مصر بتفرح والبقاء لله
مصر بتفرح والبقاء لله
أحمد عمر
استعاد النشطاء حواراً مع عبد الفتاح السيسي، وهو يتحدث "متأثراً" عن والدته، المعروفة رسمياً باسم الحاجة سعاد محمد، وإعلامياً بلقب الأم المثالية. تؤكد تقارير إخبارية أنها ربّت عبد الفتاح على الوفاء بالقسم، وزرعت فيه ثلاثة فلاتر؛ الصدق والأمانة والحق، ولو أنّ فلتراً واحداً كان يعمل في قلب هذا الكائن، لرأينا مصر قدّ الدنيا كما وعد.
يجلس السيسي في الصدر، على كرسي ملكي، في بهو إمبراطوري، وحوله ثمانية إعلاميين، في سطرين، أربعة في اليمين وأربعة في اليسار.
يجيب عن سؤال الأم، فيصغي الزبانية، وكأنّ على رؤوسهم الطير، يقول هذراً عاماً عن أمه، لا خبر فيه، لا قصة، لا عظة، تصاحب الثرثرة موسيقى تصويرية، تحاول إنقاذ بلاغة اللغو، وتقترب الكاميرا في وضعية كلوز على أحد الإعلاميين، وهو يضع يده على فمه مصغياً، مشنفاً.
يتعطل الفلتر عند تكرار كلمة: قوي، قوي.. لو يتذكّر بيت الشعر الشهير لأحمد شوقي الذي كنا نتداوله في مواضيع الإنشاء في المدرسة، عن الأم المدرسة؟ لو يتذكّر آية قرآنية عن برِّ الأبناء؟ لو يتذكّر واقعة تاريخية؟ أسماء بنت أبي بكر التي قالت للسيسي عن مرسي: أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك؟
"كل واحد بيشوف والدته أحسن أم (وهذا غير صحيح) وده طبيعي، بس والله من غير مجاملة ولا مبالغة، أنا كنت محظوظ بأمي قوي، لأنها كانت "شديدة" الحكمة، والإيمان بالله، علمتني التجرد "أوي" في أحكامي، وأول ما اتعلمت التجرد قوي في أحكامي، رحت حاكم عليها وعلى ممارساتها بالتجرد".
يلتبس على أحد عتاة الإعلاميين معنى "التجرد"، فيسأل الرئيس عن معناها النبوي، فيتأمل في السقف، وتتسع فتحتا أنفه، ويستخدم يديه في شرح الجمل العبيطة: "التجرد معناه يبقى عندي قيم "معينة" بقيس عليها الأمور، فزاد حبي ليها، وزاد احترامي ليها، وتقديري العظيم ليها، علمتني كتير "قوي"، وحتى الآن رغم ظروفها بتعلمني"، ثم يعرج إلى مدح الزوجة الفاضلة، فقد تغار من حماتها.
ذكر هذا المتجرد من الضمير الذي غدر بالرئيس والشعب، وارتكب أكبر مذبحة في التاريخ العربي، زماناً ومكاناً، بفلم "الفرح" المصري، وبلغ من وفائه لأمه التي يحبها قوي، قوي أن أكرم وفاتها ليس بتأجيل دفنها ساعات، مثل زينهم في فيلم الفرح، وإنما بوضعها في الثلاجة، من أجل الاحتفال بعرس قناة السويس الجديدة.
فأم زينهم في فيلم الفرح بطلة منسية، وأم طيبة، تهدي راقصة الفرح إلى الحق وتعظ الأبناء. أجَّل زينهم، دفن أمه ساعات، وليس شهراً من أجل رز "النقطة".. تحيا مصر.
تتداول الصحف صورة المتجردة أم المتجرد في سيارة فاخرة، والمتجرد يتحدث معها من النافذة، وأخرى وهو يقبّل رأسها، في صورة تشبه أفيشات الأفلام.
وكانت صورة حافظ الأسد مع أمه أكثر تواضعاً، فهو ينحني ليقبل يدها في لوحة رسمها فنان يعتقد أنه كردي بسبب زيّها، وحول رأسها هالة القداسة. تتوالى الأخبار عن وفاء الابن البار الذي قضى يومه، وهو يقرأ لها القرآن. ينبئنا مذيع متجرد أنّ مكانها محجوز في الجنة على حسن التربية! يصاحب هذه الأحاديث خبر عبور سفينة فيها ثلاثة أطنان! لا نعرف هل الأطنان تبن أم تراب أم فوسفات؟ ستعوم مصر في الرز.
يقول خبير الاستخبارات، أندرو توللي، "نحن في مقر المخابرات الأميركية (لا نجلي)، إذا أردنا أن نصنع رئيساً في العالم العربي ننتقي الأسوأ، ونعيِّنه رئيساً. أميركا لا تريد رئيساً صالحاً على الإطلاق، تريد رئيساً مشرداً، متصعلكاً له الخبرة والتجربة في قتل الناس".
وصف دبلوماسيون الديكتاتور المتجرد سوموزا بالحقير أمام المتجرد ترومان، فقال: إنه حقيرنا.
بكل عدل وتجرد: يرحمها الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق