«في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «3»
ثانيا: تقديم التسهيلات للأجانب
كان من أول ما فعله إبراهيم في الشام أن «أذن للتجار الأجانب بأن يبتاعوا ويبيعوا في داخل البلاد، وقد كان محظورًا عليهم الإتجار مع غير بعض المواني في الساحل »وتظهر الوثائق أن محمد علي سمح للإنجليز ولغيرهم من الأوربيين بتجارة التنباك بغير تدخل ولا إشراف من الدولة، برغم أن مستندهم في هذا فرمان مبهم غامض، كذلك فقد فتح إبراهيم باشا «أبواب دمشق للأوربيين،وكان دخولهم محرمًا عليهم ».
ويروي داود بركات،في كتابه الذي ألفه المدح إبراهيم باشا، أن الحكومة المصرية «سَهَّلت قدوم الإفرنج من مرسلين وتجار وسواهم، فأنسأوا المدارس »، لكن الذي كتمه ولم يظهره كشفته دراسات يهودية أخرى تحدثت عن المدارس التي أسسها اليهود الأوربيون أمثال موسى مونتفيوري، وأدولف كريمييه،وسلومون مونك الذي قصدوا إلى إنشاء مدارس حديثة يتعلم فيها الشباب اليهودي بالمعايير الحديثة، ليتحقق لهم نوع الاستقلال الذي يجعلهم «ليسوا بحاجة لليهود الغربيين للدفاع عنهم».
وبعد أن كانت الوظائف العليا الحساسة محظورة على غير المسلمين، قلدت الحكومة المصرية «من المسيحين الوطنيين ولإفرنج الوظائف في الجيش والدولة، ومنحتهم الرتب والألقاب»،حتى في بيت المقدس صار الأجانب مشاركين في الحكم والإدارة، فقد رُتِّب « مجلس شورى القدس « الذي يتولى التنظيم الإداري فيها على نمط لا سابقة له، إذ صار مكونًا من أربعة عشر عضوًا فيه ممثل عن اليهود «الخواجه رونه »، وممثل عن الأجانب «يوسف »وممثل عن الأرمن «ياقوب حاسر»، وكان القائم على خزينة بيت المقدس «الخواجه أنطون أيوب ».
وصاروا يطالبون بالترخيص بمشروعات اقتصادية، وقد سُمِح للحاخام الإسرائيلي بإنشاء طاحون كبير، كما سُمِح لليهود بتعليم الجنود صنع العباءات، وطلبوا كذلك الترخيص «لهم بمشترى الأملاك وأراضي الزراعة وتعاطي الحرث ولزرع وتعاطي البيع والشراء وبيع الأغنام والأبقار، وتعاطي مَصَابِن ومعاصر بناء يدفعوا المرتب للميري مثل الرعايا، هذا مضمون استعلامهم »وأرفق بهذا الطلب رأي المجلس شورى المقدس الذي يرفض الموافقة على هذا المطالبات التي «ما سبق لها أمثال» والتي هي تصرف في أراضٍ «ميرية ووقفية، فالتماسهم بذالك لا يوافق حكم الشريعة ما عدا تعاطي البيع والشرا بالتجارة التي يجلبوها من بلادهم من أنواع التجارة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق