كنيس الشيطان..و أبناؤه..
بقلم د. محمد عباس
نعم .. كنيس الشيطان و أبناؤه .. و ليس هذا رأينا – نحن المتطرفين الإرهابيين !!- فيهم.. بل هو متخذ من أقوال المسيح عليه السلام عنهم والتي أشرت إليها في الجزء الثالث من مقال " إمبراطورية الشيطان منقولة عن الكتاب الشهير:" اليهود وراء كل جريمة"..
فإذا أضفنا لهذا الرأي رأيا آخر لواحد منهم – ليس متطرفا ولا إرهابيا مثلنا – لاكتملت الصورة.. وذلك هو الصحفي البريطاني الشهير روبرت فيسك.. والذي كتب في مقال نشرته له الشعب في عددها الماضي أنه لو كان أفغانيا لقتل كل غربي يتاح له قتله..!!..
ما أريد أن أصل إليه أن الحضارة الغربية التي تقودها أمريكا ليست حضارة مسيحية و أن الصليب الذي يرفعونه ليس رمزا للسيد المسيح.. و أنها حضارة شيطانية لا تخضع مبادئها ولا ممارساتها للدين، أو لدين!! لا في مبادئها الأولي التي أنزلت علي النبي عيسي بن مريم عليه السلام، ولا حتى في المسيحية اليهودية السائدة في بلادهم الآن، وهذا واضح، إلا أنني في هذا المقال أريد أن أثبت أن ممارساتهم تلك لا تخضع للعقل أيضا.. ولا حتى للعقل بمفهومه الغربي.. فإن كانت ليست مسيحية ولا هي عقلانية فلن يبقي أمامنا سوي احتمال واحد وهو أنها حضارة شيطانية..
نعم .. العقل لا يبرر ممارساتهم.. من السرقة إلي الكذب إلي التزوير في كل شئ حتى في ديموقراطيتهم المدعاة والتي يصنعون فيها أغلبية مزورة باتباع ما سماه والتر لييمان الصحفى المرموق والمحلل السياسى الشهير بــ"تدبير الموافقة" أو ما يسميه "نعوم تشومسكى": "صناعة الإجماع ".. وكلاهما أمريكى..
***
في العقود الماضية، كنت كثيرا ما أندهش لحماقات أجهزة الأمن في العالم العربي والإسلامي، كنت أندهش لقدر الغباء الذي تتسم به أكاذيبها وتلفيقاتها وتقاريرها، وكنت أندهش لمدي قصر النظر الذي جعل منها الدب الأحمق الذي يخرب وطنه ..
الآن، بعد ما حدث في 11 سبتمبر والطريقة التي تصرفت بها رائدة الحضارة وراعية حقوق الإنسان إزاءها، أستطيع - وتستطيعون معي - أن نفهم – لا أن نقبل – كل ما مارسته تلك الأجهزة من كذب وتزوير وتلفيق للقضايا.. نستطيع أن نفهمه من خلال واقع مر.. ذلك أن معظم الكوادر العليا في هذه الأجهزة قد تلقت تدريباتها العملية في الولايات المتحدة الأمريكية.. عند الـ CIA و الـ FBI ، ومنهم تعلموا الكذب والتزوير بالصورة الفادحة الفاضحة الفجة الغليظة التي رأيناها أخيرا.. فكيف نعجب إذن إذا كانوا يمارسون ما تعلموه. ذلك أن طريقة تعامل القوة العظمي مع الأحداث كانت لا تختلف عما يمارس في أي وحدة جاهلة غشوم للأمن السياسي في العالم الإسلامي..
التزوير والتلفيق والادعاء المجرم.. وحتي المحاكم العسكرية..
***
في ظل ما يحدث أيضا انكشفت كما لم تنكشف أبدا خيانات أولي الأمر في بلادنا .. لأنه إن جاز للأمة أن تخدع في مرامي الغرب ومقاصده معذورة بالجهل فإن ولاة الأمر لا يعذرون بجهل بل يدانون لعلمهم بما جهلته الأمة وبتواطئهم مع أبناء الشيطان وعبدته ضد الأمة ودينها.
كنا ندهش لذلك عندما افتضح، لكننا وجدنا التفسير.. فكما أن كوادر أجهزة الأمن تتلقي تدريباتها في الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن كوادر الساسة تفعل ذات الشئ.
ولقد بدا كما لم يبد أبدا من قبل كيف مرق هؤلاء و أولئك من الإسلام وهم يوالون أعداء الله علي المسلمين.. فموقفهم بحكم الإسلام ردة وبحكم القانون خيانة عظمي..
ولم تكن الردة والخيانة كل ما ظهر..
فقد بدت خسة ولاة الأمرمتوازيا وكتواكبا مع خسة أمريكا كما لم تبد أبدا..
بدت في موقفهم من المجاهدين العرب في أفغانستان.. في موقف أمريكا.. وفي موقف حكامنا..
بدت للدرجة التي سارع فيه الأوروبيون لاقتراح أن يحاكموا في أوروبا.. لأنهم لو سلموا إلي أمريكا فسوف تحيلهم إلي محاكم عسكرية وقد تقتلهم و إذا أحيلوا إلى بلادهم العربية فسوف يقتلهم حكامهم..
لكم كان ذلك كاشفا ومخزيا ومهينا..
بدت في الموقف من بنات الدكتور أيمن الظواهري الأربع بعد أن ماتت أمهن وشقيقهن محمد..
في ظل ادعاءات حماية حقوق الإنسان والتقدم والحضارة والإنسانية كان موقف أمريكا وحشيا وبشعا فقد رفضت حتى الأسر و أصرت علي قتل الرجال وتسليط أذنابهم من خونة التحالف لاغتصاب النساء..
وفي ظل الانتماء العربي كان صمت حكام العرب مخزيا ومهينا..
في مقال لي منذ أسابيع كنت أضرب المثل علي بشاعة موقف ولاة أمورنا فشبهتهم بالأب الديوث الذي تغتصب بناته أمامه فينكر أنهن بناته خوفا من المغتصبين متظاهرا بالمشاركة في الحفل الداعر..
كان التشبيه مروعا.. للدرجة التي جعلتني أتردد مرات قبل كتابته.. وكنت أخشي من خيالي الجموح وكنت أخشي من أن أظلم..
لكن أياما لم تمر.. حتي كانت سيدتان مسلمتان مصريتان من زوجات المجاهدين يلقي القبض عليهما فتغتصبان وتعذبان وتحرقان ويدعي الكفرة الفجرة أنهما قتلا نفسيهما حرقا..
ولم يتحرك أي أب ديوث.. ولم يحتج ولم يعترض ولم يندد ولم ينطق..
فمن فعلوا ذلك أعضاء في التحالف الشمالي.. أنداده و أقرانه..
ولم تتحرك في أربعة أركان المعمورة من منظمات تحرير المرأة أو حقوق الإنسان منظمة..
إذ يبدو أن الأولي لا تدافع عن الحرية المطلقة ولا عن الحرية كما نفهمها.. بل فقط عن حريتها الجنسية فقط.. فهي منظمات تعهير المرأة لا تحرير المرأة.. أما الثانية فليست سوي منظمات حقوق الإنسان الأبيض المسيحي أو اليهودي..
***
مع الأحداث راحت أقنعة الغرب العفنة تتساقط قناعا خلف قناع..
سقط – علي سبيل المثال - زيف الديموقراطية في العالم الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة الأمريكية..
***
ولقد اكتشفت الأمة فيما اكتشفت – ويا للمفاجأة – أن ما ينطبق علي ممارسات رجال الأمن من تلفيق وكذب وتزوير ينطبق أيضا علي الديموقراطية.
فبعض حكامنا، المتخلفون، الهمج الهامج، يسوقون شعوبهم بالهراوات والسياط والرصاص وتزوير الانتخابات والاستفتاءات.. يزورون بصورة مباشرة..
كنا نري ذلك منكرا.. وكان بعضنا ينظر إلي الغرب في حسد..
الآن نكتشف أن نفس الشىء في جوهره يحدث في الغرب و إن تغير شكله..
نعم.. في الغرب يتم نفس الشئ.. لكن بطريقة غير مباشرة.. بطريقة أكثر خبثا وذكاء ودهاء..بصناعة الإجماع وتدبير الموافقة.. إنهم لا يسوقون الناس إلي صناديق الانتخاب.. ولا يمنعونهم عنها بالهراوات والساقطات.. لكنهم صنعوا الآلية لتشكيل وعي الناس وصياغة وجدانهم.. لتضليل "الرأي العام " حيث تطورت تقنيات الإعلام ، و"التيك أواى" الثقافي، لغزو العالم أو تحطيم ثقافاته .. فآلة الإعلام الجبارة التي في أيديهم تجعلهم قادرين علي إخفاء ما يشاؤون من الحقائق وعلي إبراز ما يشاؤون منها..ويذهب الناس إلي صناديق الانتخاب فيدلون فيها برأيهم سابق التصنيع.. وتصبح الأغلبية المزورة - كما يحدث في بلادنا - ولكن بطريقة أخري معبرة عن الديموقراطية.. بينما الكذب يسربل كل شئ.. ومرة أخري فإن الناس تمارس ما تعلمته وما علمته..
يقول رجاء جارودي في كتابه: أمريكا طليعة الانحطاط:
لقد كانت الديموقراطية دائما ستارا للأقلية ، من ملاك العبيد حتى أساطين المال ، وما كان يسمى "بديموقراطية أثينا" في وقت بيركليس ، و التى كان يضرب بها المثل كأم الديموقراطيات ، لم تكن في الحقيقة سوى سيادة عشرين ألف مواطن حر على مائة ألف عبد محروم من أي حق . إننا أمام حكم الأقلية المستعبدة ، ويسمى "ديموقراطية" . إنها ديموقراطية السادة ، وليست للآخرين .
و يستطرد جارودى : إعلان استقلال الولايات المتحدة ينص على المساواة في الحقوق بين المواطنين جميعا . وعقب هذا الإعلان الحاسم ، تم الحفاظ على العبودية - بالقانون - لمدة زادت على قرن ، وما زالت التفرقة العنصرية ضد السود باقية حتى الآن . الديموقراطية للبيض ، وليست للسود ولا للهنود .يؤكد إعلان حقوق الإنسان والمواطن ، إبان الثورة الفرنسية بجلال : "كل الناس يولدون أحرارا ليتساووا في الحقوق " . ولكن الدستور الذي يضع هذا الإعلان في مقدمته ، يستبعد ثلاثة أرباع الفرنسيين من حق التصويت ، لأن الدستور يعتبر الفقير مواطنا " سلبيا" . إنها ديموقراطية لأغنياء وليست للفقراء. ونفس الشيء بالنسبة "لحقوق الإنسان " ، فقد نص "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " الخاص بالأم المتحدة على الحقوق ذاتها في عام 1948 . ولكن كل ذلك عبارة عن تجريدات تتناقض بفظاعة مع الحقيقة. سقطت ادعاءات حقوق الإنسان أيضا..فهؤلاء الذين يتخذون نموذج النمو "الليبرالي" يفرضون على بقية العالم كل يومين من الضحايا ما يوازي عدد قتلى هيروشيما .
ثم يكتشف جارودى تهاوي منطق الحضارة الغربية التي يدعي منظروها أنها معلمة البشرية فأساتذة الأخلاق هؤلاء - على غرابتهم - يعطون للعالم مثال الأصولية الأشد تطرفا ، لأن الأصولية هي ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة واحتكار الحق ، بل والواجب في فرضها على الآخرين . إن النموذج الأمثل للأصولية هو الاستعمار الذي كانت حجتاه الأيديولوجيتان نشر وإرساء "الإنجيلية" ليفرض على العالم مفهومه الخاص عن الدين ، وليقوم العسكريون والتجار بالباقي ، أي بالمجازر والاستغلال . وعندما يتراجع الدين ، يتقدم نفس المنفذين ليفرضوا على العالم "حداثتهم " . لقد كانت الأصولية المنحرفة للغرب هي الأساس .. ولقد تولدت الأصوليات الأخرى احتجاجا على الأصولية الأساسية للغرب وشركائه
ولم يكن توحد الاستعمار تحت قيادة الولايات المتحدة ، في "النظام العالمي الجديد" إلا استمرارا للفوضى الاستعمارية القديمة بصورة جديدة ! باسم "الليبرالية الاقتصادية الشاملة" لتجعل الهيمنة على العالم من الآن فصاعدا بوسائل اقتصادية (دون استبعاد التدمير العسكري) . وبعد القضاء على "التفرقة العنصرية" في جنوب إفريقيا والتي كانت الصهيونية لإسرائيلية أفضل حلفائها ، أصبحت تلك الصهيونية الإسرائيلية هي الممثل الأخير للاستعمار الكلاسيكي ، أي الاستعمار العنصري .
***
حاول الغرب أن يدمر المعايير القديمة لأن لها مرجعيتها المستقلة التي يمكن أن تحكم له أو عليه. وحاول أن يرسي دعائم مسوخ من المرجعيات المشوهة تنبثق من داخله هو.. فالمرجعية تابعة لما يفعله وليس ما يفعله هو التابع للمرجعية.
وعندما يتم كل ذلك في إطار إلغاء المرجعيات القديمة.. وخلق معايير جديدة..وإقناع الناس مقدما أن هذه المعايير الجديدة نسبية وليست مطلقة.. و أنها قابلة للتغيير.. بل لابد أن تتغير.. تماما كما تتغير أنماط الأزياء و طرازات السيارات.. وفي وسط هذه الفوضي الشاملة في عالم المعايير والقيم.. تصبح المعايير المزدوجة هي الأمر الطبيعي وما سواها باطل.. ويصبح الشذوذ الجنسي مباحا وتحريم الجنس قبل الزواج جريمة.. ويصبح موت طائر تتهم به العراق مبررا لموت مليوني عراقي.. أما موت ملايين البشر من غير البيض الحداثيين فلا قيمة له.. في إطار هذه الفوضى الشاملة.. يتخلي الإنسان عن عرشه ويصبح حيوانا من الحيوانات.. والحق عنده ليس إلا القوة والسعادة ليست سوي اللذه.. ويصبح الاهتمام كله كيف يكون جلد وجهك أكثر طراوة و أشد نضارة.. وكيف يكون الخصر أصغر والصدر أكبر.. أما الضمير والروح فلا وجود لهما.. وهما من بقايا الخرافات والأساطير..
بداهة ياناس أن تكون هناك مرجعية مطلقة نقيس عليها الأشياء.. أنت لا تستطيع أن تقول أن المسافة بينك وبين جارك مائة وتسكت.. إذ لابد أن تكون هناك وحدة قياس ثابتة – ولا تتعلق بك ولا بجارك - يتفق عليها الجميع.. لابد أن تقول أن المسافة مائة متر أو ياردة أو ذراع أو باع أو قدم..أو .. أو .. أو.. فذلك هو الذي يرسم الحدود بين الناس.. ولا يجعل المعيار مزدوجا.. لكل واحد وحدة القياس النابعة من مصالحه وهواه.. ولما كانت المصالح والهوي متغيرات فإن مجمل النتيجة التي تدفع إليها الحضارة الأمريكية العالم هو تحويله إلي غابة بلا قانون..
نعم .. لا قانون ولا منطق ولا ثوابت.. في القرن الثامن عشر والتاسع عشر تحالف الأمريكيون البيض مع الأسبان البيض لإبادة الهنود الحمر .. كانت تلك هي مصلحة الطرفين في زمان ما.. فلما تغير الزمان انقلب التحالف إلي صراع.. فعندما نجح التحالف الشيطاني في إبادة الهنود الحمر انقلب الأمريكيون علي الأسبان فأبادوهم أو طردوهم.. وفي كل من الحالين كانت أجهزة الإعلام تشحن الناس وتزور وعيهم.. فيذهبون إلي صناديق الانتخاب فيدلون بأصواتهم .. فيصوتون في المجالس النيابية فتصبح قوانين القتل والإبادة والاغتصاب هي الشرع الذي يعلو حتي علي ما لديهم من إنجيل وتوراة.. وكان هذا طبيعيا بالنسبة لفكر منحرف يحمل داخل طياته أسوأ ما في الوجود من صفات.. كما يحمل أيضا داخل فكرته نفسها بذور فنائها وفنائه.. فعلي افتراض نجاحهم في تحويل الإنسان إلي حيوان والدنيا إلي غابة.. فسوف يظل الأقوي يقتل الأضعف حتي لا يبقي في الدنيا سوي فرد وحيد يعتلي جبلا من الجماجم. لقد كان في تبني الغرب للنظرية المضحكة لداروين أحد السبل إلي فكره المنحرف ذلك.. إذ أنه يأمل أن يصل – بنهاية التاريخ المزعومة – إلي توازن كتوازن الحيوانات في الغابة.. وكان يمكن لذلك أن يتم لولا أن الإنسان ليس حيوانا..!!..
الحضارة الغربية لا تحمل في طياتها الكفر بالله وبالمطلق فقط .. بل إنها تحمل أيضا الكفر بالعقل الذي ادعت أنها تعلي من شأنه. ذلك أن هذا العقل العملي ( البراجماتي ) الذي تدعيه ليس عقلا.. إنهم يدعون أنه هو الوسيلة الوحيدة لتسيير حياة الإنسان ما بين حياته وموته.. ولنصطبر قليلا علي زيف هذا الادعاء.. ولنتساءل : ألا يحتاج ما قبل الميلاد وما بعد الموت لتفسير وتفكير وتدبير؟!.. هل الإنسان آلة لها تاريخ صنع وتاريخ انتهاء وذلك كل شئ؟!.. والحديث هنا طويل لكن المجال الآن ليس مجاله.. فلنعد إلي ما اصطبرنا عليه.. إلي التساؤل : هل يصلح العقل البراجماتي النفعي لتسيير حياة الإنسان بين مولده وموته؟.. ماذا إذن عن الأحلام.. كيف يفسر العقل البراجماتي النفعي أن يري الإنسان في أحلامه وعيناه مغلقتان؟.. وكيف يسمع وأذناه نائمتان.. وكيف ينتقل من أدني الأرض إلي أقصاها وساقاه ثابتتان؟.. ليس لدي العقل الغربي من تفسير لذلك سوي هلاوس فرويد.. ولنترك ذلك أيضا .. ولنناقش السؤال من زاوية أخري .. سوف نتغاضى عن أن الإنسان يولد( وليس ذلك من العقل في شئ).. وسوف نتغاضي عن أنه يموت ( وليس ذلك من العقل في شئ).. وسوف نتغاضي عن أنه يحلم ( وليس ذلك من العقل في شئ).. سوف نتغاضي عن كل ذلك ونواصل السؤال عن الإنسان المستيقظ الذي لا يولد ولا يحلم ولا ينام ولا يموت.. هل من العقل أن يغفل هذا الإنسان التفكير في ذاته؟ في غايته من الحياه.. في الطعام الذي يأكله والماء الذي يشربه والهواء الذي يتنفسه..؟.. في الأرض التي يعيش عليها والتي لولاها ما عاش؟؟.. في الشمس والقمر؟؟.. في الكون كله؟؟..!!.. هل العقل أن نحصر الإنسان في الوسائل و أن نحرّم عليه الغايات؟.. هل العقل ألا تكون في حياة الإنسان قيمة إلا لما يمكن تقييمه بالدولار أو مكاييل الذهب. إن أكثر الماديين غلواء لا يستطيع إنكار أن الإنسان روح وجسد.. و أن الروح حين تغادر الجسد لا يبقى منه إلا جيفة نتنة.. ولقد ركزت الحضارة الشيطانية علي ما يحتاجه الجسد ( ودعنا الآن بأنها توفر ما يحتاجه أجساد بنيها على حساب ما تحتاجه أجساد الآخرين).. و أهملت تماما ما تحتاجه الروح.. بينما الروح – كالجسد- إن لم تُغَذّ تموت..!!
تخيلوا يا قراء أن العقل الغربي يلغي كل ذلك ثم تكون لديهم من الصفاقة ما يبيح لهم الادعاء أنهم يعلون شأن العقل..!!..
سقط النموذج الذي يقدمونه للعقل كما سقط النموذج الذي يقدمونه للأمن وللديموقراطية. وهاهي ذي حقوق الإنسان أيضا تسفر عن عنصرية همجية وحشية مسعورة.. كما أن شعار المساواة يسفر عن عكسه تماما.. و إذا بهذه الحضارة المتقدمة على مستوي التكنولوجيا والمنحطة علي مستوى الروح تتصرف كحيوانات الغابة.. بل أضل سبيلا..
والحكاية طويلة ومريرة.. حاول الغرب طيلة الوقت تزويرها و إخفائها.. لكنه يكرر نفس الأخطاء والجرائم خطأ بعد خطأ وجريمة بعد جريمة.. لذلك فإننا نستطيع رغم الكذب والتزوير والتشويه والتحريف أن نقرأ تاريخ الماضي فيما يحدث الآن..
فالغرب لم يتب عن جرائمه.. وهو يواصل عبادة الشيطان بهمة لا تعرف الكلل وبثأر لا يعرف الارتواء.. إن أمريكا التي قتلت الملايين لم تنس ثأر 18 أمريكيا قتلوا في الصومال.. قتلوا لأنهم اعتدوا وقتلوا مئات الصوماليين.. ونفس ما حدث مع العراق و أفغانستان يحدث مع أي بلد في العالم يجرؤ علي الاعتراض .. ونفس المنهج الشيطاني الذى فضل القتل علي الأسر يفضل أن يسحق عدوه ويدمره عن أن يقبل استسلامه أو انسحابه. لقد انسحبت العراق من الكويت منذ عشرة أعوام ومع ذلك لم يتوقف القصف والتدمير.
الخطأ الأمريكي القاتل أنه كشف عورة الحضارة الغربية القبيحة وبين كم هى هشة وخسيسة.. وهى لم تعاملنا بكل هذا الصلف والازدراء إلا لأننا نكصنا عن الجهاد فى سبيل الله وأن تكون مرجعيتنا هى الإسلام لا الأمم المتحدة.. وهى الحلال والحرام وليس المصلحة..
ولو لمس الغرب الصليبي من عالمنا الإسلامي استعدادا حقيقيا للمقاومة والحرب الحقيقية لتبدل الصلف إلى تزلف والازدراء إلى نفاق.. ولتسترجعوا ما حدث بعد حرب أكتوبر 73 .
والحقيقة أن الغرب ليس أمامه مجال للاختيار.. فنفس الحتمية التي تحتم علينا جهاده تحتم عليه أن يحاربنا.. ففي العقيدة الإسلامية.. العقيدة الإسلامية فقط .. نفي لكل مقولات الغرب الحضارية.. نفي كامل لأسس حضارة تحاول أن تحول الإنسان إلي حيوان والعالم إلي غابة..
نعم ..
العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية كالعلاقة بين النور والظلام.. لايمكن لهما أن يتواجدا معا .. ولابد لأحدهما من الغلبة علي الآخر.. وصراع الحضارات قائم وكل من ينكره إما ساذج و إما متواطئ. إلا أن غلبة الإسلام تحمل معها حضارته التي حافظت على الآخر دائما بل ودافعت عن عقيدته. أم الغرب.. فلا يعرف إلا التبعية الكاملة أو التدمير الكامل.
نحن لا ننكر مكان الغرب ولا مكانته ولا مساهمته.. لكن عليه أن يعود لحجمه الطبيعي، وليس أكثر منه.
إن غلبة النور علي الظلام تحكمها نواميس الله لذلك فهي لا تعني إلا كشف تزويره للحقائق وطمسه للأشياء ثم يدع الأحياء لاختياراتهم.. ولجهادهم الذي يتركز لا في الاستعمار ولا في الإبادة بل في أن يخلوا ما بين العباد وما بين الله..
أما قضاء الظلام علي النور فلا يحكمها إلا المعايير المزدوجة للعقل النفعي البراجماتي .. لذلك فإنه لا يمكن أن يتم إلا باستئصال جذوة هذا النور وتجفيف منابعه.. فإن كانت قلوب المسلمين المؤمنين هي مكمن الجذوة ومنبع النور فلابد إذن للغرب من القضاء عليهم.. علي الأشياء والأحياء جميعا.. وهو برغم الخلل الصارخ في ميزان القوي لصالح الغرب أمر يستحيل علي الغرب إنجازه..
***
***
***
حاشية 1
المجاهد العظيم أسامة بن لادن: يحبه المؤمنون ويكرهه المنافقون والكفار.
كنت أريد أن أقول لا يحبه إلا مؤمن.. لكنني اكتشفت أن كثيرين من غير المؤمنين يحبونه.. و أن الشدو باسمة يحدث في بلد غير عربية وغير إسلامية.
واللهم إنى برئ أمامك ممن لم يجيروه..
واللهم أدعوك أن ترحم أمة يود معظمها أن يفتديه بروحه.
حاشية 2
الدكتور محمد سليم العوا: أمره غريب هذا الرجل.. لم يكتف بالكارثة التي كان هو محورها حول الفتوى بإباحة اشتراك المسلمين الأمريكيين في ضرب إخوتهم في أفغانستان.. تلك الفتوى التي تمت بطلب من وزير الدفاع الأمريكي.. وتولى العوا القيام بالمهمة فدلس على شيخنا الفاضل الدكتور القرضاوى وغرر بذكى كفهمى هويدى ونقى كطارق البشرى.
لم يكتف بهذه الكارثة، فأمس الأول، استضافته قناة الجزيرة ليعلق على شريط بن لادن الأخير.
استنكف المحامى الشهير أن ينطق باسم البطل المجاهد أسامة بن لادن فاستعمل الضمير وهو يتحدث عنه بتعال وازدراء.. نفس التعالى والازدراء الذي يتحدث به المجرم بوش والسفاح رامسيفيلد.. و أحسست أن العوا لا يوجه حديثه لنا.. بل لهما و لأتباعهما..
إن بعض الظن إثم.. بعضه فقط.. وليس كله.. ولقد ظننت أن التغير الفادح الذي ألم بشخصية الدكتور محمد سليم العوا أنه في تحليله للأمر – و أعترف له بالذكاء الحاد – أدرك انهيار كل النظم العربية، و أن هناك تغييرات حتمية قادمة.. وهو يريد أن يكون في الصورة..
لكن هل يرضى العوا أن يكون قرضاى مصر؟!
ثم أنه كان عليه أن يفهم – بذكائه الحاد – أن الغرب لا يرضى بمعتدل ( بالمفهوم الغربى - و إنما بخائن.. تماما كالقواد الذي يخفى حقيقته على الناس فيدعى أنه يريد امرأة متحررة – للتمثيل مثلا- .. بينما هو لا يريدها متحررة.. بل يريدها داعرة.. لدور البغاء.
حاشية 3
المجاهد العظيم أسامة بن لادن رضى الله عنه: الحمد لله على سلامتك.. يا حبيبنا..
يا حبيبنا..
يا حبيبنا..
ويا حبيب الله إن شاء الله..
واللعنة على من خذلوك.. فإنهم يعلمون..
حاشية 4
سبحانك يا رب..
سبحانك..
هل رأيتم يا قراء ما يحيق بالخائن برويز مشرف..
وهل تدركون أن ما سوف يحيق بشعب باكستان هو من عملوه في أنفسهم بأنفسهم حين لم يأخذوا على يد الخائن..
فاتقوا يا أولى الألباب..
ويارب.. أهلك الخائنين جميعا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق