الاثنين، 25 فبراير 2013

متحف الألم‏!‏


متحف الألم‏!‏ 

د. سلمان بن فهد العودة
25/02/2013 
قالت له أمه وهو يستعد لزيارة القاهرة‏:
- أحرج عليك ألا تزور ميدان التحرير‏!‏
- ماذا أفعل ووجهتي هي ميدان التحرير؟
في الطائرة تحدث مع صديقه عن‏(‏ المتاحف‏)‏ التي يحسن أن يزورها السائح‏..‏


في قلب ميدان التحرير متحف الثورة الذي ضم صور الأحداث، الشهداء الذين رحلوا وهم يحلمون أن يروا المحروسة بصورة مختلفة، غرف صغيرة وسقف بسيط من الخشب، يوحي بأنه بُني بتبرعات المصريين، تعليقات ورسومات بطريقة كوميدية أوكاريكاتورية، تشمل رجال الحكومة والمعارضة.
في دار الأوبرا معرض فنون تشكيلية، في الفيس بوك عشرات المتاحف الافتراضية لثورة25 يناير، سنظل نذكر الأرواح التي رحلت دون أن ترى التغيير، وسنعرف فضل الذين ذهبوا طاهري الجيوب لم يتنازعوا على الدنيا، ثم زوار يتمنون أن يعيشوا لحظات الثورة كلما شاءوا، ليستعيدوا فرحتها التي لا تتكرر، وسواح ومؤرخون يريدون توثيق الهتافات الرائعة التي ابتكرها المصريون، وصار العالم يرددها من ورائهم: "الشعب يريد إسقاط النظام"، تدوين أسماء الراحلين في محطات المترو والميادين العامة مقرونة بأدوارهم، تحقق معني الشهادة، فالناس شهداء الله في أرضه.
ما أكثر الفنانين والمصورين الذين ينتظرون فرصة للمشاركة في إثراء المتحف بما لديهم..
دور الصورة هائل في إلهاب الحماس وتصوير المعاناة وإلهام المشاهد ما تعجز عنه الكلمات، وكلما مر الزمن عليها تضاعفت أهميتها، الصورة ستلهم المزيد من التسامح والتصالح والتغافر والالتفات للمستقبل والوفاء لأهداف الثورة العظيمة، عروض ثلاثية الأبعاد تجعلك ضمن المشهد، عروض (الفيديو) الحاسمة، ليعلم كل رئيس أنّ للشعب كلمته.
فنّ الشارع فكرة جديدة لتنزيل الفن من برجه العاجي ليتذوقه أي أحد، إنّها أحد منجزات الثورة؛ حيث أصبح الفن ديمقراطيًّا، وها هو( بانكسي) الرسام المشهور المجهول يرسم نسخة من الموناليزا للفقراء، ويتحدي الصهاينة بتخليد المأساة الفلسطينية!
في الجيزة متحف متميز خاص بأدوات التعذيب في العالم، لكن متحف الرعب الذي ينتظره السواح يجب أن يجمع أدوات التعذيب والتنصت والاستجواب والوسائل الاستخباراتية، ليقول الناظر مذهولاً فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.
الوثائق والمستندات والتقارير السرية وكل ما تحت الأقبية مما لا ضير في نشره يجب أن يراه الناس، أخلاق الثائر تؤمن بالصفح وطي صفحة الماضي، ولكن ليتأكد كل مصري أنّ الجميع قرروا أنّ ذلك الماضي البائس لن يعود.
نريد أن نقرأ التقارير الأمنية التي كانت أداة الإدانة من المحكمة، ليستحضر هذا كل من يهم بأن يكذب فيما يكتب! الحرية تقود الشعوب.
لوحة في متحف اللوفر بفرنسا حاولت امرأة تشويهها فثار الفرنسيون، هم ينظرون إلى تاريخهم عبر تلك اللوحات، ومن يسرقها أو يشوهها فهو يعبث بذاكرة الشعب.
التوانسة- الليبيون- اليمنيون- والسوريون- يجب أن يوثقوا تاريخ الألم والتضحيات، وتاريخ ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وأن يجعلوا ذلك في أهم ميادينهم وأشهرها.
ليس لنعيش الألم، بل لنحاربه.
الفلسطينيون أنشئوا متحفًا رائعًا في لندن، كان إحدى وسائل الدفاع عن قضيتهم العادلة.
معارض الكتب يجب أن تحتفي بما يخص تاريخ الثورة، فهي متاحف ثقافية.
في أجواء الحرية لا يبقى عذر في أن يأخذ فرد زمام المبادرة ويجمع حوله الممولين والداعمين، وما أكثرهم! وستكون الشبكات الاجتماعية أسهل طريقة للتنسيق كما حدث ذات ثورة.
أحلم قريبًا أن تحط بي الطائرة في مطار القاهرة فأراه يخضع لعملية إصلاح واسعة، وأن يصحبني سائق التاكسي الذي صاغته الثورة ليكون معبرًا عن روح مصر، إلى (المتحف الثوري) الذي أصبح قبلة الزوار! وأين ؟ في مبني الحزب الوطني السابق وما حوله!
سيكون جميلاً أن يتم تحييد ميدان التحرير بعد هدوء العاصفة ليبقي معلمًا سياحيًّا يفضي إلى العديد من المتاحف والمنجزات التي يتقن المصريون صنعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق