الثلاثاء، 19 مارس 2019

السيسي رائداً للخطاب "القفويّ" في العصر الحديث

السيسي رائداً للخطاب "القفويّ" في العصر الحديث


 عمار الكاغدي
للوهلة الأولى بدا الأمر للجميع محض مصادفة، أو ربّما كان محض ارتجال ركيك في الشّكل يتماشى مع ما ينطقه الرّجل من مضمونٍ هو الرّكاكةُ بعينها، وكيف لا يكون الباطل لجلجاً على لسان النّاطق الرّسميّ باسمه!

ولكن ما لبث الأمر أن تكرّر وعلى الهواء مباشرةً مرّةً فمرّة، ويبدو أنّ ما تكرّر قد تقرّر بالفعل كنهج جديد، وأسلوب عتيدٍ من أساليب الخطاب غير المسبوقة، أسلوبٌ يتشكّل في ذهن المتلقّي علامةً فارقةً بحقّ.

فكما اشتُهر جمال عبد النّاصر بخطاباته الرّنّانة، وكما عُرِف القذّافي بذكاءاته المتعدّدة، وكما عُهِد عن صدّام عنتريّاته السّاديّة، يبدو أنّ رحم الاستبداد الولود الحقود، وفي طفرةٍ جينيّة عصيّة على الفهم والإفهام بدورها، قد لفظت إلى عالمنا المسكين نمطاً جديداً من أنماط التّخاطب البشريّ، ألا وهو "الخطاب القفويّ". 


أفلا يستحيي السّيسي ذو الخلفية العسكريّة من مخاطبة النّخب المحشودة بقفاه الميمون وهو جالس على كرسيّ؟! كيف يمكن لرجلٍ يمسك فعليّاً بزمام دولة بأجهزتها أنْ يتهيّب من مواجهة بضع عشرات أو مئات من المصفّقين المطبّلين؟!

أم أنّ الحقيقة أنّه يستحيي من مخاطبتهم وجهاً لوجه، مع ما يتخلّل ذلك من تصفّحٍ للوجوه المشتملة بالضرورة على ضعف عددها من العيون الفاحصة تصديقاً أو تكذيباً، النّاظرة إكباراً أو احتقاراً؟! الأمر إذاً يحتاج إلى شجاعةٍ بالفعل.

ولكن، إن كنت مهتمّاً بدراسة السّيسي على اعتباره رائداً لـ"الخطاب القفويّ" في العصر الحديث، فكن على يقينٍ بأنّه لن يكون بمقدورك فصل لغة جسد السيسي عن لغة نفسه المكنونة، وربّما توصّلتَ بعدها إلى خليط من الأعراض والإيحاءات يسترعي الانتباه ويتجلّى في:

• الاستعصاء عند بداية الكلام.
• أنا ضعيف ولكنّني قويّ!
• أفضّل التّواري ولكن أعشق الرّياء!
• عدم الإحساس بالأمن.
• فقدان الثّقة بالذّات.
• اهتزاز الثّقة بالمحيط وبالمقرّبين بالذّات.
• شدّة التعرّق.
• الاستعصاء أثناء الكلام.
• تسارع في ضربات القلب.
• الكذب المتسلسل الفاقع.
• الفرعونيّة القميئة.
• الاستعصاء كخاتمة حتميّة للكلام.

والسّؤال الجادّ المطروح هنا: ما الذي يجبر شخصاً كهذا على الظّهور على الملأ؟ ولم لا يجاري سيرة أقرانه من الزّعماء العرب في عدم الظهور العلنيّ، إلّا في الملمّات وشدائد الأمور؟ لا بدّ من وجود تفسيرٍ علميّ لهذه الظّاهرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق