الأحد، 19 أبريل 2020

رواية (بروتوكولات حكام العرب) لمحمد عباس

رواية (بروتوكولات حكام العرب) لمحمد عباس

محمد عدس
21/10/2014 

الرواية العبقرية "بروتوكولات حكام العرب" للدكتور محمد عباس تُلِحُّ على عقلى من وقت لآخر عندما يصدمنى موقف من المواقف العجيبة لهذا الدعيّ الانقلابي الذى يقود البلاد إلى الخراب والإفلاس ثم يزعم للناس بأنه يريد لهم الخيرَ والإصلاح .. هنالك تلتمع فى خاطري لقطة حية من أحداث هذه الرواية فتضيئ العقل بنور الفهم .. لقد اكتشفت مؤخّرا أن من يريد أن يفهم فلسفة الدكتور عبد الوهاب المسيرى فى "النماذج التفسيرية" باعتبارها وسيلة للتفسير والتحليل المنطقي ، فعليه بقراءة البروتوكولات ؛ فالمسيرى ومحمد عباس يتكاملان فى نقطة جوهرية جُوّانية عميقة الأغوار: يكدح المسيري فى تشكيل نموذجه التفسيري للظواهر الإنسانية بالتجريد والتنسيق بحيث تصبح عناصره المعرفية فى تركيبها متماثلة مع عناصر العلاقات الموجودة بين عناصر الواقع ... إنها نفس الأنشطة العقلية التى يقوم بها محمد عباس فى وصفه وتقديمه للظاهرة الإنسانية أي الوقع الخارجي نفسه .. وهنا ينقدح فى الذهن العلاقة التكاملية بين عبقرية الرجلين .. كنت فى السابق أندهش من طاغية فاشي النزعة مثل مبارك وهو لا يدع فرصة أو مناسبة إلا ويلقى باللوم على الشعب المصري؛ فالشعب هو المسئول عن نقص القمح والطعام لإفراطه فى الإنجاب وزيادة عدد السكان.. وفى نقص السلع الغذائية بالأسواق وارتفاع أسعارها لسوء استخدامه لها، وهو المسئول عن كل أنواع الفساد والرشاوى فى المجتمع... وكان يزعم دائما أنه يتعب ويسافر كثيرا إلى الخارج ليوفر للشعب احتياجاته.. ولولا سفرياته لجاع الناس.. سمعته لأول مرة فى حديث متلفز سنة ١٩٨١ يفسر أزمة السكر التى تفاقمت فى عهده فأرجع السبب إلى طريقة عمال البناء المساكين فى إعداد كوب الشاي قال وهو يمثل بأصابعه وحشية العمال: الواحد منهم مايكتفى بملعقة أو اتنين إنما يقعد يدس فى الكبّاية سكر خمس ست ملاعق.. عشان كده عندنا أزمة سكر.." لم أكن فى مصر حينذاك ولكنى علمت من مصادر ثقة فى مصر أن سبب الأزمة الحقيقي هو جشع الرأسمالية التى تسانده فى السلطة فقد سحب أصحابها من السوق السكر المدعّم بسعر ستين قرشًا للكيلو .. ثم أضافوا إليه بعض الدقيق والألوان والطعوم الصناعيه ليصنعوا منه حلوي وفطائر يبيعونها بستين جنيها للكيلو ..  يعنى أخذوا سكر الفقراء وصنعوا منه أطعمة لا يمسَّها فى مصر إلا الأغنياء ثم يأتى كلبهم الكبير ليكذب على الناس ويخفى الحقيقة .. ثم يصب اللعنة على الفقراء المساكين الذين يستخدمون كوب الشاي بالسكر غذاءً أساسيّا لتعويض بعض الطاقة فى عملهم الشاق طول النهار.. وهم يشيدون العمائر والقصور للأغنياء..!! لم أفهم وقتها لِـمَ كل هذا التناقض والكذب ..؟! حتى قرأت البروتوكولات وفهمت مصدر هذا الخُبْثِ وهدفه ؛ فسيده وأستاذه الشيطان الأكبر يقول فى نصائحه للحكام: " سوف تتحدثون عن تخلّف الشعب.. عن جهله.. عن قلة إنتاجيته وزيادة استهلاكه.. عن غبائه وعدم قدرته على الفهم... وكل هذا مجرد تمهيد للبطش والقمع لشعب لم يربّ ويجب أن يساس بالحديد والنار...!! نعم .. عليكم أن تدفعوا شعوبكم للشعور بالإثم والعار لأنهم سبب كل هزيمة وأنه لولاكم لساءت الأمور إلى غير حد.. عليكم أن تزرعوا في أذهان الناس أن العار يجلِّلهم والخطيئة تحيط بهم وأنهم هم المسئولون عن كل ما حدث.. وأنكم تعالجون المصائب التي تسببوا فيها .. بحكمة الفلاسفة وصبر أيوب.. نعم .. يجب – والحال كذلك - على الشعب الجاحد أن يقوم بالتكفير الدائم عن تخلفه لمحرّريه ومنقذيه.. هذا الشعب المحكوم عليه بالذنب الدائم ، لن يعارض ولن ينتقد ولن يطمع في الكثير .. فإن أقصى ما يطمح إليه هو التوقف عن ارتكاب ذنوب جديدة، أما ما حدث فقد حدث ولا غفران له.. إن الملك أو الرئيس يقوم هنا بدور المخلِّص.. بدور من يحمل خطايا شعبه على كاهله ويقوم هو بدفع ثمن أخطاء غيره.. فطوبى لمن يفعل ذلك..!" ***  هل فهمتم الآن لماذا يشتكى الأفاق النصاب الانقلابي .. دائما ويقول : مفيش معنديش .. أجيب منين .. أنا محتاج مليارات .. إركبوا العجلة .. وفّروا الكهربا .. استحملوا قطع المية والنور .. إنتو فى عنية .. وبكره تشوفوا مصر أدّ الدنيا .. !! يا شعب مصر العظيم .. خسئتم إذا صدّقتم الأفّاق الأفّاك .. إذن لصَدَقَ فيكم قول الأديب المفروس أبى الطيب المتنبِّى فى كافور الإخشيدي الذى كان عبدًا اتخذه سلطان مصر جنديا فى جيشه فاحتال عليه ليستولى على الحكم ويصبح هو السلطان .. فسدت فى عهده مصر فسادًا مروّعا فهجاه المتنبي بقصيدته الشهيرة .. تقرأها كأنك تسمع هجاء للفرعون الجديد الذى فاق كافور فسادًا وإجراما : عيـد بأية حال عـدت يا عيـد = بـما مضى أم بأمر فيك تـجديد  لم يتـرك الدهر من قلبي ولا كبدي = شـيء تتيمـه عيـن ولا جيــد  إنـي نزلـت بكذابيـن ضيفهـم = عن القـِرَى وعن الترحال مـحدود  جود الرجال من الأيدي وجودهـم = من اللسـان فلا كانوا ولا الـجود  ما يقبض الموت نفسا من نفوسهـم = إلا وفـي يـده من نتْنهـا عـود  من كل رخـو وكاء البطن منفتـق = لا في الرجـال ولا النسوان معـدود  أكلما اغتـال عبد السـوء سيـده = أو خـانه فلـه في مصـر تـمهيد..!!!  صار الخصـيُّ إمام الآبقيـن بـها = فالـحر مستعبـد والعبـد معبـود..!!!  العبـد ليس لـحرٍّ صالـحٍ بـأخٍ = لو أنه فـي ثيـاب الـحر مولـود  لا تشتـرِ العبـد إلا والعصا معـه = أن العبيـد لأنـجاس مناكيــد  ما كنت أحسبنـي أحيا الى زمـن = يسـيء بي فيه كلبٌ وهو مـحمود  جوعان يأكل من زادي ويمسكنـي = لكي يقـال عظيم القدر مقصـود  جاز الألى ملكت كفَّـاكَ قدرهـم = فعرفوا بـك ان الكلـب فوقهـم لا شيء أقبح من فحل لـه ذكـر = تقوده أمـة ليسـت لهـا رحـم  سادات كل أناس مـن نُفُوِسِهُـُم = وسادة المسلمين الأعْبـُدُ القـزم  أغاية الدين أن تحفوا شواربكـم = يا أمة ضحكت من جهلها الأمـم..!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق