الاثنين، 20 أبريل 2020

من عجائب (مالك بن نبي)

من عجائب (مالك بن نبي)

محمد جلال القصاص

لم يكن لأتباع المسيح عليه السلام كيانًا يصارع الحضارة الرومانية ويقضي عليها، ولم تنشأ حضارة بعد ذلك باسم المسيح عليه السلام على أنقاض الرومان، فأول ظهور لأوروبا بعد الرومان كان علماني يكفر بالدين ويعاديه.

من أفكار الأستاذ (مالك بن نبي) أن الحضارة الإسلامية سَهُلَ تشيدها نظرًا لأنها أقيمت في الجزيرة العربية حيث لا حضارة، أما الحضارة النصرانية فقد تأخرت قرونًا من الزمن، ذلك لأنها صارعت الحضارة الرومانية، يقول: "بنى الإسلام في فضاء ولذا شيد البناء الحضاري سريعًا، وحاولت النصرانية أن تبني فكان عليها أن تزيل الحضارة الرومانية بدايةً ثم تشيد بناءها الحضاري"! وهذا الكلام عجيب!


أقل ما يعرف عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم في سنواتٍ معدودات قضوا على مملكة الفرس كاملة في نطحةٍ أو نطحتين، وأزاحوا الروم من الشام ومصر والمغرب، وحاصروها في عقر دارها، وهم كما هم، بذات الثياب وذات السلاح، لم يطرأ عليهم أي تغيير لا في الملبس ولا في المأكل ولا في المشرب، قوضوا الحضارتين الفاسدتين بشهادة أهل التاريخ -انظر ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين-، قبل أن يضعوا حجرًا على حجر أو قبل أن يمسكوا ورقةً وقلمًا.

وبعد.. ازدهرت الحضارة الإسلامية في بلاد الروم والفرس، (الدولة الأموية التي امتدت من فرنسا والمغرب إلى الصين)، (والعراق.. بغداد). فعصرنا الذهبي كان حيث كانت فارس والروم.

ومن زاوية أخرى لم تفد من الحضارتين شيئًا يذكر، إذ أن حركة الترجمة بدأت متأخرة -بعد قرنين من الظهور الإسلامي- وكانت في العلوم الفلسفية التي أثارت جدلًا وشقاقًا بين المسلمين، لا العلوم التقنية فالتقدم التقني الذي أنجزه المسلمون لم يأتِ من سياق غربي أو شرقي، ولم يكن هو عنصر الرقي الاجتماعي والإنساني أو العسكري -أو غير ذلك- في الحضارة الإسلامية.. وأمارة ذلك في أنه جاء متأخرًا، وكان نقطة انحدار لا نقطة صعود.

وكذا لم يكن لأتباع المسيح عليه السلام كيانًا يصارع الحضارة الرومانية ويقضي عليها، ولم تنشأ حضارة بعد ذلك باسم المسيح عليه السلام على أنقاض الرومان، فأول ظهور لأوروبا بعد الرومان كان علماني يكفر بالدين ويعاديه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق