الأربعاء، 27 فبراير 2013

الشيخ «حسن البنا».. والصحفي الأمريكي «روبير جاكسون»


الشيخ «حسن البنا».. 

والصحفي الأمريكي «روبير جاكسون»


في ذكرى استشهاده والتي مرت علينا يوم 12 فبراير، نتذكر ما قاله الصحفي الأمريكي «روبير جاكسون» عن الإمام حسن البنا..
يقول «روبير جاكسون» في كتابه «حسن البنا الرجل القرآني»:
«في فبراير سنة 1946م، كنت في زيارة للقاهرة، وقد رأيت أن أقابل الرجل الذي يتبعه نصف مليون شخص، وكتبت في «النيويورك كرونيكل» بالنص: زرت هذا الأسبوع رجلاً قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر، وقد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه، ذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان..

وقد صدقتني الأحداث فيما ذهبت إليه، فقد ذهب الرجل مبكراً..
 هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلاً بالكنز الذي يقع في يده، لقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة عندما كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة من الزعماء المصريين ورؤساء الأحزاب، فقد كان خلاَّب المظهر، دقيق العبارة، بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية.

 لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه أن يصوروا لي أهداف هذه الدعوة، وأفاضوا في الحديث على صورة لم تقنعني، وظل الرجل صامتاً، حتى إذا بدت له الحيرة في وجهي، قال لهم: قولوا له: هل قرأت عن محمد؟ قلت: نعم.
 قال: هل عرفت ما دعا إليه وصنعه؟
 قلت: نعم. قال: هذا هو ما نريده..
وكان في هذه الكلمات القليلة ما أغناني عن الكثير. لفت نظري إلى هذا الرجل سمته البسيط، ومظهره العادي، وثقته التي لا حد لها بنفسه، وإيمانه العجيب بفكرته، كنت أتوقع أن يجيء اليوم الذي يسيطر فيه هذا الرجل على الزعامة الشعبية لا في مصر وحدها، بل في الشرق كله.

 كان الرجل عجيباً في معاملة خصومه، لا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة، وكان يؤمن بالخصومة الفكرية ولا يحولها إلى خصومة شخصية، ولكنه مع ذلك لم يسلم من إيذاء معاصريه ومنافسيه، فقد أعلنت عليه الأحزاب حرباً عنيفة.

 كان حسن البنا الداعية الأول في الشرق الذي قدم للناس برنامجاً مدروساً كاملاً، لم يفعل ذلك أحد قبله.. كان مذهبه السياسي أن يرد مادة الأخلاق إلى صميم السياسة بعد أن نزعت منها، وبعد أن قيل: إن السياسة والأخلاق لا يجتمعان..

وكان يريد أن يكذب قول «تاليران»: «إن اللغة لا تستخدم إلا لإخفاء آرائنا الحقيقة»، فقد كان ينكر أن يضلل السياسي سامعيه أو أتباعه، أو أمته، وكان يعمل على أن يسمو بالجماهير، ورجل الشارع، فوق خداع السياسة، وتضليل رجال الأحزاب.

 من أبرز أعمال هذا الرجل، أنه جعل حب الوطن جزءاً من العاطفة الروحية؛ فأعلى قدر الوطن وأعز قيمة الحرية، وجعل ما بين الغني والفقير حقاً وليس إحساناً، وبين الرئيس والمرؤوس صلة وتعاوناً وليس سيادة، وبين الحاكم والشعب مسؤولية وليس تسلطاً..

 وتلك من توجيهات القرآن، غير أنه أعلنها هو على صورة جديدة لم تكن واضحة من قبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق