الجمعة، 22 فبراير 2013

سامر العيساوي يحييكم

سامر العيساوي يحييكم

 فهمي هويدي (كاتب ومفكر مصري
 البريد الالكترونى: fhoweidy@gmail.com

هذا الصباح يدخل إضراب سامر العيساوي عن الطعام يومه السادس عشر بعد المائتين، ولا يزال ثابتا على موقفه الذي سجل به أطول إضراب عن الطعام في التاريخ، بقدر ما قدم نموذجا فذا لإصرار الفلسطيني على الدفاع عن كرامته وحريته، وفي الوقت نفسه فضح بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وجبروته، وبسبب إصراره المعجز فإن الرجل تحول إلى رمز وطني يتغنى به أبناء الشبيبة الفلسطينية وتزين صوره القمصان والشوارع والساحات العامة فضلا على مواقع الإنترنت في الأرض المحتلة، ولأن صلابته هزت الضمير العام فقد وجهت الدعوات خلال الأسبوع الماضي إلى إلغاء المناسبات العامة والخاصة والأفراح، تضامنا مع سامر ورفاقه الذين التحقوا به، رافعين شعار الحرية أو الشهادة.

 هو الرمز الأشهر بسبب طول مدة إضرابه عن الطعام، لكن معه ثلاثة آخرون من المناضلين لا يزالون ثابتين على موقفهم.
 كان العيساوي قد اعتقل في 25 مايو من العام الماضي، بعد أشهر قليلة من الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، وكانت الحجة أنه خرق شروط الصفقة التي تنص على عدم مغادرة منطقة سكنه في القدس المحتلة، وقام بزيارة مدينة رام الله، ورغم أنه كان يتحرك في وطنه فإن السلطات الإسرائيلية تذرعت بتلك الزيارة، وطالبت المحكمة العسكرية بأن تلزمه باستكمال الفترة المتبقية من حكمه، وهي 20 عاما، علما بأن اتهامه الأصلي كان في قضية أقيمت استنادا إلى معلومات استخبارية سرية، لا يسمح للأسير أو محاميه بالإطلاع عليها.

 من رفاقه في الإضراب الأسير طارق قعدان الذي اعتقل في 22 نوفمبر الماضي، وهو يقضي حكما بالسجن الإداري المتجدد بدون محاكمة. وقد بدأ إضرابه عن الطعام منذ تسعين يوما، من هؤلاء أيضا الأسير جعفر عز الدين الذي اعتقل في اليوم ذاته، وإضرابه يدخل هذا الصباح يومه التسعين.

الرابع هو الأسير أيمن الشراونة الذي اعتقل في 31 يناير عام 2012، وكان قد أضرب عن الطعام طوال 140 يوما، لكنه علق إضرابه، واستأنفه مجددا في 16 يناير الماضي، والشراونة مثل العيساوي، واحد من تسعة مناضلين تحرروا من الأسر في صفقة «شاليط».

وأعادت السلطات الإسرائيلية اعتقالهم بتهمة خرق شروط صفقة التبادل، وتطالب السلطات الإسرائيلية المحكمة العسكرية بالحكم عليه مجددا، باستكمال ما تبقى من فترة حكمه قبل تحرره، البالغة 28 عاما. (أمه وأشقاؤه ــ أعلنوا إضرابهم المفتوح عن الطعام تضامنا معه أمام خيمة للاعتصام أقيمت في الخليل).

 يوم الثلاثاء الماضي 19/2 أضرب عن الطعام 800 أسير فلسطيني تحتجزهم إسرائيل في سجونها بغير تهم تضمانا مع رفاقهم الأربعة. وفي ذات الوقت أقام الفلسطينيون في الأرض المحتلة العشرات من مراكز الاعتصام تضامنا مع إخوانهم، الذين تحاول إسرائيل دفنهم في سجون «ايشل» و«ريمون» و«نفحه».

وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية طول الوقت رسائل العيساوي (عضو الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) المسكونة بالكبرياء والتحدي لسجانيه، وتمثل تلك الرسائل شحنات وطنية وعاطفية شديدة التأثير في أوساط الشباب الفلسطيني، الذين لم تتوقف تظاهراتهم التي ما برحت تطالب بزوال الاحتلال وإطلاق سراح الرجل ورفاقه الأسرى.

وفي واحدة من تلك الرسائل، قال العيساوي: أقول لشعبي إنني أقوى من جيش الاحتلال وقوانينه العنصرية. أوصيكم إن سقطت شهيدا أن تحملوا روحي صرخة من أجل كل الأسرى والأسيرات. صرخة حرية وانعتاق وخلاص من كابوس السجون وظلماتها القاسية.
 في رسالته الأخيرة، قال: لا تخافوا على قلبي إن توقف. ولا تخشوا على يدي إن شلت، فأنا ما زلت حيا الآن وغدا وبعد الموت. لأن القدس تتحرك في دمي وإيماني وعقيدتي. وقال في وصف حالته بعد مرور أكثر من مائتي يوم لم يدخل فيها أي طعام إلى جوفه: لقد أبلغني الأطباء أنني أصبحت معرضا لجلطات دماغية بسبب عدم انتظام دقات القلب والنقص في السكر وهبوط الضغط. جسمي مملوء بالبرودة وعدم القدرة على النوم بسبب الآلام المتواصلة. لكنني رغم التعب والإرهاق الشديدين وآلام الرأس المزمنة، أتحرك على مقعدي، وأحاول أن أستجمع كل ما عندي لأواصل الطريق إلى منتهاه، لا عودة للخلف إلا بانتصاري، لأنني صاحب حق واعتقالي باطل وغير قانوني.

 سامر العيساوي. الذي رفضت محكمة الصلح الإسرائيلية الإفساح عنه. ينتمي إلى عائلة تعد نموذجا للأسر الفلسطينية المناضلة. فشقيقه فادي العيساوي استشهد عام 1994 في مجزرة الحرم الإبراهيمي، وشقيقه مدحت العيساوي قضى 19 عاما من حياته في الأسر. وشقيقته المحامية شيرين العيساوي اعتقلت لمدة سنة كاملة عام 2010.

 لقد كانت مصر هي الراعية لصفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي شاليط، التي بموجبها تم الإفراج عن سامر العيساوي وأيمن الشراونة وآخرين من المناضلين الفلسطينيين الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم مرة أخرى في انتهاك صارخ للاتفاق، الأمر الذي يثير سؤالا كبيرا حول موقف الطرف المصري إزاء ذلك، وبالمناسبة فإن صاحبنا وجه في إحدى رسائله تحية خاصة إلى «مصر الشقيقة ومشجعي فريق نادي الزمالك ولمعلق الجزيرة الرياضية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق