الأحد، 5 مارس 2023

بالمهلبية...!

 

بالمهلبية...!

خواطر صعلوك


إذا افتتح مطعم محلي ونجح، ثم أصبح مشهوراً وتحول إلى «هَبَّة» تجد أن أربعة مطاعم بجانبه فتحت وبالاسم نفسه، فمثلاً مطعم اسمه «المزمار» نجح واشتهر، تجد أن هناك مطعما آخر فتح بعده اسمه «المزمار الأصلي»، ثم آخر اسمه «المزمار الوردي»، ثم ثالثاً اسمه بخط كبير «المزمار» وبخط صغير أسفله مكتوب «والفخار»... وهكذا.

هذه الظاهرة ليست فقط موجودة في المطاعم أو الكافيهات أو «الفود ترك» ولكنها موجودة أيضا بين الكُتاب والمثقفين... ففي النهاية النفس البشرية واحدة، والخيال محدود بحدود أن يتشبع الإنسان بما لم يُعطه... وأي إبداع تنتظر مِن مَن قتل خياله بالمُحاكاة والتقليد.

تظهر رواية «قواعد العشق الأربعين»، فتفتح بجانبها دكاكين روائية، فيظهر كتاب بجانبه اسمه «قواعد الفشل الأربعين» وكتاب آخر اسمه «قواعد التربية الأربعين» وثالث بعنوان «قواعد الحياة الأربعين».

يظهر مثقف في فيديو من ورائه مكتبة مليئة بالكتب، ليتكلم عن الشأن العام، فيظهر ثلاثة مثقفين آخرون بالديكور والطرح ذاته، ثم بعد ذلك يدخلون في صراع من الأصلي ومن التقليد... في النهاية كله «مزمار» بعضه يُطرب وبعضه لا يُطرب.

خذ الظاهرة نفسها،على المستوى السياسي، تجد مجموعة من المفردات تُستخدم ويتم وضعها في سياقات مختلفة، فأول رجل كويتي استخدم مصطلح «من حقي الدستوري أن...» أطلق صداها وأصبح الجميع يرددها من بعده، لدرجة أنه أصبح من «حقك الدستوري» أن تستخدم مصطلح «من حقي الدستوري» على أي شيء وفي أي مكان وتحت أي ظروف، حتى لو كنت في مناقشة مع مديرك في العمل حول أسباب تأخيرك الصباحي وعدم إنتاجيتك...!

وأعتقد والله أعلم، أننا أصبحنا نحتاج اليوم إلى مصطلحات جديدة، من باب التغيير على الأقل، مثل «من واجباتي الدستورية» لكي تتم عمليات التقليد والمحاكاة بشكل بناء، فلا يمكن أن تبتل لحيتك من البكاء من فرط الوطنية عند حديثك عن «حقوقك الدستورية» بينما وقت العمل وحاجة البلد لك في أن تحقق «واجباتك الدستورية» وتتقن عملك في موقعك... نجدك في كل مكان عدا مكان...العمل!

التقليد والمحاكاة أسلوب من أساليب التعلم، ويمكن لنا أن نقلد ونحاكي في مرحلة ما من عمرنا، ولكن لا ينبغي أن تكون هي منهجيتنا التي نسير عليها طوال الخط.

وإذا كنت تعتقد عزيزي القارئ أن هذا المقال لم يقدم لك شيئاً سوى الهراء، فعليك أن تعلم أنه من حقي الدستوري أن أعبر عن رأيي، حتى لو كان هذا الرأي غير متماسك يخلط المطاعم بالمثقفين بالسياسيين، ليخرج بمقال «مهلبية»... وبالعافية عليكم. 

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

moh1alatwn@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق