الثلاثاء، 19 فبراير 2013

الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني


الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني

6 ربيع الآخر 1327 هـ ـ 27 إبريل 1909م

مفكرة الاسلام: أو ما يعرف تاريخيًا بمؤامرة 31 مارس، وهي المؤامرة التي تم تدبيرها من قبل كل القوى المعادية للإسلام داخليًا وخارجيًا من أجل الإطاحة بحكم الرجل القوي السلطان عبد الحميد الثاني الذي كان بمثل عقبة كوؤد في سبيل إزالة الدولة العثمانية الجامعة للمسلمين، وأيضًا في سبيل تمكين اليهود من اغتصاب فلسطين لإقامة دولتهم المشئومة بها، وكانت أصابع اليهود ظاهرة جلية في تحريك أطراف المؤامرة، ممثلة في حركة الاتحاد والترقي المدعومة من اليهود والمحافل الماسونية والدول الاستعمارية الكبرى التي كانت تريد أن تجهز على الدولة العثمانية أو الرجل المريض كما كان يطلق عليها.
بدأت خطوات الإطاحة بتدبير مظاهرات صاخبة في عدة مدن مثل «سلانيك» و«مناستر» للضغط على عبد الحميد من أجل إعادة الدستور، فالتف عبد الحميد على هذه الضغوط وأعلن عودة البرلمان والدستور وسكت على اعتداءات رجال الاتحاد والترقي على رجاله المقربين وأتباعه.
لم تكن هذه الخطوة كافية للإطاحة برجل في وزن عبد الحميد له مكانة وجلالة في قلوب العثمانيين، فتم تدبير حادثة 31مارس سنة 1909 في إستانبول، وهي الحادثة التي قتل فيها بعض عسكر جمعية الاتحاد والترقي بإستانبول، وحدثت فوضى عارمة في العاصمة بتخطيط يهودي صرف، وعلى إثره دخل عسكر الاتحاد والترقي من سلانيك إلى إستانبول وارتكبوا مذبحة كبيرة في قصر الخلافة بلا مبرر وقتلوا إسماعيل حقي وزير الحربية، ووجهوا اتهامات للسلطان عبد الحميد بأنه يريد إحياء الشريعة الإسلامية! وقتل قادة الاتحاد والترقي ونسبوه إلى الظلم وسفك الدماء.
تم تشكيل ما يسمى بالمجلس الملكي فاجتمع مع مجلس حركة الاتحاد والترقي وقرروا خلع السلطان عبد الحميد وذلك بعد استصدار فتوى من شيخ الإسلام محمد ضياء الدين تحت التهديد بذلك، وتوجه وفد مكون من الفريق بحري «عارف حكمت» وآرام الأرمني وأسعد طوبطاني وعمانوئيل قره صو اليهودي إلى قصر الخلافة وسلموا رسالة الخلع للسلطان، الذي تقبل الأمر بهدوء ولكن بعزة المسلم وكرامة خليفة المسلمين قال لهم: ولكن لماذا جئتم بهذا اليهودي «وأشار إلى قره صو» إلى مقام الخلافة؟
وهكذا طويت صفحة الخلافة الأخيرة، وبالإطاحة بالسلطان عبد الحميد سقطت الدولة العثمانية سقوطها الحقيقي، واعتبر اليهود وكل أعداء الإسلام هذا اليوم عيدًا لهم وطبعوا بذلك طوابع بريد، واستعدوا للانقضاض على فلسطين، وقد استمر حكم السلطان عبد الحميد أكثر من ثلاث وثلاثين سنة، قدم خلالها خدمات جليلة، إذ حفظ الدولة من الانهيار بعد حرب روسيا، وقمع ثورة كريت وانتصر على اليونان، وحدَّث الجيش العثماني وفتح المدارس ودور المعلمين والجامعات، ومد خط حديد الحجاز وحاول إعادة مفهوم الخلافة من خلال فكرة الجامعة الإسلامية، وكلها خدمات لم يعرف الناس قيمتها إلا عندما انهارت الدولة العثمانية بسرعة بعد خلعه.
توفي السلطان عبد الحميد الثاني في المنفى في 10 فبراير من عام 1918 م.
وقام برثاءه أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة جميلة حيث قال:
ضجت عليك مآذن ومنابر...وبكت عليك ممالك ونواح.
الهند والـهة ومصر حزينة... تبكي عليك بمدمع سحاح.
والشـام تسأل والعراق وفارس... أمحا من الأرض الخلافة ماح؟
نزعو عن الأعناق خير قلادة... ونضوا عن الأعطاف خير وشاح.
من قائل للمسلمين مقالة... لم يوحها غير النصيحة واح.
عهد الخلافة فيه أول ذائد... عن حوضها بيراعه نضاح.
إني أنا المصباح لست بضائع... حتى أكون فراشة المصباح.

كما رثاه شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي، بقصيدة عن العهد الحميدي قال فيها:
وقد بعث الله الخليفة رحمة...إلى الناس إن الله للناس يرحم
أقام به الديان أركان دينه...فليست على رغم العدى تتهدم
وصاغ النهى منه سوار عدالة... به إزدان من خود الحكومة معصم
وكم لأمير المؤمنين مآثر... بهن صنوف الناس تدري وتعلم
ويشهد حتى الأجنبي بفضله... فكيف يسيء الظن من هو مسلم
سلام على العهد الحميدي إنه... لأسعد عهد في الزمان وأنعم


هناك تعليق واحد: