الخميس، 30 أبريل 2020

الداء والدواء - (3) الحجر الصحي


الداء والدواء 

(3) الحجر الصحي


حامد بن عبد الله العلي

ستلاحظ أن الأمور قد تغيرت بشكل عجيب، مع مدوامتك على هذه الوصفة التي وصفت لك، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي.

هذه هي وصفتك الطبية، ومدة الشهر غير مقصودة بالتحديد، فقد يظهر عليك التغير قبل ذلك، و قد تحتاج إلى الاستمرار إلى أكثر من شهر في هذا الحجر الصحي، والهدف منه هو طرد الشيطان من القلب، وتنظيف آثاره، وأوساخه، وقاذوراته التي وضعها فيه، لأنها هي السبب في كون قلبك ضعيفًا لا يستطيع إرادة الخير وفعل الصالحات، وينقاد بسرعة إلى نداء الشهوات.



فإن عاد إلى القلب عافيته، وصار سليمًا قويًا بذكر الله تعالى، محصنًا من كيد الشيطان، فخفف قليلًا من هذا البرنامج على قدر ما تطيق، فقد قال صلى الله عليه وسلم «عليكم بما تطيقون» (متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها)، إلا إن كنت تطيق أكثر من ذلك، فزد من الخير ما دام قلبك يحب العمل الصالح، فهذه الوظائف الإيمانية هي الدرجات عند الله، كلما أكثر العبد منها ارتفع وعلا في مدارج التقوى، واحسن أداء ما افترض الله عيك، وستلاحظ أن الأمور قد تغيرت بشكل عجيب، مع مدوامتك على هذه الوصفة التي وصفت لك، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي، وستجد قلبك لا يريد فعلها، وينظر إليها نظرة احتقار وازدراء، وستحب العمل الصالح، وتنشط له، وتشعر بحلاوته في قلبك.

السر في هذا التغير، هو أنك عالجت القلب بذكر الله تعالى والعمل الصالح، فصار صحيحًا يريد الخير ويحبه، بعد أن كان مريضًا يريد الشر والسيئات ويحبها، قال الحق سبحانه {وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّ‌هَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ‌ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الرَّ‌اشِدُونَ . فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَنِعْمَةً ۚ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات:7-8] والله أعلم.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
نشر في التاريخ :2014-06-12
ذات صلة

الداء والدواء - (1) استحوذ عليهم الشيطان

الداء والدواء-(2) الوصفة الطبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق