مسلمو الغرب.. الطريق لإسقاط أبارتايد القتل
مذبحةٌ في مسجدين في نيوزيلندا. كان الخبر صاعقاً لحجم التوحش الإرهابي الذي شاهده العالم، لكننا اليوم في مقام البحث الفكري عن طريق الإنقاذ لمستقبل المسلمين في الغرب الذين يواجهون اليوم تطوراً كبيراً في زحف الإسلاموفوبيا المتطرّفة. وهذا هو أصل القاعدة لكل تشددٍ يتعرّضون له، وهو ما يتفق، في تقدير صاحب هذه السطور في مقاله في صحيفة "العربي الجديد" عن ظاهرة الأبارتايد، والتي نَفذت بنجاح عملية عزل ثقافي قسري على مواطني الغرب المسلمين، بعد استهداف إعلامي وسياسي واجتماعي، ثم وصلنا اليوم إلى تطوّر في آلية القتل، لتنفيذ مذابح جماعية لأطفالهم ونسائهم ورجالهم، في قلب مسجدٍ للتعبد الروحي.
يأخذنا الوقوف مع بيان الإرهابي المنفذ، وبعض التفاصيل، إلى مسارٍ مهم، لم تتوسع فيه الثقافة العربية، وإن سُلّط عليه الضوء من خطاب إسلامي عاطفي، لكن حجم التفويج فيه، وخطاب ردة الفعل، حجب التحليل السياسي لجذور التطرّف المتشددة في الغرب، وهو هنا يُشير إلى مسألةٍ مهمة للغاية، بأن حالات التطرّف التي مثلتها "داعش" وغيرها، خضعت لدراساتٍ غربيةٍ عميقة، شملت بينة التاريخ والواقع الاجتماعي لكل الوطن العربي. أما في حالة الضحية العربية والمسلمة، فلم تتم هذه المراجعة البحثية، واعتبرت الحوادث الإرهابية التي ذهب فيها المئات من الضحايا المسلمين من مواطني الأوطان الغربية أو المقيمين فيها، بأنها حالاتٌ عشوائيةٌ لا يمكن القياس عليها، على الرغم من أنها تشير إلى تتابع مضطرد.
وكان هذا التجاهل الذي شاركت فيه أنظمة الاستبداد العربي، والحكومات الغربية ذاتها، يجد صدىً لدى بعض المثقفين العرب، بحكم أن الدولة المدنية في الغرب، والتي حققت نموذجاً متقدّماً للحقوق الدستورية والحريات، لا يُقاس بما تفعله سياساتها في العالم الجنوبي، وإدارتها الحروب أو التدخل، لضمان تدفق مصالحها على الحالة الوطنية في بلدانها، فبالتالي هذه حالاتٌ فرديةٌ، لا ثقافة متطرّفة أو إرهابية، إنما سلوكٌ حادٌّ، حتى لو ذهب ضحاياها المئات، وهكذا
كانت توارى الصفحات، ويُتجاهل المشهد، ثم تعود دورة جديدة أعنف للإسلاموفوبيا، وهي دورةٌ إعلامية وسياسية قبل الفعل الإرهابي، حدّدنا مسار التغذية لها سابقاً في جناحي التطرّف الغربي، اليمين العنصري الذي يتلاعب بتوظيف الفكرة الدينية، التي لا تصدر حقيقةً من مؤسسات كنسية، بقدر ما تغذّيها آلة التطرف العنصري، وإن وجدت مشاريع تبشيرية ضخمة، ترى في النيْل من الإسلام كفكرة، ومن محاصرة وجوده في الأرض الغربية بعداً دينياً، غير أنّ محرّكي اللعبة هم ساسة أكثر منهم رجال دين. والجناح الثاني، التيار الجنساني المتطرّف، الذي يستهدف المسلمين حصرياً بهجوم مركزي، ينتزعهم من أي سياقٍ إنساني، معتمداً على فكرة الإلحاد، ورفضه مفهوم الإسلام للأسرة وتضامنها وودها في الرسالة الأخلاقية والوجودية بين الرجل والمرأة، وبينهم وبين أطفالهم.
لماذا نعود إلى هذه المنهجية الغربية المتفاعلة اليوم، أمام ضحايا العمل الإرهابي؟ لأنه عبر التأصيل البحثي المجسّي، يتضح لنا كيف أن هذه الثقافة تتصاعد في الدول الغربية، عبر ماكينة الإسلاموفوبيا، وأن الاحتواء العاطفي الموسمي ينتهي، بعد كل حادثة، وتعود الدورة لتمنع أي تشريعات، أو منظومات أخلاقية، تحمي المسلمين باعتبارهم مواطنين دستوريين أو مقيمين، ويتم التواطؤ من جديد، وما لم تواجه هذه الآلية، فلن تتوقف ظاهرة الأبارتايد.
وهنا ونحن نقف على تحديد هذا المسار، نُشير إلى لعبةٍ سياسيةٍ تستغل بها أحزاب عديدة هذه المواسم، لضمان الحفاظ على كتلة أصواتها من المسلمين، ثم تخدعهم، وتُلقي بهم تحت أقدام الإسلاموفوبيا. ومع الأسف، أن بعض من يساعد اللعبة السياسية القذرة في الغرب هم من
الفعاليات الإسلامية. ربط التسامح والتعاضد المدني الاجتماعي، والشراكة مع المجتمعات المدنية في الغرب، التي تقف موقفاً جميلاً ومنصفاً من الجرائم التي يتعرّض لها المسلمون، لا علاقة له بالموقف من الحزب أو القوة السياسية أو المؤسسة الإعلامية أو الثقافية المنحازة والمحرّضة أو المسهّلة لاستهداف المسلمين، هذه من أهم الحقائق التي يحتاج أن يعيَها مسلمو الغرب، فكونك مواطناً حضارياً أخلاقياً، شريكاً في هذا المجتمع، لا يعني أنك تتساهل مع السياسي، والإعلام المحرّض على حريتك وعلى سلامتك وسلامة أطفالك.
هنا يبرز لنا المدخل الأهم، وهو إشكالية تخلف المجتمع المدني لمسلمي الغرب، عن التقدّم المطلوب والمباشر، لتحقيق معادلة قوتهم المدنية. وزادت من هذه الإشكالية، عودة بعض الخطاب المسلم في الغرب إلى التجاوب مع حديث البروباغندا المحتقن في الشرق، وتحويل معركتهم ضمن طاقة الحرق الإعلامي الفاشل الذي لا يُساهم أبداً في حماية مستقبل المسلمين في الغرب، ولا يُشكّل أي رافعة لأزمات الشرق.
وعدم وعي أن عزل أزمات الشرق لا يعني افتراق الوجدان الأممي، وإنما ترك مواطني
الغرب المسلمين، لصناعة قوتهم الحقوقية، ومستقبل أجيالهم، بدلاً من تعريضهم لتوظيفٍ قذر من قوى الإسلاموفوبيا التي تربطهم بتركيا. ولذلك يجب التنبيه إلى أن محاولة بعضهم ربط مسلمي الغرب كرعايا للرئيس التركي أردوغان أو العثمانية الجديدة أمر خطير وسلبي، سيضر بمواطني الغرب المسلمين، ويفتح عليهم إشكالات كبرى، بغض النظر عن حق الموقف الشخصي لكل فرد منهم، أو عن انحياز الغرب ضد تركيا.
أما البعد الثاني، فهو تجميع كل قدراتٍ ممكنة في الغرب، قُطرياً أو وفق تنسيقاتٍ تجمعهم في كونغرس عام، كون أن الإسلاموفوبيا ظاهرة كراهية شاملة، تعيشها كل الدول الغربية، تمكّنت كلياً من أستراليا، وتتصاعد حتى في كندا. هذا التجمع يحتاج اليوم لصناعة أرضية الحقوق والدفاع المدنية، التي تهدم أسوار الأبارتايد، عبر صناعة خطاب وتنشئة أجيال تحمل مشروع المواطنة، وذات قناعة برسالة الإسلام الأخلاقية والفكرية لتنوير البشرية، ومن ثم تتحوّل قناعتهم لقوة تؤثر سياسياً واجتماعياً، مع التركيز على التعاون المدني مع كل أطياف الغرب الإيجابية، لا إحراق قضيتهم في اللعبة السياسية التي تسدّد من حقوقهم ودمائهم.
وكان هذا التجاهل الذي شاركت فيه أنظمة الاستبداد العربي، والحكومات الغربية ذاتها، يجد صدىً لدى بعض المثقفين العرب، بحكم أن الدولة المدنية في الغرب، والتي حققت نموذجاً متقدّماً للحقوق الدستورية والحريات، لا يُقاس بما تفعله سياساتها في العالم الجنوبي، وإدارتها الحروب أو التدخل، لضمان تدفق مصالحها على الحالة الوطنية في بلدانها، فبالتالي هذه حالاتٌ فرديةٌ، لا ثقافة متطرّفة أو إرهابية، إنما سلوكٌ حادٌّ، حتى لو ذهب ضحاياها المئات، وهكذا
لماذا نعود إلى هذه المنهجية الغربية المتفاعلة اليوم، أمام ضحايا العمل الإرهابي؟ لأنه عبر التأصيل البحثي المجسّي، يتضح لنا كيف أن هذه الثقافة تتصاعد في الدول الغربية، عبر ماكينة الإسلاموفوبيا، وأن الاحتواء العاطفي الموسمي ينتهي، بعد كل حادثة، وتعود الدورة لتمنع أي تشريعات، أو منظومات أخلاقية، تحمي المسلمين باعتبارهم مواطنين دستوريين أو مقيمين، ويتم التواطؤ من جديد، وما لم تواجه هذه الآلية، فلن تتوقف ظاهرة الأبارتايد.
وهنا ونحن نقف على تحديد هذا المسار، نُشير إلى لعبةٍ سياسيةٍ تستغل بها أحزاب عديدة هذه المواسم، لضمان الحفاظ على كتلة أصواتها من المسلمين، ثم تخدعهم، وتُلقي بهم تحت أقدام الإسلاموفوبيا. ومع الأسف، أن بعض من يساعد اللعبة السياسية القذرة في الغرب هم من
هنا يبرز لنا المدخل الأهم، وهو إشكالية تخلف المجتمع المدني لمسلمي الغرب، عن التقدّم المطلوب والمباشر، لتحقيق معادلة قوتهم المدنية. وزادت من هذه الإشكالية، عودة بعض الخطاب المسلم في الغرب إلى التجاوب مع حديث البروباغندا المحتقن في الشرق، وتحويل معركتهم ضمن طاقة الحرق الإعلامي الفاشل الذي لا يُساهم أبداً في حماية مستقبل المسلمين في الغرب، ولا يُشكّل أي رافعة لأزمات الشرق.
وعدم وعي أن عزل أزمات الشرق لا يعني افتراق الوجدان الأممي، وإنما ترك مواطني
أما البعد الثاني، فهو تجميع كل قدراتٍ ممكنة في الغرب، قُطرياً أو وفق تنسيقاتٍ تجمعهم في كونغرس عام، كون أن الإسلاموفوبيا ظاهرة كراهية شاملة، تعيشها كل الدول الغربية، تمكّنت كلياً من أستراليا، وتتصاعد حتى في كندا. هذا التجمع يحتاج اليوم لصناعة أرضية الحقوق والدفاع المدنية، التي تهدم أسوار الأبارتايد، عبر صناعة خطاب وتنشئة أجيال تحمل مشروع المواطنة، وذات قناعة برسالة الإسلام الأخلاقية والفكرية لتنوير البشرية، ومن ثم تتحوّل قناعتهم لقوة تؤثر سياسياً واجتماعياً، مع التركيز على التعاون المدني مع كل أطياف الغرب الإيجابية، لا إحراق قضيتهم في اللعبة السياسية التي تسدّد من حقوقهم ودمائهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق