الإصلاح استراتيجية متكاملة الأركان
الإصلاح استراتيجية متكاملة الأركان، تبدأ بترسيخ الأصول ثم معالجة كل ثغرة وتصحيح المسار، أي تقصير في جزء من أجزائها يعني فشل عملية الإصلاح، والإصلاح ليس ركوب الترند وتقليد كل فكرة والمشي خلفها، إنما إمعان النظر في أسباب الفساد وبحث عوامل الإصلاح والانبعاث بعلم واستناد لنصوص الشريعة.
ما يحصل اليوم في معالجة الأمراض التي تفشت في المجتمعات الإسلامية، معالجة “الاجتزاء” و”الانفصال” عن أصل الداء، معالجة سطحية تغفل عن حقيقة أن المنظومة الإسلامية برمتها مفتقدة في مجتمعاتنا وما لم يرجع الإسلام حاكما سنتحمل تبعات هذا الفقد الثقيلة فلا بد من استراتيجية شاملة تحسب حساب الضعف.
حين نتحدث عن مشكلة المرأة لا يجب أن تقتصر المعالجة على خطاب موجه للمرأة منفردة، بل يجب أن يكون بالموازاة خطابات موجهة للآباء والإخوة والأزواج، لأنها قضية مشتركة مركبة لا ينفع فيها إرادة المرأة لوحدها. ولذلك كانت المرأة ضعيفة ولذلك كانت القوامة ولذلك كان الكثير مما يدخل في (وللرجال عليهن درجة).
بعض الخطابات الدعوية تناقض نفسها، فهي تقر أن المرأة يجب أن تقبل بقوامة الرجل وتستغرق الوقت في شرح لماذا على المرأة قبول ذلك لضعف في نفسها وغيره من تفسيرات عقلية! مع أن طاعة أمر الله لا تتطلب إلا الاستجابة بلا تردد حين يعمر القلب الإيمان والتوحيد والخشية، لكنها في ذات الوقت تحمل المرأة عملية الإصلاح كاملة!
المرأة لا يمكنها لوحدها أن تصلح المجتمع، لأنها بالفعل غير مؤهلة لذلك في مجتمعاتنا، هي بحاجة لتربية وإصلاح وتوجيه وإرشاد، بحاجة لأب وأخ وزوج ومعونة كل ذي صلة رحم، لتتمكن من الثبات وحسن الأداء والعودة لثغرها، أما سياسة التملص من دور الرجل في الإصلاح وذم المرأة باستمرار فهذا غالبا لضعف التشخيص.
ولا أبالغ إن قلت أن إصلاح الأب يحل نصف مشاكل الأمة، لأنه سيصلح الزوجة والابنة معا إن كان بالفعل قياديا، أو على الأقل سيكف شر النساء تحت مسؤوليته وهذا لوحده حل عظيم كم نحن بحاجة له، فتأمل رجلا واعيا تقيا يحفظ نساء بيته! كم سيختصر علينا من المسافات والنتائج ولن يبق إلا حالات شاذة!
فإهمال الرجال ودورهم في إصلاح المرأة، خطأ فادح، لأنه طريقة إصلاح تعول على النساء لوحدهن وهن بالفعل بحاجة للرجل للثبات، فكيف نطالب المرأة بمعرفة قيمة الرجل في حياتها وحين يتعلق الأمر بالإصلاح نلغي دور هذا الرجل في حياتها تماما، مع العلم أن القرآن أعطى الرجل صلاحيات الإصلاح كما نرى مع الناشز.
للأسف تتناسخ المنابر الأفكار في مواقع التواصل بدون تدبر وتفكر، وتركز في اتجاه واحد فقط وتهمل كل تفصيل مصيري، وتبدأ من الذيل وتترك الرأس، وتتعلق بالهوامش وتنشغل عن الصميم! فكأنها جهود عبثية لا تفعل إلا مزيد انتشار لسفاهة النساء الجاهلات. وتستفيد من ذلك كلها النسوية ويستفحل الأمر!
الإصلاح علم ومنهجية، وعناية بالأصول قبل الفروع ثم إحاطة بالواقع وتفاصيله، والصدق في تشخيصه وبحث العلاج له، وإلا فالوقوع في التناقض والهدم! وكلما ابتعد عن القرآن والسنة، زادت الهوة وتعقدت التبعات وأفسدنا أكثر مما يمكن أن نصلح!
لا بد أن يدرك الرجال الذين يطلقون حملات لإصلاح النساء، أن النساء فيهن عاطفة وسفاهة وضعفا، بحسب حال كل منهن، فلا تنتظر أن تغير لك المجتمع لوحدها وهي في جاهلية معاصرة وبين رجال لا يلتزمون بشرع الله والكثير من التحديات، لذلك، ليستلم الرجل قيادته في بيته ويصلح ما تحت يده ودعوة المرأة تصبح مساعدة له.
ومساعدة الرجل في التعامل مع المرأة كقائد لا تكون باستفزاز المرأة بجاهلية فيها، أو إعانة الشيطان عليها، وهذا من الأخطاء التي تتكرر بتركيز الذم في المرأة وتفاصيلها الخَلقية، ونحن نعلم أنها خلقت من ضلع أعوج، أهو ضعف البصيرة من الداعية أم هو التملص من المسؤولية! النتائج للأسف غير مرضية.
كانت هذه ملاحظات مختصرة على خلل في الاستجابة للأزمات التي تهدد مجتمعات المسلمين، وما لم نرجع لترسيخ الأصول وتربية البنات على التوحيد وتنشئة الأولاد على شريعة الله ودور القيادة، فإننا كمن يهدم لا يبني، كمن يكثر التنظير ورضي بالقعود. والله الموفق، اللهم ربنا أصلح حالنا واهدنا سبلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق