الاثنين، 13 يوليو 2020

ما تعلّمته من الحياة!

ما تعلّمته من الحياة!

خواطر صعلوك

إذا كان ما تعلّمته من السلفية هو ما ينبغي أن أعتقده تجاه الله ورسوله وملائكته وكتبه، وإذا كان ما تعلمته من الليبرالية الاجتماعية هو ما ينبغي أن أفعله تجاه الآخر والاختلاف والتنوع، وإذا كان ما تعلمته من التنمية البشرية والمستدامة هو الطريقة المثلى لعمارة الأرض دون ضرر أو ضرار... فإن ما تعلمته من الحياة أكثر مما كنت أحرص عليه.
فقد تعلّمت ألا أتاجر بالدين، ولا أتاجر بمعارفي وأصدقائي و«لستة» هاتفي، ولا ألبس عباءة التقوى من أجل الوصول لعباءة السلطة والثروة، وألا أكون «عابر سبيل» في العلن، وعابر سرير في السر، لأن أسوأ الشرور تلك التي تختفي وراء النزاهة، وأن الأفكار الأممية تُخرِّج كثيراً جداً من الداعين لها وقليلاً جداً من المؤمنين بها، خصوصاً إذا كانت أفكاراً متوجهة نحو الآخر أكثر ما هي متوجهة للنفس.
تعلّمت ألا أسلم عقلي لخطاب حزبي أو إعلامي لنجوم المشايخ الذين زاحموا نجوم الفن، وألا أخوض في السخرية عندما يفلس مشروعي، وألا أركب الموجة الدينية، ولا أركب الثورة الشعبية.
تعلّمت أن المُلك بيدي الله، والذي يسعى له ولا يحصل عليه، يجب أن يراجع نواياه أو يُراجع مفكريه، وأن العلم الشرعي الذي يخرج من المساجد إلى المقاهي والمجمعات هو علم سيخرج الكثير من الدعاة والقليل من المؤمنين، والذي يطلب «الكثير» من المعاني سيحتاج إلى «أكثر» من الانتخابات.
تعلّمت أيضاً بشكل أو بآخر أنّ أهم إحدى الصفات الكبرى للجماعات الإسلامية المنظمة بدقة، أنها أُسست لأنظمة وأحزاب وهياكل مطبقة بشكل جيد في العلن وبشكل متقن في السر، لدرجة أنها تولّد أجهزة بنيوية تعمل تلقائياً، أكثر مما تولّد رجالاً ونساء أحراراً قادرين على خلق المعنى التفاعلي من تلقاء أنفسهم.
تعلّمت أن الأحزاب البنيوية التي تحارب أنظمة بنيوية ستظل حبيسة الأدوات البنيوية الأقوى منها... وأن من حق النظام البنيوي أن يدافع عن نفسه أمام نظام بُنيوي آخر يختبئ وراء التفاعلية والديموقراطية كأدوات للقرن الواحد والعشرين.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.


قصة قصيرة:
في عام 1996 تخلت حكومة الولايات المتحدة عن بعض عملائها من الفيتناميين ممن تم تجنيدهم، ليعملوا لحساب مشروعها، وممن قبضت عليهم المقاومة الفيتنامية، ولكنها بدلاً من محاولة الإفراج عنهم، أعلنت الحكومة الأميركية أنهم لقوا حتفهم لكي لا تصدع رأسها، وقد برّر أحد الجنرالات الأميركيين موقف حكومته بقوله إن هؤلاء العملاء أصبحوا بعد القبض عليهم مجرد «ممتلكات لا قيمة لها».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق