أيها الفلسطيني المقاوم: هذا الوسيط غير نزيه
وائل قنديل
بالبداهة، محور حياة أي شعب في العالم واقع تحت الاحتلال هو مقاومة هذا الاحتلال بكل ما أوتي من قوة، وما توفر له من أدوات. بالبداهة وبمعيار الواجب الأخلاقي، دور أي شقيق أو صديق أو مؤمن بحق الشعوب في التحرّر الوطني هو تقديم أقصى ما يستطيع من دعم وإسناد لهذا الشعب المقاوم، لكي يستطيع مقاومة هذا الاحتلال.
على ضوء ما سبق، حين يتحوّل دور شقيق المعتدى عليه إلى، فقط، ممارسة أعمال الوساطة، والتربّح السياسي والمالي من هذه الوساطة بين الشقيق المُعتدى عليه والاحتلال المعتدي، فإننا نكون بصدد معادلة مختلّة ومشينة ومخجلة بكل المقاييس الحضارية والأخلاقية. فما بالك إذن عندما يكون هذا الوسيط/ الشقيق غير محايد وغير نزيه، ولا يتحرّك على طريق الوساطة إلا عندما يكون المعتدي الغاشم في حاجة لها بعد اشتداد ضربات الطرف المقاوم وإبداعه في إنتاج أشكال من المقاومة تجعل العدو يتوجع ويتألم وتصاب الحياة في مستعمراته بالشلل؟
مهين ومؤلم أن تتغير صفة مصر في معادلة الصراع العربي الصهيوني من الشقيقة الكبرى التي خاضت أربع حروب ضحّى فيها مئات الشهداء بأرواحهم فداء لتحرير فلسطين، إلى "الوسيط المصري" الذي لا يتحرّك إلا عندما يطلب العدو الغوث بالوساطة.
تأتي الجولة الحالية من المعركة المفتوحة بين الشعب الفلسطيني المحتل والعدو الصهيوني، وهناك سبع حكومات عربية، على الأقل، منخرطة في علاقات سياسية وتجارية مع المعتدي، أي أن سبعة ممن يُفترض أنهم أشقاء الضحية يتمتعون بعلاقاتٍ تتراوح بين الدافئة والساخنة جدًا مع الكيان الصهيوني. وعلى الرغم من ذلك، لم يلمس أحد لهذا العلاقات أثرًا في الضغط على المعتدي لإيقاف عدوانه، الأمر الذي يعني، في حدّه الأدنى، أن هؤلاء السبعة على مسافة واحدة من الشقيق والعدو، وهذا هو الانحياز للاحتلال في أقبح تجلياته الممكنة.
واحدُ من هؤلاء الأشقاء السبعة يدّعي أنه ينفرد بمقاولة الوساطة بين العدو والشقيق، كان العسكري الذي يحكمه يستعرض بدرّاجته، سعيدًا وضاحكًا، بينما العدو يحيل بنايات غزة إلى كومةٍ من التراب، بقصف يستهدف الجميع، من قيادات المقاومة إلى الأطفال، مستفيدًا من معلومات وإحداثيات تحصل عليها من خلال تتبع مكالمات الوسيط مع الشقيق الفلسطيني المعتدى عليه.
هذا الذي يزعم أنه وسيط محايد، بعد إعلانه رسميًا التخلي عن دور الشقيق الداعم، يمنع قبل أيام من العدوان فنانة فلسطينية من دخول الأراضي المصرية، لأنها تغنّي للمقاومة وللصمود وللتحرر. وفيما العدوان الصهيوني على فلسطين في ذروته، تموت زوجة السياسي والدبلوماسي المصري المرموق السفير محمد رفاعة الطهطاوي، ولا يستطيع الصلاة عليها وحضور جنازتها، بينما هو في السجن منذ تسع سنوات، بتهمة التعاون مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وهو الرجل الذي ضاعفوا له العقوبة، لأنه حين خرج من السجن ساعات في العام 2015 لحضور جنازة والدته، أمسك بميكروفون وتحدّث إلى المشيعين، ليقول: "الحمد لله أني متهم بالتخابر مع من يقاومون العدو". شرفٌ لأي مصري أن تكون هذه تهمته على يد نظام يمارس الحكم جلوسا في حجر العدو الصهيوني، ثم يدّعي كذبًا أنه وسيط نزيه ومحايد.
هذا الوسيط، المحايد جدًا، كان قبل ساعات من العدوان يتفاوض مع المعتدي على أرباح وعوائد تسويق الغاز المنهوب من فلسطين المحتلة في أوروبا، لتوفير ما يحتاجه مواطن الاتحاد الأوروبي من طاقة، في الوقت الذي يحكم فيه الحصار على المواطن الفلسطيني في غزّة، ويخنقه بغلق معبر رفح، أمام آلاف الفلسطينيين، بينما آلاف الصهاينة يستقبلون بالورود في مدن سيناء.
الوسيط، ورعاة الوسيط وشركاؤه في بيزنس التطبيع، لم يُسمع لهم صوت إلا حين اكتفت إسرائيل من العدوان، وأطلقت المستوطنين يعربدون في ساحات المسجد الأقصى، وباتت تستشعر خطورة ردّة فعل المقاومة الفلسطينية، فحضرت السعودية في اليوم الرابع من العدوان، وبعد إعلان القاهرة صفقتها للوساطة، فأصدرت بيانًا يتحدّث عن قدسية المسجد الأقصى، من دون أدنى التفاتةٍ للدم الفلسطيني المسفوك، والدمار الذي لحق بقطاع غزة.
لم يطلب الوسيط أو مموّلو الوسيط وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بل يريدون، فقط، هدنةً هي بالطبع في مصلحة الطرف الذي أفرغ ما في جعبته من خسّة ووضاعة في استهداف المدنيين، وليست في صالح المقاومة الفلسطينية التي قرّرت البدء في رد الصاع صاعين، فألزمت المستعمرين مخابئهم، بعد أن أمطرت سماء المستعمرات بالصواريخ.
هذه ليست وساطة، بل هي، كالعادة، حضور بعد استدعاء من الصهيوني لانتشاله من ورطة معركةٍ يستطيع أن يبتدئها، لكن المقاومة وحدها صاحبة الحق في اختيار التوقيت المناسب لإيقافها.
على ضوء ما سبق، حين يتحوّل دور شقيق المعتدى عليه إلى، فقط، ممارسة أعمال الوساطة، والتربّح السياسي والمالي من هذه الوساطة بين الشقيق المُعتدى عليه والاحتلال المعتدي، فإننا نكون بصدد معادلة مختلّة ومشينة ومخجلة بكل المقاييس الحضارية والأخلاقية. فما بالك إذن عندما يكون هذا الوسيط/ الشقيق غير محايد وغير نزيه، ولا يتحرّك على طريق الوساطة إلا عندما يكون المعتدي الغاشم في حاجة لها بعد اشتداد ضربات الطرف المقاوم وإبداعه في إنتاج أشكال من المقاومة تجعل العدو يتوجع ويتألم وتصاب الحياة في مستعمراته بالشلل؟
مهين ومؤلم أن تتغير صفة مصر في معادلة الصراع العربي الصهيوني من الشقيقة الكبرى التي خاضت أربع حروب ضحّى فيها مئات الشهداء بأرواحهم فداء لتحرير فلسطين، إلى "الوسيط المصري" الذي لا يتحرّك إلا عندما يطلب العدو الغوث بالوساطة.
تأتي الجولة الحالية من المعركة المفتوحة بين الشعب الفلسطيني المحتل والعدو الصهيوني، وهناك سبع حكومات عربية، على الأقل، منخرطة في علاقات سياسية وتجارية مع المعتدي، أي أن سبعة ممن يُفترض أنهم أشقاء الضحية يتمتعون بعلاقاتٍ تتراوح بين الدافئة والساخنة جدًا مع الكيان الصهيوني. وعلى الرغم من ذلك، لم يلمس أحد لهذا العلاقات أثرًا في الضغط على المعتدي لإيقاف عدوانه، الأمر الذي يعني، في حدّه الأدنى، أن هؤلاء السبعة على مسافة واحدة من الشقيق والعدو، وهذا هو الانحياز للاحتلال في أقبح تجلياته الممكنة.
واحدُ من هؤلاء الأشقاء السبعة يدّعي أنه ينفرد بمقاولة الوساطة بين العدو والشقيق، كان العسكري الذي يحكمه يستعرض بدرّاجته، سعيدًا وضاحكًا، بينما العدو يحيل بنايات غزة إلى كومةٍ من التراب، بقصف يستهدف الجميع، من قيادات المقاومة إلى الأطفال، مستفيدًا من معلومات وإحداثيات تحصل عليها من خلال تتبع مكالمات الوسيط مع الشقيق الفلسطيني المعتدى عليه.
هذا الذي يزعم أنه وسيط محايد، بعد إعلانه رسميًا التخلي عن دور الشقيق الداعم، يمنع قبل أيام من العدوان فنانة فلسطينية من دخول الأراضي المصرية، لأنها تغنّي للمقاومة وللصمود وللتحرر. وفيما العدوان الصهيوني على فلسطين في ذروته، تموت زوجة السياسي والدبلوماسي المصري المرموق السفير محمد رفاعة الطهطاوي، ولا يستطيع الصلاة عليها وحضور جنازتها، بينما هو في السجن منذ تسع سنوات، بتهمة التعاون مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وهو الرجل الذي ضاعفوا له العقوبة، لأنه حين خرج من السجن ساعات في العام 2015 لحضور جنازة والدته، أمسك بميكروفون وتحدّث إلى المشيعين، ليقول: "الحمد لله أني متهم بالتخابر مع من يقاومون العدو". شرفٌ لأي مصري أن تكون هذه تهمته على يد نظام يمارس الحكم جلوسا في حجر العدو الصهيوني، ثم يدّعي كذبًا أنه وسيط نزيه ومحايد.
هذا الوسيط، المحايد جدًا، كان قبل ساعات من العدوان يتفاوض مع المعتدي على أرباح وعوائد تسويق الغاز المنهوب من فلسطين المحتلة في أوروبا، لتوفير ما يحتاجه مواطن الاتحاد الأوروبي من طاقة، في الوقت الذي يحكم فيه الحصار على المواطن الفلسطيني في غزّة، ويخنقه بغلق معبر رفح، أمام آلاف الفلسطينيين، بينما آلاف الصهاينة يستقبلون بالورود في مدن سيناء.
الوسيط، ورعاة الوسيط وشركاؤه في بيزنس التطبيع، لم يُسمع لهم صوت إلا حين اكتفت إسرائيل من العدوان، وأطلقت المستوطنين يعربدون في ساحات المسجد الأقصى، وباتت تستشعر خطورة ردّة فعل المقاومة الفلسطينية، فحضرت السعودية في اليوم الرابع من العدوان، وبعد إعلان القاهرة صفقتها للوساطة، فأصدرت بيانًا يتحدّث عن قدسية المسجد الأقصى، من دون أدنى التفاتةٍ للدم الفلسطيني المسفوك، والدمار الذي لحق بقطاع غزة.
لم يطلب الوسيط أو مموّلو الوسيط وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بل يريدون، فقط، هدنةً هي بالطبع في مصلحة الطرف الذي أفرغ ما في جعبته من خسّة ووضاعة في استهداف المدنيين، وليست في صالح المقاومة الفلسطينية التي قرّرت البدء في رد الصاع صاعين، فألزمت المستعمرين مخابئهم، بعد أن أمطرت سماء المستعمرات بالصواريخ.
هذه ليست وساطة، بل هي، كالعادة، حضور بعد استدعاء من الصهيوني لانتشاله من ورطة معركةٍ يستطيع أن يبتدئها، لكن المقاومة وحدها صاحبة الحق في اختيار التوقيت المناسب لإيقافها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق