المحنة المزلزلة
خروج كل أمة من الاستعباد والضعف إلى التحرر يمرُّ بالمحنة المزلزلة؛ حتى الأنبياء وأتباعهم، وهم أكرم الناس على الله {مسَّتهم البأساء والضراء وزُلْزِلوا، حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله}.
إن سائر الأمم تضحي بصفوة رجالها لتصل إلى الغلبة والتمكين، ولذا فهي تسكب في المحنة دماء أبطالها وكرائم أموالها، ثم تمنحهم بعد الموت: نياشين العظمة وأوسمة البطولة وأسماء تنثرها على الشوارع والمؤسسات، وقصائد خالدة في الأغاني والهتافات، وقصصا مؤسطرة في الكتب والبحوث والدراسات!!
لكن أمتنا ليست كذلك، إن صفوة أبطالها ورجالها موعودون بالجنة، فهم لا يسكبون دماءهم من أجل فتات يلقيه إليهم مَن سيتمتع بإنجازهم من بعدهم، ولكنهم يسكبونها طلبا للجنة وثواب الآخرة.. حيث الخلود الحقيقي الطويل السرمدي!!
كل مصيبة في الدنيا تهون إذا استحضرت النفس نعيم الآخرة.. وكل جبار يذل إذا استحضر القلب قوة الله وهيمنته.. وذلك هو اختبار الإيمان!.. وهو حقا اختبار شديد!!
وأشدُّ ما فيه يكون حين تنزل المصيبة بقوم تعلقت قلوبهم بالدنيا، فتلك زلزلة إيمانية حقيقية!!
ومن هنا قال رسول الله ﷺ: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا".
إنه بقدر ما يستعد الإنسان -إيمانيا- في حال سلامته، يصمد ويثمر إيمانه في حال محنته!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق