الأحد، 3 يناير 2021

العلمانيون؛ مشروع للهدم

العلمانيون؛ مشروع للهدم



 ناصحون

ما أن يمسك علماني بزمام قيادة في الأمة حتى يكون مشروعه الأول والأخير ليس البناء ولا التنمية؛ بل هدم الإسلام. ثم لا شيء بعد ذلك! فتبدو حقيقة الصراع العقدي.

الخبر

“أثارت فعالية لبلدية إسطنبول الكبرى التي يترأسها “أكرم إمام أوغلو”، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب رفع الأذان وقراءة القرآن الكريم والأدعية باللغة التركية، على خلاف ما جرت عليه العادة في السنوات الماضية في حكم “حزب العدالة والتنمية”.

لكن الفعالية أثارت غضب الأتراك، لاسيما من الإسلاميين، بسبب رفع الأذان وقراءة القرآن والأدعية باللغة التركية، بالإضافة إلى مشاركة نساء ورجال بشكل مختلط في فقرة للدراويش.

في حين واعتاد الأتراك في خطبهم واحتفالاتهم الدينية، على قراءة القرآن الكريم والأدعية باللغة العربية”. (1)

التعليق

في سرعة كبيرة يُظهر العلمانيون في تركيا تلك الميول للانسلاخ من الإسلام، تأكيدا على حقيقة الصراع، وأنه صراع هوية بين الانتماء للإسلام الذي يتمثل في شريعته وهويته، تلك الهوية التي تحدد الانتماء والثقافة والتاريخ، وتحدد السياسة والتدخلات والتحالفات، والضوابط.. وبين الانتماء للغرب بطريقة مشوهة واضحة فلا هم مسلمون كما يدعي “أكرم أوغلو” وهو يقرأ القرآن في المسجد في حملته الانتخابية! ولا هو أعلن نصرانيته فرضي عنه الغرب رضا كاملا؛ بل هو بطة عرجاء ومسخ مشوه، لا بقي في الإسلام ولا صار أوروبيا نصرانيا! لكنه يتقرب اليهم ويغازلهم بعلمانيته وقوميته الرافضة للإسلام.

ليس في الأمر مفاجأة سوى تلك السرعة والجرأة والوقاحة في إظهار معاداة الإسلام ولغته والانسلاخ منه. وهنا نشير الى أمور:

أولها) ليست هذه الجرأة نابعة من نفوسهم فقط؛ بل هي نابعة كذلك من استنادهم لعدو خارجي، هو العدو الأصلي للأمة  من الكفار (الصليبيين والصهاينة) والمنافقين، وقد وعد الله بجمعهم في جهنم جميعا. والعدو الصليبي في أوروبا وأمريكا، بل وروسيا ـ فإنها عدو تاريخي للمسلمين الأتراك ولو كانت اليوم في حالة تحالف متذبذب ـ ومعهم الصهاينة في الكيان الصهيوني والعالم، يتضافرون، وتستمر مؤامراتهم، من أجل انكسار تركيا وتقهقرها عن أي اقتراب نحو الهوية الإسلامية. ولهذا نحذّر فقد يكون الاقتراب من الإسلام، والذي يزعج الغرب ويثير حنقه، مؤقتا وخاصا بالمرحلة الموجود فيها أردوغان إن لم يحدث لها ترسيخ شعبي وتيار داعم من (الأمة). ونحذّر كذلك أن المحاولات الغربية طويلة النفَس ولا تتوقف، فلو هُزموا في جولة ما فسيحاولون في جولات أخرى إن لم تتتابع خطوات المسلمين الى القوة حتى يقهروا أعداء الله تعالى.

وعليه؛ فيجب العمل بقوة لترسيخ الهوية الإسلامية وحشد الشعب حول دينه وعقيدته، بصورة واضحة وقوية وبلا لبس لقطع الطريق على تلاعب هؤلاء.

ثانيا) نقصد بالمنافقين طواغيت العرب المرتدين ردة صريحة، مع بقاء انتسابهم المزوَّر للإسلام. فهم في موقف عجيب؛ فالأتراك يمثلون لهم معبرا للتكنولوجيا الغربية والسلاح الذي يمنعه عنهم الغرب، وهم يمثلون توافقا عقديا يستلزم توافقا استراتيجيا وسياسيا مريحا وآمنا للعرب؛ فأعداء المسلمين عربا وأتراك هم العدو نفسه، صليبيون وصهاينة وصفويون، وتاريخهم مشترك، وطريق نهوض المسلمين عربا وأتراك وغيرهم كذلك واحد؛ فلماذا يريدونها منكسرة ذليلة تخسر ما تقدَّمته في دين ودنيا؛ لتصبح ذليلة تابعة متخاصمة مع دينها تُعين على المسلمين وتستغرق في عدائهم..؟

ثالثا) في رحلة السقوط والتراجع مع هذا السياسي الذي يتولى كِبْر الجريمة، تبدو قيمة كل تقارب نحو الإسلام، ولو كانت شبرا شبرا، ومظهرا مظهرا.. ويبدو موقف من يرفضون من يقوم بالاقتراب من الإسلام وقضاياه، وينصبون له العداء ويصرخون عليه ليل نهار، وليس عندهم بديل قادرون عليه! يبدو موقفهم ـ ولو بِغيرة على الإسلام وبحسن ظن فيهم ـ وقد ظهر خطؤه؛ فالتكاليف منوطة بالقدرة، ووضع بلاد المسلمين وحكوماتهم وشعوبهم وجيوشهم وهي تحت الهيمنة الغربية لأكثر من قرنين، واستقلالُهم صوري شكلي غير حقيقي، وتبدو عدم القدرة والوقوع في دوامة الأعداء وقلة الناصر من القوى البشرية، كل هذا يجعل المسلمين أكثر تريثا في الحكم على الأوضاع غير كاملة الشرعية.

ليس على المسلمين إعطاء شرعية إسلامية لمثل حالة تركيا في ظل قيادة أردوغان وحزبه؛ فهذا خطأ شرعي وتزوير. لكن كذلك ليس عليهم إسقاط التجربة أو تسويته بالطواغيت. فكلاهما خطأ.

فأردوغان، في أقل أحواله، لا يكره الاسلام كما يكرهه الطواغيت. وفرَحُنا به إنما هو كما فرح الصحابة بانتصار الروم على الفرس؛ وسمى الله عز وجل هذا النصر بـ “نصر الله”؛ لما فيه من الخير للمسلمين.

والواجب البحث عن مخرج حقيقي للمسلمين. وقد يكون السكوت عن مثل أردوغان، والاستفادة من تجربته، مع الاحتفاظ بالتقييم الشرعي؛ يبدو هذا أقرب وأسلم. خاصة أن الصارخين بالأمس من تجربة أردوغان لو سكتوا مع تجربة العلماني (أكرم أوغلو) ـ وهو يهيء نفسه لمنازلة أردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة ـ وهو يغرق بتركيا في وحل العلمانية  والقومية مرة ثانية سيكون موقفا معيبا لو سكتوا. ولو صرخوا فبلا قيمة؛ حيث رفضوا الأقرب للإسلام..!

خاتمة

في أوضاع الاستضعاف وموازين القوة المختلة اختلالا كبيرا، يجب التمسك الواضح بالعقيدة وثوابتها بلا أدنى غبش، لتوصيلها  ـ كأمانة ـ الى الأمة، والى الأجيال، وحفظها ولقاء الله تعالى بها.

وفي جانب آخر يجب التريث في الحكم على تجارب المسلمين.

ومن جانب ثالث يجب عدم الحرج مما أوحى الله الينا؛ فها هم أقزام وشذاذ آفاق يجترئون على أمة بأكملها؛ وتاريخها وعقيدتها وهويتها، وتاريخها، ومستقبلها السياسي والوجودي؛ لصالح عدو كافر، وعقائد ساقطة، ومشاعر حاقدة ضد الإسلام والعروبة؛ فإذا كان الفاجر لا يخشى ولا يهاب؛ فالتقيّ أولى بالإقدام.

هوامش:

  1. موقع “عربي 21”: إمام أوغلو يثير جدلا.. قرآن وأذان بالتركية في حفل ديني.

    اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق