السبت، 30 مارس 2019

من احسان الفقيه… إلى المُحمّدين، ابن زايد وابن سلمان

من احسان الفقيه… إلى المُحمّدين، ابن زايد وابن سلمان

23 مارس، 2019
إحسان الفقية


كان سديف بن ميمون مولى اللهبيين يقول: «اللهمّ قد صار فَيْئُنا دولة بعد القسمة، وإمارتنا غلبة بعد المشورة، وعهدنا ميراثا بعد الاختيار للأمة، واشتُرِيَت الملاهي والمعازف بسهم اليتيم والأرملة، وحُكٍّم في أبشار المسلمين أهل الذمة وتولى القيام بأمورهم فاسق كلّ محلّة، اللهمّ وقد استحصد زرع الباطل وبلغ نهايته واجتمع طريده، اللهمّ فأتِح له يدا من الحق حاصدة تبدد شمله وتفرّق أمره ليظهر الحقّ في أحسن صوره وأتم نوره»

إلى من يقبض (فعليا) على زمام الأمر في السعودية والإمارات..
الى المُحمّدين .. ابن الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العرش السعودي
والى ابن الشيخ زايد ولي عهد ابوظبي ..

السلام على من اتبع الهدى..

أكتب غير جازمةٍ بأن تصل إليكما رسالتي، غير أن منهجي (النداء، وعلى ﷲ البلاغ)..
أكتب من باب قول الحق وإعذارًا إلى ﷲ، رغم أن رسالة كهذه ربما تُعرّضني لسخرية قرائي الذين يرون عدم الجدوى من مثل هذا الخطاب، أو يرون أنه من السخف أن تطمع كاتبة هاوية في تغيير مسار حُكامٍ ونهج أنظمة الحُكم في دول، ولكني كما أسلفت، أبذل الجهد، وأما النتاج فليس إلي، والله يهدي من يشاء، فقد قال ابن المعتز: « إن للحق أن يتضح وللباطل أن يفتضح».

أكتب إليكما ناصحةً، فلستما أخبث من فرعون، ولستُ أنا بأفضل من موسى وهارون عليهما السلام : {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ}، وسوف أتخلى عن ألف وياء المثنى وأخاطبكم بصيغة الجمع لا تعظيمًا، معاذ الله أن أُعظّم ظالما، ولكن حتى لا تملّ أعينُ القرّاء.

متى تُدركون أن سلطانكم إلى زوال، وسطوتكم إلى فناء، فلا تقيكم جنودكم من عذاب الآخرة، ولا أموالكم التي أخذتموها من ثروات شعوبكم بالتي تقربكم إلى الله زلفى..فإنما تندمل من المظلوم جراحه إذا انكسر من الظالم جناحه.

فإن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فسوف يجردكم الموت من كل شيء، وحينها تُسألون عن شعوبكم، عن دينكم، عن أمتكم، فهل أعددتم للسؤال جوابًا؟

أين فرعون وهامان وقارون، وأين النمرود بن كنعان، وأين الأكاسرة، أين القياصرة، هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزا؟ كلهم تحت التراب، أكلهم الدود وصاروا عظامًا بالية، ثم يعودون إلى بداية خلقتهم، من تراب.
يا من يُخاطبُنا جُندكم الالكترونيين في تويتر وغيره، بأبشع الألفاظ إذا ذكرنا أسماءكم بمعرض النقد او اذا أغفلنا تبجيلكم فوق إجرامكم بقول بعضهم لنا: ( كُل تراب) اي اخرس؛
لا تنسوا أنكم أيضا من تراب وستأكلون معنا التراب.. ولو بعد حين!
أَتَيْتُ الْقُبُورَ فَنَادَيْتُهَا … أَيْنَ الْمُعَظَّمُ وَالْمُحْتَقَرْ
وَأَيْنَ الْمُلَبِّي إِذَا مَا دَعَا … وَأَيْنَ الْعَزِيزُ إِذَا مَا افْتَخَرْ
وَأَيْنَ الْمُدِلُّ بِسُلْطَانِهِ … وَأَيْنَ الْقَوِيُّ إِذَا مَا قَدرْ

لكنكم ظلمتم العباد، وموّلتم الانقلابات على إرادة الشعوب، وأغلقتم المساجد وأطلقتم المسارح، عاديتم الصالحين والمصلحين وقمعتموهم بحجة الإرهاب، أودعتم كل ناصح أمين خلف القضبان، وأدنيتم الرويبضات وأنصاف الرجال والمفسدين في الأرض، استحللتم أموال الناس وأكلتموها بالباطل، ونسيتم أن الحاكم موظف لدى شعبه، ركّعتم شعوبكم للأمريكان والصهاينة، عاديتم الصديق وصادقتم العدو، وقد قال صاحب سراج الملوك : «بالسلطان الجائر تفسد البلاد والعباد، وتقترف المعاصي والآثام وتورث دار البوار، وذلك أن السلطان إذا عدل انتشر العدل في رعيته وأقاموا الوزن بالقسط، وتعاطوا الحق فيما بينهم، ولزموا قوانين العدل فمات الباطل وذهبت رسوم الجور، وانتعشت قوانين الحق فأرسلت السماء غياثها، وأخرجت الأرض بركاتها، ونمت تجارتهم وزكت زروعهم وتناسلت أنعامهم، ودرت أرزاقهم ورخصت أسعارهم وامتلأت أوعيتهم»

فكم روّج لكم منبر عميل، وقلم مأجور، ولسان متزلف، وفرِحْتُم بمن يحمل نعالكم ويُسبّح بحمدكم، بل وكافأتم من يعتبر “بَوْلَكم” علاجا للأمراض ومَصْلا للسموم، لكنكم أصابكم الصّمم عن ملايين الألسنة في الأمة تطلق سهام الدعاء عليكم، لقد كان معاوية بن سفيان يقول: «إني لأستحيي أن أظلم من لا يجد عليّ ناصرا إلا الله»، ولما دارت الدائرة على يحيى بن خالد البرمكي في عهد الرشيد، قال له بعض بنيه وهم في السجن والقيد: يا أبت بعد الأمر والنهي والنعمة صرنا إلى هذا الحال؟ فقال: يا بني، دعوة مظلوم سرت بليل ونحن عنها غافلون ولم يغفل الله عنها.

كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عمّاله: «أمّا بعد، فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم فاذكر قدرة الله عليك وفناء ما تؤتي إليهم وبقاء ما يؤتون إليك، والسلام..»؛
أفما آن الأوان أن تفيقوا من نشوتكم وغيبوبتكم؟
ألا تودون أن يستغفر لكم الناس وأنتم على عروشكم؟
ألا تحبون أن يمدحكم الشرفاء، ألا تشتاقون إلى أن يتخندق معكم وحولكم الأنقياء؟
هل تُدركون او تعرفون من هم الأنقياء؟
الا تخلجون من نوع الذين يُدافعون عنكم ويتعصّبون لكم، فما بين تافه وسخيف وأحمق وأخرق وسفيه يشتم الخلق ويطعن أعراض من يخالفكم، ضاعت بوصلتكم وسقطت مهابتكم، فلا من مُحب لدينه ولا من مُخلص لوطنه في جوقة من يهتفون لكم وبشهادة بعض أشياعكم والمُتكسّبين !
إنما ذم الرعية للملك على ثلاثة أوجه: «إما كريم قصر به على قدره ذلك طعناً، وإما لئيم بلغ به فوق قدره فأورثه ذلك بطراً، وإما رجل منع خصلة من الإنصاف» ، فكيف بكم وقد جمعتم منها كل ذميم من خصال؟!
فيا من غرتكم السلطة والجاه، والسطوة والقوة إنما «مثل السلطان الجائر مثل الشوكة في الرِّجْل، فصاحبها تحت ألم وقلق ويتداعى لها سائر الجسد، ولا يزال صاحبها يروم قلعها، ويستعين بما في ميسورِه من الآلات والمناقيش والإبر على إخراجها، لأنها في غير موضعها الطبيعي»، فإن لم تَقْتَلِعْكم شعوبكم.. قَلَعتْكم قُدرة ﷲ عليكم بالموت، ولسوف يأتيكم الموت بغتة، ويُدْخل كلٌّ منكم القبر وحده، ويُسأل وحده، ويُبعث وحده، كيف أنت في قبرك حين تُسأل يا محمد بن زايد.. من ربك وما دينك ومن نبيك؟ هل ستقول ربي ﷲ وقد تنكّرت لكتابه يا محمد بن سلمان؟ هل ستقول ديني الإسلام وقد عاديته وفصلته عن الحياة؟ هل ستقول نبيي محمد ﷺ وقد وليت سنته ظهرك؟ ودعمت من يكذب عليه مُتعمّدا ويدّعي حُبه وآل بيته ويتسامح مع من يطعن عرض حبيبته وصحبه؟!
كيف أنتم والناس كلٌ يُحاسب على نفسه، بينما أنتم تُحاسبون على رعيتكم فردًا فردًا، كيف أنتم والأنام يتعلقون برقابكم، هذا يقول قتلتني، وهذا يقول اعتقلتني بغير حق، وهذا يقول سلبتني مالي وأخذت حقي، وهذا يقول فرّقت بيني وبين أبنائي، وتلك تقول حرمتني زوجي، وقد قال ﷺ : «ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عزوجل مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه، فكه بره أو أوبقه إثمه، أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة»

مهما بلغت أموالكم، مهلما بلغت تفاصيل رفاهيّتكم، فأنتم موشكون على أن تأتوا الله يوم القيامة من المفلسين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيَقْعُدُ فيُعطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ في النار»

أفيقوا قبل أن يحلّ عليكم غضب من ربكم ويأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون، أقيموا العدل فهو أساس الملك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه ﷲ: «إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة»، فإنما الظلم مؤذن بخراب العمران كما أفرد له في مقدمته ابن خلدون بابا.

إن مهمتكم التي وُكلت إليكم تقتضي حراسة الدين وسياسة الدنيا بالدين، ولئن أقمتم العدل بين الناس فلن يكون هناك إرهاب ولا تطرف، كفوا عن موالاة أعداء الله على حساب أبناء الدين والأرض، استقووا بشعوبكم لا تستقووا عليها ببلاك ووتر ومرتزقة لا يدينون بدينكم، ثروات البلاد ليست مُلككم ولا مُلْك آبائكم، إنما هي ملك الشعوب، فأغنوا الرعية ولا تفقروهم، وأطعموهم قبل أن يأكلوكم، وتذكروا ما كتبه أرسطاطاليس إلى الاسكندر موصيا ومحذرا: «املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها، فإن طلبك ذلك منها بإحسانك هو أدوم بقاء منه باعتسافك، واعلم أنك إنما تملك الأبدان، فتخطّها إلى القلوب بالمعروف، واعلم أن الرعية إذا قدرت على أن تقول، قدرت على أن تفعل، فاجهد ألا تقول تسلم من أن تفعل»، واللبيب بالإشارة يفهم، والسلام على من اتبع الهدى، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق