذلك فبدأ الصدام مع الإخوان عن طريق الاعتقالات المستمرة بعد القضية الشهيرة بسلسبيل ثم تقديم رموز الجماعة للمحاكمات العسكرية المتتالية بدون تهمة كعسكرية 1995م و2001م وأخيرا عسكرية 2007م والتي يحاكم فيها 40 من قيادات الجماعة، أضف لذلك ما يقوم به النظام ضدهم داخل النقابات والانتخابات التشريعية وتزويرها المستمر وشطب الطلبة من انتخابات الاتحادات، وضرب شركاتهم الاقتصادية،.

 أضف لذلك وقوفهم ضد مسألة توريث الحكم والذي منذ بدأت فكرة التوريث وأصبح النظام أكثر شراسة عليهم فحدث ما حدث من انتهاكات في انتخابات 1995م ثم انتخابات 2000م ثم انتخابات 2005م والتي شهدت نزاهة نسبية في المرحلة الأولى فقط، كما تم تزوير انتخابات مجلس الشورى وما حدث في المحليات لا يدل على أن الإخوان سبب في الصدام يوما ما فهم يعملون من خلال الأدوات القانونية والدستورية ويحوزون على ثقة الشعب.

تحليل لواقع النظام: الفشل الداخلي ومشروع التوريث

ويوضح الدكتور عمرو الشوبكي ذلك في مقالة له بعنوان “وأين ذهبت انجازات السلام”فيقول: «ومن هنا فإن غياب مصر علي الساحة العربية والدولية يعكس هذا الفشل الداخلي المرير طوال ربع قرن، وهذا الانهيار المذهل الذي شهدته مؤسسات الدولة المصرية في الداخل بصورة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر،

 فحين يقول اقتصادي مرموق وعميد سابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أحمد الغندور، إن مصر فقدت ألف مليار جنيه في ٢٤ عاما «بسبب فشل مبارك في إدارة البلد» سنكتشف حجم الكارثة الاقتصادية التي حلت علي مصر نتيجة عدم كفاءة النخبة الحاكمة، وفساد جزء كبير منها، خاصة أن تلك التصريحات جاءت من رجل ليبرالي لم يعرف عنه أي خصومة سياسية أو أيديولوجية مع النظام القائم .

أما علي الصعيد السياسي فنحن نتحدث عن نموذج لا يوجد فيه «مشروع» واحد يعمل بجدية إلا مشروع التوريث، فلا يوجد حزب حاكم، إنما شبكة من المصالح تتصارع فيما بينها علي مغانم صغيرة أو كبيرة بصورة أحيانا أكثر ضراوة من صراعها مع أحزاب المعارضة، ونظام احترف عدم احترام القانون والدستور، مبديا موهبة نادرة في كيفية وضع قوانين، لكي لا يحترمها، وحوصر المجتمع بين نخبة قديمة كرست الجمود والتكلس وأخري جديدة تتحرك في الظلام أكثر من النور من أجل هدف واحد هو توريث السلطة.

ونجح النظام في تدمير أحزاب المعارضة وفي حصار القوي السياسية الجادة من الإخوان المسلمين وحتى كفاية والوسط وحركة الكرامة، ودمر قيم الكفاءة والجدية والموهبة في أغلب مؤسسات الدولة، ويكرس ثقافة الفهلوة والفساد والنفاق، وصار من المستحيل علي أي مراقب لأوضاع مصر الداخلية في السياسة والاقتصاد والثقافة والإدارة أن يتوقع أي دور لها علي الساحة العربية والدولية».

الخلاصة: الأسباب الجذرية للصدام

ومن ثم فأسباب الصدام تعود إلى:-

1-  عدم رغبة النظام في وجود شريك قوي له في الحياة السياسية مثل الإخوان خاصة في ظل ضعف الأحزاب السياسية.

2-عدم قبول النظام للآخر في الفكر أو العمل السلمي داخل مؤسسات الشعب.

3- طبيعة النظام كنظام سلطوي فردي لا يقبل المنافسة.

4-التعامل مع الطلبة بالعصا الأمنية وحرمانهم من المدن الجامعية وشطبهم من انتخابات الاتحادات.

5-الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية للنظام الحاكم وللهيئات السياسية.

6-احتكار السلطة لوسائل الإعلام وتسخيرها لأغراضه.

وللقصة بقية المقال القادم



أسباب صدام الحكومات المصرية المتعاقبة مع جماعة الإخوان المسلمين (9)


أسباب صدام الحكومات مع جماعة الإخوان المسلمين (8)


أسباب صدام الحكومات مع جماعة الإخوان المسلمين (7)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق