وانفتح باب العراق.. مجدداً!
طلعت رميح
فُتح باب العراق وصار ممكناً الحديث والحوار عن حل وطني، ينهي مأساة هذا الشعب العربي العريق، ولذا تبدو مبادرة هيئة علماء المسلمين في العراق،خطوة مهمة وفي توقيت مدقق،لبداية مشوار جديد مختلف،رغم ما تواجهه وستواجهه من تحديات وعداء.
لقد تصور المحتل الأمريكي أن أمر العراق، قد انتهى، وأن شعبه بات تحت السيطرة،بعد احتلال بغداد وإسقاط جهاز الدوله وتفكيكه،وحصار أهل العراق داخل جغرافية هذا البلد.
لقد أدخل المحتل كل ذئاب الأرض الشرسة من عملاء إيران الميلشياويين إلى كل رجال المخابرات،وقام بحمايتهم وهم يرتكبون كل أشكال الجرائم التي مرت بها تجارب وحشية الإنسان.
لكن المقاومة تصدت للغزاة وظلت تقاتل داخل جدران العراق، دون أن يساندها النظام العربي،حتى أجبرت قوات الاحتلال الأمريكي على القفز من أسوار العراق،فانفتح أفق للحل.
لكن إيران تدخلت بشكل مباشر،لتعيد تكرار تجربة الاحتلال وفق صيغة طائفية كان رأس تنفيذها نوري المالكي،فدارت معارك سياسية وجماهيرية وعسكرية شرسة في مواجهة الاحتلال الإيراني.
انتفضت محافظات وسط العراق على الحكم الطائفي والاحتلال الإيراني،وظلت صامدة بتظاهرات سلمية حضارية تواجه الرصاص الطائفي الميلشياوي،فأوعزت إيران بعدوان عسكري على المتظاهرين،فكان أن اختلطت الأوراق ودخل العراق في دوامة شاملة جديدة.
ظهرت داعش،بعد أن تدخلت إيران بنفسها وبشكل علني،وعادت الولايات المتحدة إلى لعبة الاحتلال والقتل والتدمير مرة أخرى،وتواصل الدمار والقتل والتهجير،فما كان من شعب العراق إلا أن قلب خطة عودة الاحتلال رأسا على عقب،وهذه المرة كان البطل مواطني الجنوب والوسط.
أشعل الشعب مظاهرات عارمة،خرجت تهتف للعراق لا للمراجع ولا للعملية السياسية ولا لإيران ولا أمريكا،فانفتح باب العراق مجدداً على الحل.
هنا تحركت القوى الظلامية الطائفية والاستعمارية لإجهاض المظاهرات ومنع تحولها إلى ثورة.
وهنا وفي المقابل،جاء توقيت إطلاق هيئة علماء المسلمين بالعراق،كصدفة خير من ألف موعد.
كانت الهيئة قد أعلنت عن إعدادها لمبادرة جامعة لأهل العراق منذ عدة أشهر،فجاء الإعلان بعد أسابيع من إطلاق الشعب العراقي مظاهراته التي أعادت فتح باب العراق على الحل من جديد.
لكن،الباب الذي فتح يقف خلفه من يحترف أعمال القتل والطائفية وميلشيات وأدوات إقليمية ودولية ودول استعمارية لا تعد ولا تحصى.
ولذا ورد في مبادرة هيئة علماء المسلمين،إدراك بأن المبادرة،وهي تسعى لحشد مواقف ومعالم قوة الأطراف التي أغلق الاحتلال باب العراق دونهم طوال السنوات الماضية- منذ الاحتلال وحتى الآن- إنما تستلهم روح المقاومة والانتفاضات والمظاهرات في سعيها لإنقاذ العراق.
وهي أيضاً لم تتوجه بالمبادرة لرموز العملية السياسية الفاشلة الراهنة،وإنما هي تحدثت عن حالة حوار بين القوى الرافضة للاحتلالين الأمريكي والإيرانى والمواجهه للطائفية والميلشياوية،لأجل تشكيل حالة إجماع وطني على بناء عراق غير طائفي. عراق مستقل. عراق تعددي ديمقراطى.
بعدها يقوم الذين اجتمعوا على تلك الأفكار والقواعد بالعمل على تحقيق هذا العراق.
والسؤال الحقيقي في المبادرة لا يدور حول موقف أهل العراق، فهم ثاروا في كل مكان بأرض العراق وقاوموا وانتفضوا ولم يواجهوا سوى مشكلة واحدة. ضعف الحاضنة العربية ولا أخلاقية المواقف الدولية.
السؤال الحقيقي يدور حول الموقف العربي الذي لم يعد مطالبا بمساندة مبادرة العراق الجامع فقط،بل بات مطالبا بالوقوف بوجه من يقف ضدها،وأن يقدم لها الدعم والمساندة، ولو من باب التكفير عن ذنوب الصمت الماضي!
هي مبادرة ناتجة عن حوار طويل وممتد،وهي مبادرة للحوار بين الأطراف الوطنية الساعية لإنقاذ العراق، لكي تتولى هي عبر مؤتمراتها ولقاءاتها صياغة مشروع إنقاذ العراق وتحديد الإطار التنظيمي وأساليب تحقيق الأهداف،وهي من ستحدد لمن تتوجه ومن ستواجه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق