إرباك الرئيس.. وحصاره!
طلعت رميح
(
كاتب ومحلل سياسي مصري
في الأيام الأخيرة صار واضحا أن هناك محاولة مستميتة متصاعدة لعزل الرئيس عن وزير دفاعه وعن الجيش المصري، وأن هناك سعيا مبرمجا لإحداث قدر متزايد من الانعزال النفسي وصولا إلى حالة الصراع بينهما.
لقد جرى إطلاق شائعات متواترة حول اعتزام الرئيس عزل وزير الدفاع الحالي، وعن أن الرئيس كان قد احتجز المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان خلال وجودهما في القصر الجمهوري، وأنه ذهب إلى غرفة مجاورة ليحلف وزير الدفاع الحالي اليمين القانونية أمامه، ثم عاد بعدها ليبلغ الرجلين بإعفائهما من منصبيهما.
وكلا الشائعتين لاشك تستهدف إثارة قدر من الغضب من د.مرسي لدى العسكريين وتفتح فجوة سياسية ونفسية بينه وبينهم.
لقد بدأت الحركة المناهضة والساعية لإقصاء الدكتور مرسي - وإن لم تتمكن في تعطيل قدرته على الإنجاز والحكم عبر إرباكه
– بحديث ومناوشات إعلامية مع الرئيس حول مدى الوفاء بخطة التسعين يوما التي كان أعلن عنها في برنامجه الانتخابي، وتطور الأمر من بعد لعزل الرئيس عن الجمهور العام من خلال الضغط باستمرار على ولائه للإخوان لا للدولة ولا للشعب ولا لمصر
– وكان هناك تعارض –
ووصلت الأمور إلى التظاهر وحصار القصر الذي يحكم منه الرئيس وإسالة الدماء هناك – صناعة ميدان تحرير مزيف -
ــ وتعمد إهانة الرئيس من خلال الشعارات المكتوبة على أسوار القصر أو قذف سيارته بالحجارة أو محاصرة القصر ليل نهار.
وجرى الحديث المباشر حول رفض الدستور لعدم شرعيته وأن الرئيس يفقد شرعيته إذ يحكم استنادا إلى دستور لا يحظى بالتوافق بين مختلف القوى، وأطلقت دعوات لإسقاط الرئيس انتهت لاحقا إلى الضغط لإجراء انتخابات مبكرة..
وهكذا حتى وصلنا إلى تلك اللحظة التي دعي فيها د.محمد البرادعي إلى حوار مع الرئيس بشرط حضور وزيري الدفاع والداخلية، وهو ما كان بداية لخطوة الفصل بين الرئيس والمؤسسة العسكرية (أضيفت وزارة الداخلية لعدم الظهور بمظهر الداعي لعودة العسكر للحكم).
لقد استهدفت مناورة د.البرادعي، بداية زرع الاختلاف بين الرئيس ووزير دفاعه، وإدخال لغة التنافس والصراع على المكانة في الحكم بينهما، وإرسال إشارات من أطراف المعارضة للقبول بدور للعسكريين مواز لدور الرئيس وأن المعارضة تقبل بدور للعسكريين أعلى من قبولها بمشروعية حكم الرئيس.
وجاءت شائعة تعامل الرئيس مع المشير ورئيس الأركان على طريقة أفلام هوليوود،لإحداث شعور بالإهانة للعسكريين في الخدمة وخارجها لفرض حساسية العسكري حين يحكمه ويتحكم فيه المدني ولإظهار أن الرئيس متآمر وأن وزير الدفاع كان شريكا في تلك المؤامرة أو أن الرئيس خدعه.
وجاءت شائعة نية الرئيس إقالة وزير الدفاع مستهدفة جذب الوزير إلى صف جبهة الإنقاذ وتطوير رؤية القوى المستهدفة تعطيل الرئيس وإرباكه وتأليب كل أجهزة الدولة ضده.
القول الذي أطلق بأن مصر دولة في طريقها للتصنيف كدولة فاشلة، يكشف البعد الحقيقي للصراع الإعلامي والسياسي والحركي الجاري في مصر.
وفي ذلك تبدو مسألة هدم مؤسسة الرئاسة هي الخطوة وربما هي أكبر الخطوات.
لقد جرى قذف المؤسسة بالحجارة والمولوتوف وجرت محاولة مبرمجة لإعلان قصر الرئاسة غير مشمول بالاحترام، وفي ذات التوقيت تجرى عملية مبرمجة أخرى ضد مجلس الشورى.
هي محاولات لإنهاء دور المؤسستين، لتكون الدولة المصرية مفككة وفاشلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق