رفيق نجلى المخلوع فى طرة: 75% من الفوضى وراءها علاء مبارك
د.عبدالمجيد مغربى: تم تجهيز جناح خاص لعلاء وجمال مبارك و14 من أعوانهما
زنزانة علاء بها ثلاجة وسخان وتليفزيون و"لاب توب" وموبايل يحرك الدنيا من خلاله
طلب من مأمور السجن سحب أسلحة العساكر خوفاً من أن يغتالوه
داخل أسوار سجن طره العالية المنيعة، أمضى الدكتور عبد الناصر عبدالمجيد محمد مغربى طبيب الجراحة ثمانية عشر شهراً, خلال الفترة التى دخل فيها رموز نظام الحكم السابق نفس السجن، فعاش بالقرب منهم، وعرف الكثير عنهم، وننشر هنا ما يقوله على مسئوليته الخاصة.
ـ نريد أن نعرف لماذا دخلت السجن؟
ـ أنا طبيب جراحة، مسقط رأسى عزبة الكشاف بمركز إدفو محافظة أسوان، وتم تلفيق قضية تزوير شهادة مرضية لأحد المرضى بمعرفة ضابط شرطة كنت على خلاف معه، حيث إننى ذهبت ذات يوم لتحرير محضر بقسم شرطة الجمالية مع صديق لى سرقت سيارته ومضى أكثر من شهرين ولم يتم العثور على السيارة إلى أن اضطر صديقى لنشر إعلان عن مواصفات سيارته، مؤكداً أن من يجد السيارة سيكون له مكافأة مالية كبيرة، وبعد عدة أيام استطاع شخص التوصل للسيارة المسروقة، واصطحبنى أنا وصديقى إلى مكانها بحلمية الزيتون، وهناك وجدنا ضابط شرطة يقف بجانب السيارة، وعرفنا فيما بعد أنه معاون مباحث بشرطة سرقات السيارات, وقام هذا الضابط بدوره باصطحابنا إلى مديرية أمن القاهرة، وهناك تم القبض علىّ بتهمة تزوير شهادة مرضية, وتم ترحيلى إلى قسم شرطة الجمالية ثم نيابة الجمالية، وأثناء التحقيق معى قال لى وكيل النيابة إن هناك بلاغًا مقدمًا ضدى بتزوير شهادة مرضية، فأنكرت هذه التهمة تماماً وتم إخلاء سبيلى، وبعد عدة أسابيع فوجئت بمعاون مباحث الجمالية وقتها محمد علوى، يقول لى إن رئيس المباحث الرائد مفيد محمد مفيد بحالة حرجة ويريدنى فوراً لتوقيع الكشف الطبى عليه، نظراً لأننى كنت الطبيب المعالج له, وبالفعل ذهبت مع علوى للقسم، لكننى فوجئت به يضعنى بالحجز قائلاً: خليك هنا شوية عليك حكم غيابى بعشر سنين يا بطل، ثم تم ترحيلى إلى محكمة باب الخلق وتم عرضى على المستشار صبحى حسين، ولم يَصدُر حكم على، وبعد عدة أسابيع فوجئت بالضابط أحمد فوزى يقول لى: أنا عايزك نتمشى مع بعض شوية، وقام بوضعى بسيارة الترحيلات إلى أن ذهبنا إلى سجن طره، وهناك قال لى فوزى: سلام أشوفك بعد 10 سنين، وفى السجن قمت بعمل معارضة إلى أن تم تخفيف الحكم إلى 5 سنوات، وبعد الحكم عدت مرة أخرى إلى سجن طره الزراعى، وهناك تعرفت على مجموعة مهندسين من مشروع "ابنى بيتك" المسجونين هناك، ومجموعة أخرى من رجال الأعمال المتهمين بتهريب الآثار، نظراً لأننى كنت الطبيب المعالج لمعظمهم، ومضت الأيام وقامت ثورة 25 يناير وسقط نظام مبارك، وتم سجن علاء مبارك وجمال مبارك وأعوانهم بسجن المزرعة، وكنت دائماً أترقب أخبارهم إلى أن شاءت الأقدار أن يتم نقلهم إلى سجن طره الزراعى، لأكون قريبًا جداً منهما وبخاصة علاء مبارك.
ـ وكيف تم استقبالهما عند وصولهما للسجن؟
ـ فى البداية تم تجهيز جناح خاص لهم يسع 14 فردًا، وطلب علاء مبارك من مأمور السجن بعض المساجين لخدمتهم، ويشترط فيهم الثقافة وحسن الخلق، فعرض على مأمور السجن أن أكون من خدامهم، لكننى رفضت وقلت له: (أنا طبيب مش خدام ولاد الريس).
ـ كيف كان علاء مبارك يعيش حياته داخل السجن؟
ـ علاء مبارك ليس مثل أى سجين، فهو يبدأ يومه كيفا يشاء، حيث يستيقظ فى تمام السابعة صباحا، ويقوم الضباط بفتح زنزانته فيخرج إلى الملعب الموجود بالسجن ليمارس رياضة المشى، ويجلس منتظرا الإفطار حسب طلبه، والمسئول عن إعداد الطعام له مسجون يعمل محاميًا، ويفضل علاء غالباً تناول الأسماك وفاكهة التوت، وأحياناً يتقابل مع أخيه جمال ويتناول معه الإفطار فى الزنزانة، ويتحدثان بالهمس حتى لا يسمعهما أحد، فإذا دخل عليهما أحد المساجين المكلفين بخدمتهما يتوقفان تمامًا عن الحديث، ثم يتقابلان مع بعض أعوانهما ويتحدثان إليهم حتى تدق الساعة السادسة، ثم يذهب كل إلى زنزانته، ويتم إغلاق الزنازين، ويجلس علاء أحيانا لقراءة القرآن الكريم، حيث يحتفظ بنسخة منه فى زنزانته ويأخذها معه أثناء حضور جلسات القضايا المتهم فيها.
ـ وما هو شكل زنزانة علاء مبارك؟
ـ لم تكن الزنزانة الخاصة بعلاء مبارك مجهزة عند وصوله، فالأرض كانت أسمنتية والأسرّة بدون أغطية والمياه غير موصلة والصرف لا يعمل بشكل جيد، فقامت إدارة السجن على الفور بإصلاح مخارج المياه والصرف داخل الزنزانة وشراء مجموعة من السجاجيد لتغطية أرض الزنزانة، ووضعوا بالزنزانة ثلاجة وسخانا كهربائيا وجهاز راديو صغير، وجهاز إم بى فور، وتليفزيونا كبيرا، وتكييفا صحراويا، وسمحوا بدخول الهاتف المحمول الخاص به والذى كان لا يفارق جيبه أبداً، ومن خلاله يعرف كل شىء ويحرك الدنيا كيفما يشاء، ومعه لاب توب، ويومياً تحضر له إدارة السجن كل الجرائد والمجلات، فعلاء مبارك كان السيد الآمر الناهى بالسجن والجميع خدام له، ولابد أن يقولوا له سمعاً وطاعة، لدرجة أنه ذات يوم رأى العساكر الذين يتواجدون أعلى سور السجن يحملون أسلحتهم بحكم أنهم مسئولون عن حراسة السجن، فطلب علاء من المأمور أن يطلب من العساكر ألا يقوموا برفع السلاح حتى لا يتم اغتياله، فقال له المأمور "تؤمر يا باشا".
ـ وكيف التقيت بعلاء مبارك؟
ـ لم يحالفنى الحظ فى أن أرى علاء مبارك قبل دخوله السجن، إلا فى وسائل الإعلام والجرائد والمجلات، وفور علمى بوصوله سجن مزرعة طره، تمنيت كثيراً أن أراه وأتحدث معه، إلى أن حالفنى الحظ والتقيت به ذات مرة فى حديقة السجن وتحدثت معه بعد أن أخبرته أننى طبيب وفى خدمته فى أى وقت، لأننى عرفت منه أثناء حديثى إليه أنه يعانى من ضغط الدم وآلام فى العظام، وربما يحتاجنى، وهنا شعرت بسعادة بالغة لأننى سأكون بالقرب منه، وبالفعل كنت ألتقى به عندما يشعر بألم وأصف له العلاج، وكان يؤكد أننى طبيب جيد.
ـ وما الذى لفت نظرك أثناء تواجدك معه؟
ـ لقاءاته المستمرة مع أعوانه من رموز النظام البائد، وبخاصة حبيب العادلى، وكان يقول أمام الجميع إن الجيش باعنا وقبضوا علينا على غفلة، وأنا بصراحة مش فاهم هما عملوا الثورة ليه.. كانوا يقولون هما عايزين إيه، واحنا كنا نعمل كل اللى هم عايزينه.. لكن اللى حصل ده كتير أوى.
ـ ومن كان يزور علاء مبارك بشكل مستمر؟
ـ زوجتة هايدى راسخ تزوره تقريباً زيارة شبه يومية، وكانت تحضر فى موكب خاص، حيث كانت ترتدى أزهى الملابس ويسير الخدم وراءها وهم يحملون لها الحقائب، وكانت تقضى طول اليوم مع زوجها على إنفراد، فكان لكل مسجون وقت خاص للزيارة، يتم تحديده له بمعرفة إدارة السجن، أما علاء مبارك فهو الذى يحدد موعد ومكان الزيارة، حتى الترينجات التى كان يرتديها ماركة أديداس التى يصل سعرها لآلاف الجنيهات، وأحذية بيضاء ماركة نايك باهظة الثمن، بعكس باقى المساجين، ولما توطدت علاقتى بعلاء أعطانى "ترينج" جديد وغيارات داخلية هدية.
ـ وكيف كان يتلقى علاء مبارك نبأ الأحداث التى تمر بها مصر؟
ـ عندما كنا نشاهد هذه الأحداث العصيبة التى تمر بها مصر أو نسمع أنباء عن الانفلات الأمنى والحالة الأمنية غير المستقرة وزيادة أعداد القتلى والجرحى وعدم الاستقرار السياسى، كنت أشاهد فى عينه فرحة بالغة، لدرجة أنه قال ذات يوم: أحسن هما اللى جابوه لنفسهم خليهم يشربوا.
ـ وكيف كان يعرف علاء أخبار والده؟
ـ كان يذهب بصحبة أخيه إلى المستشفى فى الوقت الذى يحدده ليطمئن على والده ويتحدث معه، وهو يعرف أخبار والده لحظة بلحظة عن طريق رجاله بالمستشفى وأعوانه.
ـ وهل تعتقد أن لعلاء دورا فى أحداث الفوضى التى تمر بها مصر؟
ـ بالطبع لأننى من خلال لقاءاتى معه وحديثى إليه تيقنت تماماً أن 75% مما يحدث بمصر وراءه رجال علاء وجمال مبارك ورموز النظام الساقط، فى محاولة منهم إثارة الفتن والقلائل وجعل المصريين يتحسرون على زمنهم، هذا ما اكتشفته بنفسى، لأننى عرفت أن علاء مبارك بمكالمة تليفون واحدة يستطيع فعل ما يريد بمصر من خلال أيادٍ خفية استطاعت شراء ذمم المهمشين والفقراء فى العشوائيات واستغلالهم فى إثارة الفوضى وزعزعة أمن مصر.
ـ هل تحب أن توجه كلمة للنظام الحالى؟
ـ نعم أرجو من النظام الحالى أن يتحلى بالهدوء والصبر على إدارة الأزمات التى تواجه البلد والمتزايدة بشكل واضح، لأن الله سينصرنا ويهزم كل من أراد بمصر سوءاً، فهو القائل: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق