الأحد، 7 أبريل 2013

كن رجلًا.. أيها المصدر المطلع


كن رجلًا.. أيها المصدر المطلع


وائل قنديل

سواء كان المصدر المطلع الخائف من ذكر اسمه ينتمى إلى تلك المدرسة «العكاشية» فى إثارة الغرائز الإعلامية.. أو كان منتميا إلى المدرسة «الهيكلية» الرصينة الواثقة من امتلاك صواب الرؤية والرؤيا والرأى، فإن المطلوب من هذا المصدر أن يسترجل ويكشف عن نفسه لأن ما نشر على لسانه فى «الشروق» أمس يكفى ليس لحرق مصر فقط، وإنما إحراق قارة بكاملها.

هذا المصدر المجهول المجهل الخفى المتخفى خلف عبارات أقرب لضرب الودع وفتح المندل يلقى بعود ثقاب مشتعل حين يتحدث عن خطة إخوانية ترعاها أمريكا وتباركها للإطاحة بوزير الدفاع المصرى الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وإذا لم يكن هذا هو العبث المعلوماتى والمجون الإعلامى بعينهما، فإننا فى حاجة ملحة لنسف كل معاجم اللغة القديمة والبحث عن تعريفات أخرى للعبث والمجون واللهو بأعواد الثقاب فى وطن يعيش على الجمر.

ولسنا هنا بصدد نفى هذه التهيؤات أو إثباتها، ولا يعنينا تكذيبها أو تصديقها، لكننا فقط نستفسر عن أية سيكولوجية شيطانية تلك التى تلقى بمعلومات بهذا الحجم من الخطورة والقدرة على التدمير الشامل دون أن تفصح عن نفسها، وتروى ظمأ رأى عام يعيش فى غابة من الأشجار المحترقة لكلام له ما يسنده من منطق سياسى ومهنى.

وغالب الظن أنه لا توجد دولة فى العالم تسمح بأن يكون تناول أدق الأمور الداخلية لجيشها أسهل من تناول القهوة والشاى باللبن فى مقهى بلدى، حتى وإن كان الكذب فى مجتمع هذه الدولة بدون سقف وبلا حد أقصى، ولا يحاسَب عليه أصحابه، ولا يهتم مستهلكوه كثيرا بالتفكير والتأمل فيما يدلقه تجار وموزعو هذه التجارة فى أدمغتهم يوميا.

وإذا كانت أكاذيب كبيرة قد تُركت دون أن يتصدى لها أحد من الجهات الرسمية المختصة، بحجة أنها من التفاهة والطرافة بما لا يستحق، ومن أمثلة ذلك حواديت شفط مياه النيل وتحويلها إلى مكعبات وألواح ثلج وبيعها لقطر، أو فك أهرام مصر الثلاثة وإعادة تركيبها على كورنيش الدوحة، فإن منطق الصمت والتجاهل لا يصلح فى حالة زرع الألغام داخل القوات المسلحة من خلال الحديث غير المسئول للمصادر المطلعة التى تطل برأسها من جحور غير منظورة لتمارس فحيحا يثير الفزع ويمهد لحرائق لا تكفى للسيطرة عليها كل كميات غاز ثانى أكسيد الكربون فى الكون كله.

وعلى ذلك مطلوب بيان واضح وقاطع من رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة معا، بعد عن تصريحات «تويتر» وصفحات «فيس بوك» الرسمية يضع حدا لهذا العبث، إن كان عبثا بالفعل، ويضع حقائق الوضع أمام الرأى العام، ويطمئن المواطن الواقع تحت وابل من القصف الإعلامى المكثف على أنه يعيش فى دولة يحكمها نظام واحد، وليس فى خرابة يتصارع على قيادتها أمراء من أحط عصور العصر المملوكى.

نريد أن نعرف من هو المصدر المطلع على ما تخفى الصدور والعقول، ومن حقنا كمواطنين أن نطمئن على أننا لسنا مكدسين على متن سفينة يتهددها الغرق بينما البحارة يمارسون لعبة قاتلة تقوم على التسريبات واختبارات جس النبض والتخاطب بإشارات حك الأنف وتلعيب الحواجب واستخدام كل مفردات لغة الإيماءات المهلكة.

ودون ذلك لا يمكن أن نعتبر القائمين على أمر هذا البلد المسكين على قدر المسئولية والأمانة التى تنوء السماء والجبال بحملها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق