كيف تصبح «نسوياً» في أربع خطوات!
خواطر صعلوك
عزيزي الرجل الشرقي، سأقدم لك اليوم وصفة مثل وصفات الطبخ، بمقادير معينة ستجعلك تدخل نادي «النسوية» بكل أريحية ومن دون تشكيك في نواياك.
أولاً: عليك أن تردد دائماً أن المرأة كسبت وتكسب كل يوم أرضاً جديدة، وتبدي فرحك بذلك وترقص حتى تتصبب عرقاً، ولكن احذر، لأن المرأة المقصودة هنا ليست المرأة البدون، فأنت تعلم وأنا أعلم وهي تعلم أنها لا تكسب شيئاً بل تقف على قدم واحدة منذ أكثر من 60 سنة، وكذلك المرأة التي تعمل كخادمة أو عاملة نظافة محشورة في باص شركة بلا تكييف في شهر أغسطس، أو المرأة التي تقف سبع ساعات لكي ترش العطر للعابرين أمام محل طلب في إعلان التوظيف «مطلوب جسم رشيق»... ولكن المرأة المقصودة هنا في أنها كسبت أرضاً جديدة هي تلك التي تخلط دائماً وباستمرار بين التجارب الشخصية والمشاكل المجتمعية.
ثانيا: عليك أن تظهر دائماً بشكل الرجل المعاصر الذي فقد مواصفاته الكلاسيكية، والذي لا يعير اهتماماً لمفاهيم الهيبة و«الحمش» ومواصفات الدم الحار التي تشير للغيرة، بل غلف الحقائق المزعجة بتعبيرات ديبلوماسية مثل: لقد أصبحت رجلاً أكثر تفهما لحريات المرأة، أو ادّعِ أنك تخليت عن مواقفك المتعنتة تجاهها، أما إذا تم حشرك في زاوية «هل ترضاه لأختك أو أمك»، فقل إنك تنازلت عن الكثير من المعتقدات الخاطئة التي كان يعتبرها أبوك مساساً برجولته وكرامته... باختصار قدم مفهوماً جديداً للرجولة لكي يُسمح لك بدخول النادي الذي يليق بمواصفاتك المعاصرة، وتذكر دائماً أن «النسوي» الذي لا يكذب على المرأة في ما يتعلق بالعمر والجمال، فهو لا يقيم وزناً كبيراً لمشاعرها.
ثالثاً: ابدِ استياءك دائماً من تصرفات المحجبات والمنقبات في الأماكن العامة وعلى الشواطئ وفي الجامعات والمعاهد وفي كيفية قيادة السيارة، وأظهر مزيداً من الألم تجاههن وكيف أنهن لا يملكن حرية الاختيار في ارتداء «البكيني» أمامك وأمام أصدقائك، بالتأكيد ليس من أجل أن تنظروا لهن، ولكن من أجل أن تضرب الشمس بشرتهن، فالحجاب والنقاب هو سبب تخلفنا كأمة عربية وإسلامية... ولكن في الوقت نفسه عليك أن تحذر من أن يتم اتهامك بالفسق والفجور، لذلك اتبع جملك السابقة بعبارة «أنا مع الحريات... وما عندي مشكلة مع النقاب... أنا مشكلتي مع الإجبار»... ثم اصمت.
رابعاً: هناك بعض المقادير المهمة لكي تكمل تفاصيل الديكور، مثل أن حقوق المثليين، والزواج المدني، والمشاركة في كل الهشتاقات النسوية، وشراء كلب صغير، وارتداء سوار لطيفة، وحضور المسرح النسوي وقراءة الأدب النسوي، ولمزيد من الانتباه ادعِّ أنك على خلاف مع غادة السمان وأحلام مستغانمي لرفضهما تقسيم الأدب إلى نسوي وغير نسوي، ولا تنسَ أن تجعل في جعبتك بعض الكلمات الإنكليزية التي تخرج وقت الحاجة... وردد دائماً أنك تحب الحياة والتنوع وفيرجينا وولف، وشرب القهوة على أنغام المغنية الأميركية كاثلين هانا، وأنه لا يعجبك في أم كلثوم صوتها بل نضالها للتمرد على الواقع... ثم ابتسم ابتسامة خفيفة واسعل مرتين.
ختاماً: خذ هذا المقال، وانشره في حسابك على تويتر، وعلق عليه الآتي:
- كاتب سخيف، يكتب عن حركة أكبر عمراً منه، ويعتقد أن المرأة كائن يمكن الضحك عليه، مشكلة هؤلاء الكتاب أنهم يعتقدون أننا نفكر بطريقتهم... ثم ضع بعض تعبيرات الوجه التي تشير إلى مزيد من الألم بسبب الجهل الذي يعيشه المجتمع حولك.
عزيزي الرجل الشرقي، مثلما لا يتعلم المرء من الساحر تحديداً أفضل طريقة للإمساك بأرنب أبيض على المسرح، رغم إتقانه عرض ذلك، ورغم أنك مفتوح العينين وأنت تشاهده، فأنا كذلك لا أستطيع أن أقدم لك أفضل الوصفات لدخول النادي «النسوي»... ولكن لا تقلق، فهي طبختك وأنت من سيأكلها... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
@moh1alatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق