خطر التهديدات الإيرانية على الدول العربية وسبل خلق السلام
بادية شكاط
يقول علي عزت بيغوفيتش في كتابه الإسلام بين الشرق والغرب:“لكي نفهم العالم فهمًا صحيحا لابد أن نعرف المصادرالحقيقية للأفكارالتي تحكم هذا العالم وأن نعرف معانيها”
وهو بالضبط مايجعل من الضرورة رصد مايحدث اليوم في بعض الدول العربية من تغلغل إيراني وتمدد شيعي ،بالعودة إلى جذورهذا الأخير،لفهم عميق يُذهِب رجس التمويهات الإعلامية المزعومة،ويكشف الحقائق الغيرمعلومة،خاصةً وأنّ الكثيرمن الشعوب العربية ولأنها تعيش على أمل قدوم المنقِد والمُخلِّص،فهي تتشبث ولو بوهم مريح سرعان ماتعصف به الريح،وبات كلّ من يَكشف الحقيقة هومجرد فتيل سيوقد حطب فتن حروب لاتنطفئ،فصار يُتَصوّر أنّ تعامل أي دولة مع إيران
لايختلف في شئ عن التعامل مع أي دولة أجنبية،في حين أنّ إيران لاتشبه في تعاملاتها الدبلوماسية،الإقتصادية أوالثقافية أي دولة من الدول،لأنها دولة دينية،وكل تعاملاتها هي تعاملات غيرمفصولة عن المنطلقات العقائدية.
فقد لَعبت إيران ورقة توظيف الدّين في السياسة،وإرتَدت عمامة المذهب الطائفي لتحقيق مشروعها الصفوي،معتمدة على جميع الحركات الشيعية في المنطقة،فإيران أصلا لم تكن شيعية على الإطلاق،بل لم تكن على شئ مطلقا،فقد كانت فيها قبيلتين،هما:قبيلة تدعى الخرفان السود،وقبيلة تدعى الخرفان البيض،تقاتلت القبيلتان حتى هلك أغلبهما،ثم أتى المنغولي واستطاع أن يقضي على الإثنتين،حتى دارت الدائرة وجاء الشيعي إسماعيل بن حيدرالصفوي
وكان أفّاكا دجّالا،وادّعى أنّه لقي علي بن أبي طالب رغم أنّه ميت،وزعم أنّه لقي المهدي أيضا،ثم اخترع التطبيرأوالادماء،وهو الضرب بالسيوف لحد إنزال الدم من الرأس أوالجسد،حزنا على الحسين،والحسين منهم براء،وكذا ابتدع مايسمّى بتربة الحسين،فكانوا يسجدون على هته التربة،ويقولون إنّها تربة الحسين
كما يزعمون أنّ القبلة الحقيقية هي إلى كربلاء، وليس إلى الكعبة،وأمَرهم في العاشرمن محرّم أن يغلقوا المحلات،وأمَر النّساء أن تخرجن كاشفات الشعور،وتضربن على صدورهن،وتلطمن وجوههن حزنا على الحسين،ثم أمرأهل السنة أن يتشيّعوا، وحين أبَوا ذبح منهم مليون في إيران،فدخل معظمهم في التشيع خوفا،وحوّل بذلك إيران إلى دولة شيعية
أما في بلاد المغرب فقد كان مؤسِّسهم النظامي يدَّعي أنه المهدي،رغم أنّه على العقيدة اليهودية،ودخل الإسلام حتّى يُفسد الإسلام على أهله،وادّعى أنه لقي عليًّا والحسين،ثم ادّعى أنّ له نسبًا علويًا،ومعظم الإيرانيين على ذلك في ادّعائهم الإنتماء إلى النَّسب الشّريف،ثم عذّب وقتل الكثيرمن أهل السّنّة .
أمّا الفاطميّون في مصر،فقد اتّخذ الإيرانيون المساجد لنشر الشيعية،ثم إنّ الحاكم بأمرالله قتل العديد من السّنّة،مايزيد عن ثلاثة ملايين سنّي،وأمر كل من سمع إسمه في خطبة الجمعة أن يقف،كما أنّه أمركل من في المسجد إذا دخل أن يسجدوا له،وحين رفض أهل القاهرة التّشيّع قتل ثلث القاهرة.
أمّا في مكة،لمّا جاء أبوسعيد القرمطي دخل برجاله في يوم الحج الأكبر،وقال لقد أُمِر بذلك مِن قِبل المهدي،فقتل الرجال،النساء والأطفال في اليوم الحرام،في الشهرالحرام،في البيت الحرام،وأمربقتل حتّى مَن تعلّق بأستارالكعبة،ثمّ قال لهم:ياحمير ألم يقل قرآنكم:”حرَمًا آمنا”؟؟
فقال له إمامهم:معنى الآية “أي أمِّنوه” أمّا في لبنان فقد بدؤوا بقضية السياحة،فظهرت حركة أمل الشيعية،التي ذبحت أكثرمن خمسمائة شاب فلسطيني سنّي،ثم خرج منها حزب الله،فصنعت دولة مسلّحة في لبنان،تستغل لصالح إيران،وحسن نصر الله صرّح بذلك وقال:”إنّ ولاءنا ليس للبنان بل ولاؤنا هو لإيران“
والمتتبِّع لمسارات مابعد الثورة الإيرانية،يجد أنّ الولي الفقيه يعمل على إيجاد تجمّعات شيعية موالية له موالاةً مطلقة،في البلاد الإسلامية،وهذا على حساب مصالح شعوبها،مستخدمًا في ذلك مخالب كثيرة،مثل “حزب الله” في لبنان،أوالميليشيات الشّيعية،والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية،والذي تحوّل اسمه إلى المجلس الإسلامي الأعلى في العراق،كما استخدمت إيران دعمها الّسياسي والعسكري لنظام الأسد في سوريا،فاعتبرالخامنائي الجهاد مع الأسد مقدَّس،كما أيَّدت التّحرُّكات الشّيعة في البحرين،هذا إلى جانب تسليح جماعة الحوثي،ودعمها في اليمن.
فكانت تلك الحركات والأحزاب صناعة بشرية إيرانية،وليست جزءًا مِن المطلق الإلهي،رغم أنّه في طهران أكثرمن ثلاثمائة ألف سنّي لامساجد لهم هناك،لأنّ إيران ترفض التّسنين،كما أنّها تعتقل،تعذّب وتضع أزيد من خمسةعشرمليون سنّي في حدود إيران،وتمنعهم من أسباب العيش،وتعدمهم بدون مسبّبات في بلاد الأحواز،أمّاعن بعض عقيدتهم:
فهم يتّهمون القرآن الكريم بالتّحريف،الّنقصان والزيادة،ويقولون أنّ القرآن ناقص،وبقيّة الآيات يحتفظ بها المهدي المنتظَر،والخميني يقول:“ولا عجب في أبي بكر وعمر أن يُحرٍّفا القرآن الكريم،لأنّهما غير مؤتَمَنان على كتاب الله عزوجل “،وهويقول أيضا:“علي سمع الله،علي بصر الله،علي هو الله“والعياذ بالله
ثمّ في كتبهم ينسبون إلى أميرالمؤمنين أنّه قال:“أنّ الله أحيى كسرى وغفر له ذنبه،وأدخله الجنة ،في حين يقولون أنّ عمر بن الخطاب،هو فرعون هته الأمة،وأنه في النار،رغم أنّ سيدنا جعفرالصادق بن محمد الفاقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين،وهوعلى فراش الموت،لمّا سُئل مالذي تدين الله به في حق أبي بكر وفي حق عمر؟قال:إنّي الآن على فراش الموت ولا أخشى أحدا،أما وأنّي أقول لكم بَرئت منّي ذمّة جدّي رسول الله،إن كنتُ ابرأ مِن أبي بكر وعمر،وهذا عمربن الخطّاب كان يقول لسيّدنا الحسين وهو يمسح على رأسه: “بأبي أنت وأمي وهل أنبتَ الشّيب في رؤوسنا إلا أنتم ياآل رسول الله ؟” على رسولنا أفضل الصلاة و أزكى السلام
كان هذا غيض من فيض عن هذا الفكر،وكما يقول أبو فراس الحمداني :
عرفت الشر لا للشر،لكن لتوقّيه
ومن لا يعرف الشّر مِن الخير يقع فيه
ويقول الفاروق عمربن الخطاب:”لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية ” فهذا الإنحراف الفكري لايعالجه إلّا إستقامة فكرية،وليس ثورات دموية،فالتسليم الصّامت بأسطورة الطّبائع الثّابتة،والخصائص الدّائمة،كما يقول المفكرصادق جلال العظم،هوعجزعن التّغييرالحقيقي الّذي ينبغي أن يهز أركان الفكرالعربي،الذي تعوَّد على الجاهزية والركون لمسلَّمة “لاتُفكِّر فنحن نفكر لك “
بل ينبغي أن نبحث عن بديل لِما يسمّى بالتطهير الطّائفي لخلق وحدة واقعية حقيقية،فنستقي من فلسفة الشرق والغرب،كفلسفة هيجل في ألمانيا،هته الأخيرة التي انشغلت بقضية الوحدة ،ولاندري هل هي وحدة الرّوح والطّبيعة كما يقول شيلينغ،أم هي وحدة الله،الإنسان والعالم،فوحدة الوجود هي لب الفلسفة الألمانية،خاصّة الفلسفة الرومنسية التي وحَّدت ألمانيا سياسيًا.
ومثل فلسفة ابن عربي في الشرق الذي قام بإدماج التّوجهات الفكرية كلّها في باب الاختلاف الضروري للشرائع,جاعلا مرتبتين لا فارق بينهما في الدرجة،هما:مرتبة نسمّيها الآخرالذّاتي،مِن فِرق ومذاهب إسلامية،تتضمن الشّيعة والفلاسقة والمتكلِّمين،والآخرالغيري مِن مسيحية،يهودية وغيرهما،فالحق يتجلّى في كل الصّورالإعتقادية على السّواء.
وهوما يؤدّي كما ذكرنا للحيرة والضّلال. وبما أنّ الحيرة أصل للمعرفة،فعلى الإنسان الكامل (أي القطب)أن يرى الحق في كل المعتقدات،لأنّها كلّها تنهض على الحقيقة الإلهية،المتمثلة في تجليه في كل الصور.ولأنّ الرحمة (سواء كانت وجوبا يتصف بها الله،بوصفه رحمانا،أو رحمة وجودية يتّصف بها الله بوصفه رحيما)أصل في الوجود,ولأنّ الكون قد نشأ من الرّحمة،وهي مآله في الآن نفسه،فرأى ابن عربي أنّ الحب هوالمشتَرك الّذي يُحقّق الوحدة إنطلاقا من قوله عزوجل:“وقَضَى رَبُّكَ أَلّاَ تَعبُدُوا إِلّاَإيِّاهُ..” سورة الاسراء الآية 23
كما أنّه لايمكن محاربة أيّ فكر،إلّا بفكرمضاد،أمّا الميليشيات،فهي في الغالب أدوات الكائنات،التي جرّدها الله من العقل،ومنحها قرونا،أنيابا وسمومًا،تَحفظ مِن خلالها وجودها،ونحن أحوج مانكون اليوم إلى وعي فوقي،يُضاهي صورالله عّزوجل في كونه،بما أنّنا خليفته في أرضه،فنكون كالنّجوم التي تختلف مداراتها،رغم ذلك فهي متّحدة على صفحة سماء واحدة.
بادية شكاط كاتبة في الفكر وقضايا الأمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق