الخميس، 1 فبراير 2024

أخيرا حكمت محكمة العدل الدولية فمتى تحكم الشعوب على حكامها المطبعة مع الكيان المعتدى؟

 

أخيرا حكمت محكمة العدل الدولية فمتى تحكم الشعوب على حكامها المطبعة مع الكيان المعتدى؟

بقلم الأستاذة الكاتبة

بادية شكاط

امين عام منظمة اعلاميون حول العالم الدولية
ممثل الجزائر في المنظمة وعضو مؤسس

لقد اعتبر قرار الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 1946 أن الإبادة الجماعية هي “ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين”،مثل:
1.قتل أعضاء الجماعة
2.إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة
3.إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليا أو جزئيا
4.فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة
5.نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى
وبدوره يعرف نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية الإبادة الجماعية بأنها ارتكاب أفعال معينة على نطاق موسع،،يتم تنفيذها بقصد القضاء على مجموعة،كليا أو جزئيا،بناء على هوية هذه المجموعة القومية أوالإثنية أوالعنصرية أوالدينية.
وأما عن العقوبات الواجبة التطبيق بحق مرتكبي الإبادة الجماعية،فقد نصت عليها المادة 77 من نظام روما الأساسي والتي تنص على أنه للمحكمة أن توقع على الشخص المدان إحدى العقوبات التالية:
1.السجن لعدد محدد من السنوات لفترة أقصاها 30 سنة
2.السجن المؤبد عندما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المدان.
وكذلك تنص المادة الرابعة من الاتفاقية على أنه “يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة،سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا”
كما تنص جميع الاتفاقيات المتعلقة بـ”الإبادة الجماعية” على أنها “جرائم لا تخضع للتقادم،ومرتكبوها لا يستفيدون من الحصانة،إذ تتم ملاحقة كل شخص ارتكبها أو أمر بارتكابها دون النظر إلى منصبه،سواء كانوا حكاما أو موظفين عامين،أو أفرادا غير مسؤولين،وفق المادة الرابعة والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وأما عن جرائم الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في الأراضي الفلسطينية فهو لم يبدأ منذ أكتوبر 2023 بل بدأ منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في 15 مايو/أيار 1948
ومن أبرز الأمثلة على جرائم الإبادة التي ارتكبها هذا الكيان فهو ما وقع في مذبحة دير ياسين سنة 1948،ومذبحة خان يونس سنة 1956،وكذا في حرب 1967 وايضا مجزرة صبرا وشتيلا سنة 1982،ومجزرة الحرم الابراهيمي 1994،كما أمعن في الإبادة الجماعية للفلسطينيين بعديد من المجازر الفظيعة في قطاع غزة سنة 2008 و2009 و2012 و2014،2021
وأما آخرها وأفظعها فهو في أكتوبر/تشرين الأول 2023،حيث انه قام خلال مائة يوم فقط بما لم يسبق له مثيل حتى في الحربين الكونيتين الاولى والثانية وبما يفوق 27ألف شهيد وعشرات الآلاف من الاصابات،وتسبب في مجاعة400 ألف فلسطيني،وتسبب في إعاقات مستدامة وتهديد لحياة اكثر من ألف إنسان،وفقدان مئات العلماء والدعاة،وتدمير نحو 1000 مسجد بكل ما تحتويه من مصاحف للقرآن الكريم وكتب للتفسير،وفقدان الجامعات والمراكز الصحية والمئات من الاكاديميين والاعلاميين والباحثين.
فهل من المعقول بعدها أن تقضي محكمة العدل الدولية بأن لاتقضي؟
فلا هي أصدرت حكما بوقف اطلاق النار على اطفال ونساء مستضعفين،ولاهي طالبت برفع الحصار ولكننا ننتظر من المحكمة قرارات داعمة لقراراتها السابقة فالعالم أصبح يكره القتل حتى أحكام الإعدام دائما نطلب التوقف عن إصدارها ، ولاهي أمرت بإعادة النازحين الفلسطينيين إلى مناطقهم
وفقط اكتفت بالمطالبة باطلاق سراح اسرى الاحتلال الصهيوني،في حين لم تطالب بالمقابل بتحرير الاسرى الفلسطينيين،ماجعل المحتل يأنس المصلحة في مرمى سروره،ويمعن في التقتيل والتنكيل،ثم تدعمه بعدها الولايات المتحدة الأمريكية،وبريطانيا التابع دائما لأمريكا كند،أستراليا وإيطالياً والنمسا بقرار تجميد “أموال المساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين في قطاع غزة” من خلال الأونروا على خلفية واهية،يزعم فيها الاحتلال الصهيوني بان بعضا من موظفي الوكالة قد شاركوا في هجوم 7 أكتوبر وحدث هذا قبل القيام بالتحقيق فى ماجاء بالزعم الإسرائيلى.
وكأنه قرار إقرار بما صرحت به زعيمة حركة الاستيطان الصهيوني،حين قالت:”سكان قطاع غزة سيرحلون عندما نحرمهم من الطعام”

لماذا هذا السجن التى تفرضه إسرائيل ومصر التى تتدعى الإخوة بينها وبين غزة الجريحة منذ 17 عشرا عام .

كما جاء عقب حكم محكمة العدل دراسة مقترح بين مصر والاتحاد الأوروبي لإغلاق معبر رفح،وهو المعبر الوحيد بين مصر وقطاع غزة،واستبداله بمعبر كرم أبو سالم بين مصر وفلسطين المحتلة،والذي يسيطر عليه الكيان المحتل،ومعبر إيريز بين قطاع غزة و فلسطين المحتلة.
فكيف لمصر وهي التي تملك اليد العليا والحبل السري الذي يمكنه نقل الغذاء والدواء وغيرها من المساعدات الانسانية تفقد الانسانية وترضى بقطع شريان الحياة عن اثنين مليون من اهالي القطاع ؟
لماذا لاتقوم بفتح معبر رفح تحت مظلة الإرادة المصرية والقانون الدولي والمنظمات الإغاثية الأممية وتخضع لارادة الاحتلال وتقبل بكل هذا الاذلال؟
الى متى الصمت ياشعب مصر العظيم واخوانكم في جحيم وضيم ؟
متى تكسرون الاغلال وترفضون الخذلان؟
الى متى يا امة المليار نبقى نسير بلا بوصلة ومن غير وزن ضمن التوازنات الدولية؟
الى متى هذه الغثائية؟

الى متى سنبقى شعوبا واهمة تريد بعصا سحرية ان تقضي على البؤس والشقاء وتحقق المجد والرخاء بالتطلع الى دول اجنبية ؟
يقول علي عزت بيغوفيتش في كتابه الاعلان الاسلامي:”إن الدعم الحقيقي الذى يمنحه الشعب المسلم لأيّ نظام فى السلطة ستجده –دائما- يتناسب تناسبًا طرديًّا مع مقدار مايتمتع به النظام من طابع إسلامي،فكلما ابتعد نظام الحكم عن الإسلام قلّ دعم الشعب له وهكذا تبقي الأنظمه المعاديه للاسلام محرومة تماما من اي دعم شعبي ومن ثم تجدُ نفسها _طوعا او كرها _ مجبورة على البحث عن هذا الدعم لدى القوى الأجنبية،ولذلك فإن التبعية التي تغرق فيها هذه الانظمة هي نتيجة مباشره لتوجهاتها اللإسلامية“.
فهذه النظم التي ترى شعوبها خصوما لها وتروي جذور سلطانها من دمائها،كيف يمكن أن تعتمد عليها في حمايتها؟
إن معضلتنا الحقيقية هي مع هذه الحكومات التي أصبحنا نمتلك معها قابلية للاستبداد والدمار كما كنا مع غيرها نمتلك قابلية للاستعمار،فالاصلاح الحقيقي برأينا الذي ينبغي ان تنشده نخبنا ليس هو الاصلاح الذي يدور في فلك حكامنا،فذاك كمن يريد أن يتعلق بجذع شجرة اجتثّت من فوق الأرض ولا قرار لها،فهذه النظم جعلت شعوب الامة الاسلامية مشدودة الاطراف بين ماضيها وحاضرها،بين أصيلها ودخيلها،وبين قلة متحكمة تدعي الديموقراطية وغالبية محكومة بالديكتاتورية،بين نظم بملامح الاستقلال وروح الاحتلال،وفي الوقت الذي تعتقد فيه شعوب الامة الاسلامية المعاصرة ان ازماتها قطرية،فانها تغفل انها امة واحدة لان عدوها واحد،فمنذ تاريخ الحادي عشر من سبتمبر 2001 والولايات الامريكية تبسط تاريخها الدموي على جغرافية العالم الاسلامي باسم الحرب الدولية على الارهاب،فراحت تنفذ هجوماتها العسكرية على افغانستان والعراق وغيرها ولم تكتف بذلك بل واتجهت الى الاصلاح السياسي الشامل ضمن ماأصبح يسمى:”استراتيجية الشرق الاوسط الكبير” برفع راية كاذبة خاطئة هي راية الحوار بين الحضارات التي مهدت للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب،ومد ايادي السلام البيضاء إلى الايادي الملطخة بدماء الابرياء،واعلان العداء للمقاومة الاسلامية المشروعة “حماس”،فالفاعلية الاصلاحية كما نراها ينبغي أن تقوم عوالمها في ثلاثة دوائر:
1.الدائرة الاولى عالم الافكار: بتجميع افكار العقول والنخب الفكرية الاسلامية
2.الدائرة الثانيةعالم التنظيمات والمؤسسات: بتنظيمها
3.الدائرة الثالثةعالم التفاعلات: بتفعيلها
وأما خارج هذه الدوائر والمستويات فاننا سنبقى خارج الحضارة،خارج التاريخ،فالنظام العالمي الذي يسير في سباق نحو التسلح والفناء،لاينبغي استخلافه الا بسباق نحو السلام بقيم الاسلام.

ينسى العالم دائما بمافيه قوى عظمى وقوى أخرى تابعة دائماً.. أن الكون محفوظ بسُلطة فوق كل سُلطة.. وسُلطان فوق كل سُلطان.. فلم الرهق والتعب طالما أن الله هو العدل فوق كل عدالة..

بادية شكاط كاتبة في الفكر،السياسة وقضايا الامة
امين عام منظمة اعلاميون حول العالم الدولية في النمسا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق