بالصوت والصورة.. دليل مشاركة الإخوان المسلمين مبكراً في ثورة يناير!
سليم عزوز
وكأنه أصبح سؤال الوقت: هل شارك الإخوان المسلمون في ثورة يناير؟!
وهو سؤال يتفرع منه سؤال آخر يدور حول توقيت حضور الإخوان للثورة، حيث يبدو كما لو أن هناك اجماعاً بين القوى الرافضة للإخوان، على أن الجماعة لم تشارك في اليوم الأول، ولكن بداية مشاركة الإخوان كانت في يوم جمعة الغضب، باعتبارهم لصوص ثورات جاءوا متأخرين بهدف “ركوب الثورة”، وفي هذه الأيام وبمناسبة ذكرى مرور عشر سنوات على ثورة يناير قرأت لمن يقول إنهم لم يشاركوا كذلك في يوم جمعة الغضب، على نحو كاشف بأنهم جاءوا متأخرين كثيراً.
وإذا كان ليس في يد الاخوان من دنيا أريدها، فإن دهشتي منصبة على هذه الجرأة في تزوير التاريخ المعاصر والوقائع التي كنا شهوداً عليها، وكأنه لم يكفينا هذا التزوير الكبير لتاريخ مصر، قديماً وحديثاً، حتى اختلطت بسبب ذلك الأوراق والتفت الساق بالساق، فماذا يفيد الآن أن يكون الاخوان شاركوا في ثورة يناير، أو لم يشاركوا فيها؟!
فهل كان السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب الوفد، زميل ميدان؟ وهل كان سامح عاشور رئيس الحزب الناصري من مصابي الثورة؟ وهل كان رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الوطني الوحدوي أيقونة من أيقوناتها
الحقيقة التي تقبل الشك، أن الاخوان شاركوا في الثورة في يومها الأول (25 يناير) في حين أن قوى وأشخاص كانوا جزءاً من الثورة المضادة بعد ذلك، قادوا المهمة التي أطلق عليه الفرقاء “استكمال الثورة” بالدعوة للانقلاب على الرئيس المدني المنتخب، فهل كان السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب الوفد، زميل ميدان،؟ وهل كان سامح عاشور رئيس الحزب الناصري من مصابي الثورة؟ وهل كان رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الوطني الوحدوي أيقونة من أيقوناتها، ليقفوا كتفاً بكتف مع الدكتور البرادعي وحمدين صباحي، فيما سمي بجبهة الإنقاذ التي كانت تعقد مؤتمراتها في مقر الوفد، وهل كان هذا الحزب من مقار ثورة يناير؟!
إن الأول وعندما وجد ضغوطاً من شباب الحزب في يوم 25 يناير، لم يعلن أن الوفد مع المظاهرات، ولكنه قال – وهو في وضع الرضوخ للضغوط – إن من يريد أن يشارك فليشارك على مسؤوليته الشخصية، في حين أن الثاني قال إن حزبه الناصري لن يشارك في مظاهرات لا يعرف هوية الداعين لها، وبعد ذلك عقد اجتماعاً حزبياً في مقر الحزب الذي هو على بعد مرمى حجر من ميدان التحرير ليقول إن مبارك خط أحمر، في حين أن الثالث وهو رئيس حزب التجمع، أعلن بصراحة إنه ضد المشاركة في هذه المظاهرات وكان جزءاً من نظام مبارك الذي وفر له الحراسة، وعينه عضواً في مجلس الشورى!
وذلك على العكس من الاخوان الذين شاركوا في الثورة، من أول يوم، تقول من أول يوم؟ نعم من أول يوم، وليس الدليل على ذلك هو – فقط – ما قلته أكثر من مرة أنني شاهدت الدكتور محمد البلتاجي مرتين في يوم 25 يناير، الأولى متظاهراً أمام دار القضاء العالي، ظهراً، والمرة الثانية بعد المغرب في ميدان التحرير!
الحقيقة أن موقف جماعة الإخوان المسلمين من المشاركة في مظاهرات 25 يناير تطور بشكل ملحوظ في ساعات قليلة، ومن عدم الممانعة في المشاركة، إلى الحشد لها، والدعوة اليها، بينما كان الدكتور محمد البرادعي خارج البلاد، وقد استنكر عليه الإخوان في تصريحات منشورة في اليوم التالي بجريدة “المصري اليوم” تقاعسه وعدم حضوره للمشاركة، بإعلانه حتى يعطي فرصة للشباب لإثبات ثقته في نفسه ولأنه لا يريد أن يسرق الأضواء، وقال النائب السابق عن جماعة الإخوان “محسن راضي”، إن عدم حضوره كان سبباً في عدم وجود الحشود الكبيرة!
إن السؤال المهم هو ليس من شارك في الثورة؟، ولكن، من خان الثورة ومكن كل زناة الليل من حجرتها، وكان كالذي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً
لقد نقلت جماعة الإخوان للأسر عبر ما يعرف بـ “البريد” أن من يريد أن يشارك فليشارك، وأن الجماعة لا تمنع أحداً من المشاركة!
وهذا موقف متطور في أسلوب جماعة تؤمن بالسمع والطاعة، وكانت متأثرة بأجواء انتفاضة القضاة في سنة 2005، عندما تم القبض على عدد كبير منها، كان من بينهم الدكتور محمد مرسي، فكان القرار بعدم مشاركة الجماعة في أي حراك بأكثر من 25 في المئة بحسب التقديرات له، ومن رموز الجماعة المشاركة في أي حراك بدون الرجوع لمكتب الارشاد.
ثم تطور الموقف سريعاً، و من ترك الحرية للأفراد للمشاركة، إلى إعلان المشاركة؛ حيث صرح الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد في ليلة 25 يناير، للموقع الرسمي للجماعة، إن الإخوان أعلنوا المشاركة غدا (25 يناير) بالاتفاق مع الجمعية المصرية للتغيير، وبأعداد كبيرة، في الوقفة المقرر لها أمام دار القضاء العالي، وقال: “نحن قررنا ألا نمنع أحداً من شباب الإخوان من المشاركة ومن يريد أن يشارك في أي مناطق أخرى فليفعل؛ كل في مكانه وفي محافظته للتعبير عن الغضب من السياسات….”
وقال: “إن من حق الشباب أن يعبر عن غضبهم… “ولا يمكن لقيادة الإخوان إلا أن تشارك في هذه المظاهرات…”
وكان طبيعياً بعد ذلك أن يستدعي جهاز مباحث أمن الدولة كل المسؤولين بالمكاتب الإدارية عن الجماعة يوم 26 يناير، لتحذيرهم من مغبة المشاركة في الدعوة يوم 28 يناير “يوم جمعة الغضب”!
وكان كل منهم يظن أنه استدعى بمفرده وكما روى لنا أحد الذين كانوا هناك، وكانت المفاجأة أنه بدا كما لو كانت الدعوة لهم لحضور اجتماع، ولم يعطي المسؤولون المحليون بالجماعة قراراً بعدم المشاركة، فقد قالوا إنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا أحداً قرر المشاركة في جمعة الغضب، وأن على الجهاز أن يناقش الأمر مع مكتب الإرشاد!
لكن مكتب الإرشاد كان في اجتماع في هذا اليوم (26 يناير) وكان القرار هو الحشد ليوم جمعة الغضب ومشاركة الجماعة فيه كتنظيم، ليتم اعتقال 44 عنصراً من قيادات الجماعة بالمحافظات المختلفة، من بينهم ستة من أعضاء مكتب الإرشاد من بينهم الدكتور محمد مرسي!
إن السؤال المهم هو ليس من شارك في الثورة؟، ولكن، من خان الثورة ومكن كل زناة الليل من حجرتها، وكان كالذي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
وصدق القائل: إن على من يكتب التاريخ أن يكون أكثر من انسان. فعلى من تقرأ مزاميرك يا داود؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق