الاثنين، 11 فبراير 2013

يا ريــس‏!‏

د. سلمان العودة

لم يعد شجاعة أن يتحدث مواطن مصري بهذه البساطة‏,‏ بينما كان مستحيلا بالأمس أن يخاطب جنديا بشريط دون ألقاب تبجيلية‏!‏
يحتفظ السيد جوجل بآلاف الصيغ الموجهة للرئيس تبدأ باسمه المجرد, أو ياسي مرسي, يا دكتور, وتنتهي بألقاب الفخامة.. ومن الشيخ محمد حسان, أو من هالة سرحان, إلي مواطن عادي يصرخ في صفحته بالفيس بوك قائلا: لن أعترف بك رئيسا, وسأكون أول المعارضين. ولن تتم محاكمته تحت ذريعة خلع البيعة لـأمير المؤمنين كما يحلو لبعضهم أن يقول; وكما حدث في دول مجاورة!
منذ أداء القسم الرئاسي وأحلام المصريين قد أطلقت من سجونها.. وعيونهم تفتحت علي شارع غير مسفلت, أو غير مرصوف, أو غير مضاء, علي مستوي متواضع للمعيشة, علي بطالة تقتل روح الشباب.. ثلاثة أرغفة من الخبز هي ما يملكه المواطن البسيط, وأحيانا مش لاقينهم!.شعب لا يريد أن يخدع مرة أخري, أصبح يدقق في القرار.. ويتساءل عن سر اختيار الوزير والنائب والمدير والمستشار. وهناك مواطن بني أملا كبيرا دون أن يضرب له أجلا.. وصدم حين لم يجد التغيير السريع الذي كان ينشده.
محاكمة قتلة الثوار.. مطلب عادل.. علي أن استقلال القضاء وحمايته من تدخل السياسة وفصل السلطات من أهم ضمانات الحرية المسئولة. وحكومة توافق وطني.. ضرورة.. علي أنها يجب أن تكون حكومة توافق وطني فعلا بكافة الأطياف والأحزاب.. المؤيدة والمعارضة.. ونجيب ساويرس يطالب الرئيس بوقف حملات تشويه الرموز المعارضة والوطنية..! ويجب أن نكون ضد تشويه الشرفاء أيا كان موقعهم.. علي أن حماية الحريات الإعلامية هي الأخري مطلب وطني.. وجماعة بلاك بلوك الكتلة السوداء المدعومة ماليا من أطراف مشبوهة, تتوعد بالرد وتهدد.. ولا تنسي أن تستخدم لفظ الحرية والقصاص لتغطية وعيدها.
رسالة اشتراكية تذكر الرئيس بأن فوزه كان كراهية لغريمه, وأن انتخابه لم يكن كاسحا, وبعضهم اختاروا المر علي ما هو أمر منه! والشاعر عبد الرحمن الأبنودي يعبـر عن مخاوف جيل ذاق الاستبداد: السلطة تغري وتغري.. لذيذة بنت اللذينا
أول يومين تمشي دغري.. ثالث يوم تبيع المدينة
الشيء المريح حتي الآن أن الشعب الذي انتظر ثلاثين سنة ليضع يده علي أرصدة بالمليارات لرئيس سابق, تعرف قانونيا علي الذمة المالية لرئيسه الجديد.. ومن حق المصري أن يحلم بوطن جميل لا يظلم فيه أحد, ولا تداس كرامته تحت أي ظرف.. والجماهير كلها يمكن أن تسير بحماس علي وقع هذا الحلم الجميل. ولا يريد المواطن المسحوق أن يكون متفرجا علي مباراة لا يسجل فيها أي فريق أهدافا بقدر ما يسعي إلي إفشال المباراة! ومن داخل حزب الحرية والعدالة صوت عاقل يطالب بإعلان معالم المرحلة القادمة, وكشف خارطة الطريق, أن يسمع الشعب صوت الأمل والتفاؤل وانطلاق شارة العمل والبناء والتوافق الوطني.
دعونا نتفاءل باستقرار أمني ليس هو الغاية, بل هو المناخ الذي يسمح بإعادة بناء مصر العظيمة. وبناء مصر مسئولية الحكومة والمعارضة معا.. وإذا كان المشروع هو تعويق المرحلة الحالية.. فعلينا أن نتخيل الحال بعد أربع سنين وقد وصلت المعارضة إلي سدة الحكم, وخرجت جماهير هادرة إلي الشوارع تهتف ضد رئيس منتخب ولو بنسبة50.5% وتشكك في مصداقيته.. ولن يكون ممكنا استخدام القبضة الأمنية.. ولا وصفهم بأنهم أميون وجهلة لا يستحقون الديمقراطية.
أن نقيم مملكة العدل في ضمائرنا.. وأن نستعين عليها بكل مخلص لوطنه أيا كان انتماؤه, هو العصمة لمستقبل مصر. والحرية يساء استخدامها, والعلاج هو ضخ المزيد منها دون قلق. وعلي الصبر أن يصبر إلي نهاية التفويض الشعبي ثم يحاسب أو يعاقب. ومطلوب من الرئيس أن يسمع صوت المعارضة والنقد, وعليه أيضا أن يسمع صوت الأكثرية. ومطلوب أن يسمع أصوات المكبرات وهدير الشاشات, وعليه أيضا أن يسمع الهمس الخافت والمتعب في القري والكفور. ومطلوب أيضا من كل مخلص لمصر أن يفرق بين صوت الرصاص والمولوتوف, وبين صوت المعارضة السلمية الراشدة التي أصبحت منذ اليوم الأول لنجاح الثورة جزءا أساسا في المشهد السياسي.
twitter@salman_alodah


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق