الخميس، 25 أغسطس 2022

قراءة في كتاب “الشيطان يحكم”

 قراءة في كتاب “الشيطان يحكم” 


اسم الكتاب: “الشيطان يحكم” 

اسم الكاتب :الدكتور مصطفى محمود

وصف الكتاب:يعتبر كتاب مصطفى محمود-الشيطان يحكم من المؤلفات الهامة للباحثين المهتمين بالعلماء والدعاه والمفكرين في العلوم الإسلامية وغير ذلك من التخصصات الثقافية الأخرى؛ حيث يدخل كتاب مصطفى محمود-الشيطان يحكم في نطاق تخصص دراسات العلماء والدعاة والمؤرخين وغير أولئك من الشخصيات التي أدت إسهاماتها الفكرية إلى تطور الفكر الإنساني. ومعلومات


 اعداد عهود عبدالعزيز


أفيون هذا الزمان:
تتبارى أجهزة التلفزيون والإذاعة والسينما والجرائد على شيء واحد خطير وهو سرقة الإنسان من نفسه من خلال شد عينيه وأُذنيه وأعصابه ليجلس متسمراً أمام التلفزيون والراديو وقد تخدرت أعصابه تماماً، فيسبح بعينيه مع المسلسل وتدور التساؤلات في ذهنه حول أحداث الحلقات حتى ينتهي اليوم ويعود إلى فراشه وهو في حالة خواء وفراغ وتوتر داخلي مجهول السبب، وحزنٌ دفين كأنه لم يعش ذلك اليوم قط، والحقيقة أنه لم يعش بالفعل، وأن حق الحياة سُلب منه، وأنهُ سُلب من نفسه، وأُخرج عنوة وأُلقي به في مغامرات عجيبة مضحكة، وتساؤلات لا تهمه على الإطلاق، ويمر يوم يلو يوم على نفس الحالة ولا يدري الواحد منهم ماذا به بالضبط، لماذا يشعر أنه مجوف تماماً، وأنه لا يعيش أبداً، وأنه لا يقول ما يريد أن يقوله، ولا يسمع ما يريد أن يسمعه، وإنما هو يُربط في أرجوحة تظل تدور به دوراناً محموماً حتى يُغمى عليه وينسى ما يُفكر فيه ويتحول إلى إنسان مربوط العقل والإحساس إلى هذه الأجهزة الغريبة التي تفتعل له حياة كلها كذب في كذب، وهذه الظاهرة ظاهرة عالمية، بل هي من سمات هذا العصر المادي الميكانيكي الذي تحولت فيه أجهزة الإعلام إلى أدوات للقتل الجماعي، تلك هي وسائل الإعلام تكاتفت فيما بينها _بتعاقد غير مكتوب_ على أن تقتل الناس بقتل وقتهم تحت غطاء كلمة غامضة لذيذة تُسمى "التسلية"، ومسؤولية كل مفكر وكاتب أن يخرج على الخط ويتمرد على هذا الاتفاق الغير مكتوب بقتل الوقت في محاولة شريفة لإحياء وقت الناس بتثقيفهم وتعليمهم والبحث عن الحق لا عن التسلية، وإعادة كل واحد إلى نفسه وقد ازداد ثراءً ووعياً لا سلبه من نفسه وسرقته من حياته، ورفع شعارات الحرية لتفسح الروح الإنسانية عن مكنونها، وعلى وسائل الإعلام أن تتحول من أفيون إلى مُنبه يفتح العيون والأحاسيس على الحقيقة ويدعو كل قارئ إلى وليمة الرأي، يدعو كل عقل معطل إلى مائدة الفكر، فتكون كرحلة تحشد الحماس عند كل محطة تقف عندها لا كخيمة للغاز المسيل للدموع مضروبة على الناس، فحضارة الإنسان وتاريخه ومستقبله رهن كلمة صدق وصحيفة صدق وشعار صدق.

مخير أم ميسر:

يسألني القراء دائماً في استغراب كيف وصلت إلى قرارك الذي تُردده في كل كتبك ومقالاتك بأن الإنسان مخير لا ميسر، كيف يكون الإنسان مخير وهو محكوم عليه بالميلاد والموت والإسم والأسرة والبيئة ولا حول له ولا قوة ولا اختيار في هذه الأشياء التي تشكل له شخصيته وتصرفاته، فالقراء دائماً ما يقعون في هذا الخطأ منذ البداية حينما يقيمون علاقة حتمية بين البيئة والسلوك وبين الأسرة وتقاليدها وبين الشخصية، وهو تفكير خاطئ فلا توجد حتمية في الأمور الإنسانية وإنما يوجد على الأكثر ترجيح واحتمال، وهذا هو الفرق بين الإنسان والجماد، صحيح أن الإنسان قليل الحيلة في الطريقة التي يولد بها وفي الطريقة التي يموت بها ولكنه بين ميلاده وموته يصنع حضارة فلقد من الله على الإنسان ووهبه القدرة على أن يبني ويهدم ويحرر ويتحرر ويفكر ويبتكر ويعمر وسلمه مقاليد الخير الشر وحرية الاختيار، فحواجز البيئة وضغوط الظروف لا تقوم دليلاً على عدم الحرية بل هي على العكس دليل على وجود هذه الحرية فلا معنى للحرية في عالم بلا عقبات، ولهذا كانت الضغوط والعوائق والعقبات من أدلة الحرية وليس العكس، والفيلسوف الغزالي يحل المشكلة بأن يقول إن الله حر مخير مطلق التخيير والمادة الجامدة مسيرة منتهى التسيير، والإنسان في منزلة بين المنزلتين أي أنه مخير ومسير في ذات الوقت، مخير بمقدار مسير بمقدار، وتوضيحاً لكلامه فإن الإنسان حر وله مطلق الحرية في منطقة ضميره في منطقة السريرة والنية، لقد أراد الله لهذه النية أن تكون حرة لأنها مناط المسؤولية والمحاسبة أما منطقة الفعل فهي المنطقة التي يتم فيها التدخل الإلهي عن طريق الظروف والأسباب والملابسات ليجعل الله أمراً ما ميسراً أو معسراً حسب نية صاحبه، وبهذا لا يكون التسيير الإلهي منافياً او مناقضاً للتخيير، فالله يستدرج الانسان بالأسباب حتى يخرج ما يكتمه ويفصح عن نيته ويتلبس باختياره، الله بإرادته يفضح إرادتنا واختيارنا ويكشفنا أمام أنفسنا، ومن ثم يكون الإنسان في كتاب الله مخيراً مسيراً في ذات الوقت دون تناقض فالله يريد لنا ويقدر لنا حتى نكتب على أنفسنا ما نريده لأنفسنا وما نخفيه في قلوبنا وما نختاره دون اجبار أو إكراه وإنما استدراج من خلال الأسباب والظروف والملابسات وفي إمكان الواحد منا أن يبلغ ذروة الحرية بأن تكون إرادته هي إرادة الله واختياره هو اختيار الله وعمله هو أمر الله وشريعته بأن يكون العبد الرباني الذي حياته هي طاعة الله فيعبد الله حباً واختياراً لا تكليفاً، كما يحدث أن نعطي من ذات نفوسنا لمن نحب كذلك الله يعطي من ذاته لأحبابه فيحقق لهم ما يشاءون فيكونون الأحرار حقاً.


قراءة يسري الخطيب

قالت العرب:

ولكل شيءٍ آفةٌ من جنسِهِ … حتى الحديدُ سطا عليه المبردُ/

– آفة العلم النسيان،وآفة الحديث الكذب،

وآفة الشجاعة البغي،وآفة الجُـود التبذير،

وآفة العقل الهوى،وآفة الرأفة الجزع،

وآفة الحياء البلادة،وآفة الجمال الخيلاء،

وآفة الإيمان الشِرك،وآفة الشرف الكِبْر،

وآفة الذكاء المكر،وآفة العبادة الرياء،

وآفة الحِلم الذُّلّ،وآفة الرياسة الفخر،

وآفة الوفاء الغدر،وآفة الكلام الإطالة،

وآفة الواعظ العنف،وآفة الموعوظ الملل،

وآفة الغنى الطغيان،وآفة الرأي الاستبداد.

ويقول الدكتور مصطفى محمود:

الله خلق لكل شيءٍ آفته التي تعتدي عليه:

خلق القطن، وخلق دودة القطن.

خلق النبات، وخلق الجراد.

خلق الأسنان، وخلق السوس.

خلق العين، وخلق الرمد.

خلق الأنف، وخلق الزكام.

خلق الثمرة، وخلق العفن.

– خلق الإنسان وخلق معه جيشًا من الأعداء لاغتياله: قمل، وبق، وبراغيث، وبعوض، وديدان، وعقارب، وثعابين، وبلهارسيا، وحيوانات ضارية، وميكروبات، وسل، وجذام، وتيفود، وكوليرا، وقراع، وصديد

– وخلق الحياة.. وخلق الحر والبرد، والصقيع ورياح السموم

– لم يرد بالدنيا أن تكون دار سلام .. وإنما دار حرب وصراع وبلاء، وشد وجذب، وكر وفر.. لأن الله يعلم أن حياتنا الدنيوية إذا أخلدت إلى الراحة والأمن والدعة والسلام؛ ترهّلت وضعفت وانقرضت..

– إن خلافتنا الداخلية وانقسامتنا الداخلية أشبه بالصديد الذي يتخلف في الجراح من جراء التهاب النسيج بالسم الميكروبي والأجسام المضادة التي يفرزها .. وهي مرحلة يليها تدفق الدم من النسيج المحتقن ليغسل كل شيء ثم يعقب ذلك الالتئام والشفاء

وهي أشياء نتعلمها مما يجري على النسيج الحي حين يتكاثر عليه الأعداء..

وهي قوانين أزلية وضعها الله للخلية والجسم الحي، والأمة والإمبراطورية .. ولا يستطيع أن يشذ عنها مخلوق

إن الذي يجعل من واقعنا الحالي سببًا لليأس، لا يفهم الدنيا، ولا يفهم التاريخ

 قراءة كتاب الشيطان يحكم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق