السبت، 16 فبراير 2013

عتاب غاضب


عتاب غاضب

alt



تلقيت عتابا غاضبا من الدكتور حسن الشافعي رد فيه على انتقادي لما اعتبرته محاكمة غير لائقة للرئيس الإيراني أحمدى نجاد بالأزهر في مقالة الثلاثاء الماضى (14/2). وقد أخذ علي الدكتور الشافعى أمرين:
لغة النقد وموضوعه. وقبل أن أعرض لما قاله أذكر أن صاحب الرسالة عالم كبير من الأساتذة المعدودين المتخصصين في الفلسفة الإسلامية، وإلى جانب كونه رئيسا لمجمع اللغة العربية وعضوا في هيئة كبار العلماء، فهو أيضا كبير مستشاري شيخ الأزهر. وعلى المستوى الخاص فإنني لا أخفى أن بيننا مودة ممتدة، وقد تعلمت من علمه وخلقه الكثير الذي أعتز به وأحرص عليه.
في عتابه قال الدكتور حسن الشافعى ما يلي:
- إنه ما كان لي أن «أستهجن» ما جرى في ذلك اللقاء، الذى طرحت فيه على الرئيس الإيراني قائمة من الأسئلة، منها ما تعلق بالموقف من الصحابة ومن السيدة عائشة، ومنها ما يتعلق بنشر التشيع في مجتمعات أهل السنة، ومنها ما خص أهل السنة في إيران، أو موقف الدولة الإيرانية من عرب منطقة الأهواز. واعتبر أن لفظة الاستهجان التي استخدمتها لم تكن لائقة، وأن مشيخة الأزهر لا ينبغي أن تخاطب بمثل هذا الأسلوب «الجارح والفظ».
- أنه لا ينبغي أن يستكثر على شيخ الأزهر أن يوجه الأسئلة التي وردت في اللقاء على الضيف، بما في ذلك حقوق أهل السنة في إيران الذين استغاثوا بالأزهر. وإذا كان السيد حسن نصر الله يتحدث في الموضوع نفسه، وإذا جاز لعلماء طهران أن يتحدثوا في المسألة السورية، فلماذا يكون ذلك الكلام حلال عليهم وحرام علينا؟
- إن الأزهر لا شأن له بالحرام السياسي أو الحلال السياسي، وهو يقف مع ما أحل الله وحرم (وقد أعلنا على الأشهاد حبنا لآل البيت، حبا حقيقيا لا مذهبيا، كما أننا رفضنا سياسات عزل إيران وتهديدها، وأيدنا تقارب الدولتين، ولكننا ذكرنا للإعلاميين ما طرحناه في اللقاء، ولم ندَّع أنه كان موضع قبول من الوفد الزائر. وهذا حقنا بل واجبنا. ولا يحق لأحد استهاجنه أو الاعتراض عليه. وما لم يحترم حملة القلم مؤسسة الأزهر. فقد يأتي حين على مصر تتلفت حولها فلا تجد الملجأ الأمين).
تعليقي على رسالة الدكتور حسن الشافعي كالتالي:
- إن انتقادي لم يكن لمؤسسة الأزهر ولكنه كان منصبا على واقعة محددة حدثت في رحابه، وذلك لا ينبغي أن يحمل بحسبانه تعبيرا عن عدم احترام الأزهر، وإلا كان الترحيب والإشادة هما الدليل الوحيد على توافر ذلك الاحترام.
- إنني لم أعترض على مبدأ توجيه الأسئلة المحرجة إلى الرئيس الإيراني، وقد ذكرت في النص المنشور أن بعضها (ربما كان صحيحا وواجب الطرح)، ولكن اعتراضي انصب على أنها وجهت إلى الرجل غير المناسب؛ فالرئيس الإيراني ليس مرجعا دينيا، وبأسلوب غير مناسب وفي المكان غير المناسب. وقلت إنه إذا لابد من توجيه الملاحظات أو تسجيل التحفظات فذلك مكانه في اجتمعات الطرفين وليس البث التليفزيوني على الهواء. وزعمت أن استعراض الموقف بهذه الطريقة لم يكن مقصودا به حل أي مشكلة، بقدر ما أنه كان تعبيرا عن موقف سياسي ينطلق من التقاطع وليس التوافق.
- إن أستاذنا الشافعي قال إن الكلام في الشأن العام والسياسى منه مباح لحزب الله في لبنان ولعلماء طهران، ولكن يراد له أن يحرم على الأزهر فيما كتبت، وفاتته ملاحظة أن حزب الله حزب سياسي وأن علماء طهران يتحدثون باعتبارهم سلطة تحكم وتستمد شرعيتها من فكرة ولاية الفقيه. في حين أن الأزهر مؤسسة دعوية ومنارة معرفية بالدرجة الأولى، وأخشى أن يصرفها انغماسها في الشأن السياسى عن مهمتها الأولى والأهم.
- إنني لا أتردد في الاعتذار للدكتور حسن الشافعي؛ لأنه اعتبر استخدامي لفظة «الاستهجان» أمرا غير لائق، وتعبيرا عن سوء الأدب ووجده «جارحا وفظا».
وقد ذكرني غضبه بواقعة عمرها أكثر من ثلاثين عاما، إذ عنفني الأستاذ أحمد بهاء الدين ذات مرة في أحد الأعمدة التي كانت تنشرها له جريدة الأهرام.
ولم يشر إلى اسمي لكنه ضاق بنقد كتبته واختلفت معه في قراءته للحالة الإسلامية. ولأنني كنت أحمل له مشاعر مودة وتقدير كتلك التي أحملها للدكتور الشافعى، فقد أرسلت إليه برقية من الاسكندرية وقتذاك استرضيه فيها وكانت من ست كلمات هي: من حق المعلم أن يكون مؤدِّباً.
وهي ذات الكلمات التي أختم بها تعليقي على عتاب الدكتور حسن، مهتديا في ذلك بعبارة سمعتها من القاضي والفقيه الراحل المستشار عبدالحليم الجندي رئيس مجلس الدولة الأسبق قال فيها: أخسر قضيتي ولا أخسر صديقي، والدكتور الشافعي ليس صديقا فحسب، ولكنه معلم أيضا. لذلك فالحق معه مهما قال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق