الجمعة، 10 أبريل 2020

الإسلام إذا حاربوه اشتد

الإسلام إذا حاربوه اشتد


 محمد عبد الرحمن صادق
منذ أن صعد النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا مُعلنا عن نبوته وعن الدين الجديد ولم تمر حِقبه من الزمان دون أن تُحاك بالإسلام الفتن والمؤامرت ودون أن يطارد الدعاة المخلصين، وفي كل مرة يتجدد شباب الإسلام حتى يكون أصلب عوداً وأقوى تأثيراً وأكثر أتباعاً.
قال الخطيب الإدريسي: إنّ الإسلام إذا حاربوه اشتدّ، وإذا تركوه امتدّ، والله بالمرصآد لمن يصدّ، و هو غنيّ عمّن يرتدّ، و بأسه عن المجرمين لا يُردّ، وإن كان العدوّ قد أعدّ فإنّ الله لا يعجزه أحد، فجدّد الإيمان جدّد، ووحّد الله وحّد، وسدّد الصّفوف سدّد.
أذكر ذلك بمناسبة تداعي الأمم على الإسلام في عصرنا هذا وفي أيامنا هذه بل وتداعي بعض العلماء الذين يُحسبون على الإسلام نفسه مما أغرى السفهاء والعملاء وظنوا أن فرصتهم قد سنحت للنيل من جسد الإسلام وودوا لو هجموا عليه هجمة رجل واحد فأردوه صريعاً قتيلاً.

لقد تعرض الإسلام في الفترة القصيرة الماضية لضربات كالصواعق وذلك بمناهضة وتشويه علماء الأمة الأجلاء ورموزها الشرفاء وبث الفتن والأكاذيب ونشر الرذائل من كل نوع ولون ومن كل حدب وصوب وكل ذلك حتى لا تقوم للإسلام قائمة.
رأينا في السنوات الماضية فتاوى شاذة تدع الحليم حيراناً ورأينا ترويجاً للفسق والفجور والإباحية والشذوذ رأينا الدعاوي المتكررة لما يسمونه (تجديد الخطاب الديني) كل ذلك في ظل الصمت المُطبق من علماء السلطان ومن أصحاب العمائم واللحى الذين طالما ملأوا الدنيا نحيباً وعويلاً.
هل نسي أو تناسى هؤلاء أن الله تعالى قد قال في محكم التنزيل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً".
جزء من آية لو قارنا عدد كلمات هذا الجزء بكلمات الآية التي ذكرت فيها كاملة لكان (السُّدس) ولكنها كلمات موجزة قاطعة لا تحتمل أي تأويل ولا تفسير غير معناها الظاهر الواضح الصريح الذي يفهمه الجميع.
إن دين الإسلام قد اكتمل، والنعمة قد تمت، والله تعالى قد ارتضى الإسلام لنا ديناً، إذاً أي تحريف أو تعطيل في هذا الدين سيجعل منه مَسخاً جديداً مختلف تماماً لا ينفع أن يُقال عليه دين ولا يجوز الأخذ به.
إن من يحاولون الترقيع في ثوب الدين ليأتوا بدين على هواهم سيغلبهم الدين بل سيفضحهم لأنه كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري: "إن الدينَ يُسرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه ".
ألا يعلم كل أخرق أرعن يحاول الترقيع في ثوب الدين أن الله تعالى قد تكفل بحفظ الدين ولم يفوض غيره بهذه المهمة فأنى لهم أن يستطيعوا تغيير موضع حرف فيه!! 
قال تعالى: "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {15}" (سورة يونس).
ألا يعلم كل أخرق أرعن يحاول الترقيع في ثوب الدين أنه من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله!!
ألا يعلم كل أخرق أرعن يحاول الترقيع في ثوب الدين أن هذا الدين فتحت به الأمصار، وجثت عنده الرَّكب، ونهل من منهله العلماء، وشرب من مشربه الأدباء، وخشعت لهيمنته الأبصار، وذلت له القلوب، وقام بتلاوة كتابه العابدون, والراكعون, والساجدون!!
ألا يعلم كل أخرق أرعن يحاول الترقيع في ثوب الدين أن الله تعالى قد قالها حاسمة قاطعة: "... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {85} " (سورة البقرة).
إن خزي الدنيا يلاحق كل هؤلاء حتى ينفَق الواحد منهم كما تنفق الدابة وهو قد خسر الدنيا والآخرة ويبقى نور الله تعالى نور هداية للعالمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!!
إن دين الله تعالى الذي خضعت له الجزيرة العربية كلها بمن فيها من الكفار ومن أهل الكتاب، والذي أدب الفرس والروم، والذي أذل التتار وقهر الصليبيين، والذي انتشر في ربوع المعمورة من أقصاها إلى أقصاها، لن يوقف انتشاره ولن يوهن من قوته بفضل الله تعالى ما يحاك له من مؤامرات عل يد نكرات مهازيل مهما بلغت قوتهم ومهما بلغ سلطانهم.
إن دورنا أن نكون في خندق الحق مرابطين ومدافعين عن دينه مهما كلفنا ذلك من تضحيات فما عند الله خير وأبقى.
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق