الاثنين، 24 أغسطس 2015

كتاب “رمال متحركة”: لماذا فشل الربيع العربي؟

Shifting Sands: The Unravelling of the Old Order in the Middle East review – why the Arab spring failed

كتاب “رمال متحركة”: لماذا فشل الربيع العربي؟


إيان بيرل – الغارديان (التقرير)
ذهب خالد فهمي إلى ميدان التحرير في القاهرة قبل أربع سنوات؛ للانضمام إلى ما كان يتوقع أن يكون تظاهرة صغيرة أخرى يتم سحقها من قِبل قوات الشرطة القاسية. ولكن بدلاً من ذلك، وجد فهمي نفسه جنبًا إلى جنب مع عشرات الآلاف من زملائه المصريين، يدعون إلى سقوط حسني مبارك، ونهاية الدكتاتورية المستمرة منذ 30 عامًا. وعادوا إلى الميدان يومًا بعد يوم، معتقدين أن صوتهم بات مسموعًا. وانتشر شعار جديد، يرمز إلى المطالبة بالكرامة الإنسانية، ويقول: ارفع رأسك، أنت مصري“.
كم تبدو تلك الأيام بعيدةً الآن، وكم تبدو تلك التوقعات الديمقراطية ساذجة. لقد تمت الإطاحة بمبارك، ولكن مصر تعيش الآن في ظل ديكتاتورية عسكرية أسوأ، اعتقلت أصدقاءنا، وسجنت رفاقنا، وسحقت أحلامنا“.
 لقد أمرت المحاكم بمئات الأحكام من الإعدام، وتم سجن الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، في حين نفذت قوات الأمن واحدة من كبرى عمليات قتل المتظاهرين في الذاكرة الحديثة. وعلى الرغم من ذلك، يستمر الغرب في دعم هذا النظام البشع، وبيعه الأسلحة.
ويتساءل فهمي -أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية بالقاهرة- في مساهمته المتألقة في كتاب رائع يجمع 15 مقالاً كتبها أكاديميون وكتاب: كيف تحول الربيع العربي إلى الكابوس العربي، الذي لا يبدو أننا قادرون على الاستيقاظ منه؟“.
ويعد هذا السؤال هو التساؤل الرئيس في صميم الكتاب، الذي نشأ كنتيجة لمناقشات في ماضي، وحاضر، ومستقبل الشرق الأوسط، عقدت في مهرجان أدنبورغ الدولي للكتاب العام الماضي. وتمثلت النتيجة في عمل قصير يتضمن نظرة مفيدة، إلى الغضب العارم الذي يجتاح المنطقة.
وتعد مقالة فهمي نموذجية، رغم سبرها للتاريخ بلهجة ساخرة. ويقول الباحث إن القضية الأكثر صعوبة ليست تحديد متى انتهت الثورة، بل متى بدأت. ويقترح أنها كانت انتفاضة ضد الدولة المصرية الحديثة، بدأت تتشكل قبل أكثر من قرنين من اجتياح تلك الجموع الشوارع ضد حكم مبارك الفاسد. ويضيف الكاتب: لقد كان الناس في حالة من التمرد المستمر على مدى السنوات الـ 200 الماضية“، وكانت هذه “آخر مرحلة من مراحل نضالنا لإجبار الدولة المستبدة على خدمتنا“.
ويذهب باحثون آخرون إلى ما هو أبعد من ذلك. ويدعي جوستين ماروزي أن التوترات الطائفية التي تمزق العراق كانت موجودة هناك منذ تأسيس بغداد في أواخر القرن الثامن. ويشير الباحث إلى الكيفية التي فهم بها العثمانيون هذا الأمر خلال فترة حكمهم الطويلة للعراق، والتي سبقت وصول البريطانيين عام 1917، من خلال إدارة المكان كثلاث محافظات. ويضيف: “قرر البريطانيون، بحكمتهم، رمي جميع هذه المحافظات معًا، وإنشاء الدولة العراقية الجديدة“.
ولم يخرج البريطانيون والفرنسيون بأي فضل بعد تدخلهم الاستعماري، الذي دمر النظام القديم في العالم الناطق باللغة العربية مع قليل من التفكير في العواقب، وهو ما يمكننا أن نراه ممثلاً اليوم في الهزات الرهيبة التي تهز المنطقة بأكملها.
وهناك الآن الكثير من النقاش، وربما أكثر من اللازم، حول اتفاقية سايكس- بيكو السرية في عام 1916.
ومع ذلك، أحببت شخصيًا ما يوحي به قيام المفاوض الفرنسي، فرانسوا جورج بيكو، حينها بالتوقيع على الاتفاقية بالحبر، في حين استخدم المفاوض البريطاني، السير مارك سايكس، قلم الرصاص، وهو ما يعكس موقف كل جانب من الاتفاقية.

ولكن هذا الكتاب ليس مجرد سرد تاريخي؛ بل يشمل أيضًا الفن والثقافة، جنبًا إلى جنب مع الأحداث الجارية.
وتقدم الصحافية راميتا نافاي تحليلاً قويًا للتوتر المحتدم في إيران، وتتساءل عما إذا كان التحالف الناشئ بين طهران وواشنطن، سوف يمكن أن يكون في أي وقت أكثر من اتحاد تكتيكي مؤقت.

وعلى طول الطريق، تشير نافاي إلى كيفية بث الإنترنت الطاقة في موضوع مثليي الجنس هناك، في حين يعد معدل البحث عن المواد الإباحية على شبكة الإنترنت في إيران من بين أعلى المعدلات في العالم. ومع ذلك، لا يزال رجال الدين المحافظون يسعون للسيطرة على الحياة الجنسية للمرأة، وحتى إنهم يناقشون سراويل النساء في البرلمان،
باعتبارها جريمة ضد الأخلاق“.
وبالتأكيد لا تقدم كل مقالات الكتاب ما هو مثير حقا. وليس في مقالين من مقالاته سوى القليل مما هو جديد، في حين تعد مقالة واحدة منه، عن سوريا، مملة ومن أسوأ أنواع الصحافة، حيث تستهلك الكثير من الوقت في إدانة وسائل الإعلام الدولية، بغض النظر عن وفاة وإصابة، وخطف العديد من الصحفيين الذين كانوا يحاولون الخروج بالقصة من هناك.

ولكن على الرغم من هذا، تعد النتيجة الصافية كتابًا موضوعا من قِبل كتاب عارفين إلى حد كبير، ومتحمسين، ويعبرون عن العالم من حولهم كأنهم في قلب النار.

وتعكس هذه المقالات صدى المحادثات التي كنت قد سمعتها في المقاهي والمنازل في جميع أنحاء المنطقة. ورغم كل التشاؤم الذي لا مفر منه، نظرًا لأهوال القمع والتعصب الديني، والحرب الأهلية، لا تزال ومضات التفاؤل التي كانت سائدة في تلك الأيام الملهمة من أوائل عام 2011 قادرة على اختراق الكآبة. ولذلك، يكتب فهمي أنه واثق من أن الثورة ستسود يومًا ما، نظرًا لعمق جذورها، ولأن الناس قد
 فتحوا الصندوق الأسود للسياسة“. 
ومع ذلك، من الصعب التخلص من اقتباس مأخوذ من نيتشه، واستخدمته مجموعة من فناني الشارع السوريين، هو: “كن حذرًا عند محاربة الوحوش، لئلا تصبح واحدًا منهم”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق