الأربعاء، 29 يوليو 2020

الجزائر من الوصاية إلى الحماية

الجزائر من الوصاية إلى الحماية

رضا بودراع
كاتب جزائري وباحث في الشؤون الاستراتيجية

مقدمة

هذا الإعلان هو الوثيقة الرسمية لقيام الجمهورية الجزائرية الثانية التي تستمد شرعيتها من:
١- شرعية الوصاية الفرنسية «وقد بدأت بها الديباجة»
٢- وشرعية الالتزام الكلي بالحرب العالمية على الإرهاب. «كما نصت عليه أسية الدولة في ميثاق المصالحة -المغالطة- الوطنية»

تعقيب

١- يشعر المرء بالقيء مع مطلع ديباجة الوثيقة التي تؤكد على التبعية لفرنسا، وغياب رؤية الطرف الجزائري بدون العدو الفرنسي.
لقد كان النشيد الوطني في الجمهورية الأولى والتي قامت على الشرعية الثورية ومحاربة وطرد المحتل.. يقول وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.
الآن ومع أول ديباجة الإعلان يتم التأكيد وعقد العزم أن تحيا الجزائر تحت حماية فرنسا.
٢- يقر الإعلان انه بيننا وبين فرنسا تاريخا مشتركا!!
تبا لكم عن أي تاريخ مشترك أمضى عليه الرئيس بوتفليقة!؟هل التاريخ الاستعماري يطلق عليه تاريخ مشترك أم تاريخ غزو واحتلال ومحاولات لطمس الهوية ومحو الأنساب وسياسة الأرض المحروقة..هل هذا هو التاريخ المشترك ؟؟
العثمانيون بقوا عندنا بدعوتنا أربعة قرون وبيننا وبينهم تاريخ مشترك مشرق، لا تتكلمون عنه وتاريخ أمكم فرنسا الاستخرابية تعدونه في وثيقة مؤسسة للدولة الجزائرية الجديدة تاريخا مشتركا!؟
٣- يتكلم الإعلان عن روابط إنسانية وعاطفية وثقافية مشتركة!!؟ حتى الحركى «الجزائريون الخونة الذين ساعدوا المحتل ورحلوا معه» لا يتكلمون بهذا اللسان وهذه العاطفة، ثم ما هي هذه العاطفة التي نشأت بين العدو المحتل وبين صاحب الأرض الضحية للوحشية الاستعمارية؟ بالله عليكم هل يوجد عاقل فوق الأرض يشرح لي ماذا يقصدون بالعاطفة؟
والثقافة المشتركة؟ أي ثقافة يقصد بوتفليقة ومن معه الموقع على هذا الإعلان – التاريخ؟ مختلف – اللغة؟ الفرنسية ليست لغتنا الرسمية ولا الوطنية. – الدين؟ حسب علمي لم تدخل فرنسا في الإسلام بعد ولم يرتد الشعب الجزائري عن دينه بعد.. أي ثقافة يقصد؟
ثم يتكلم عن ترقية كل ذلك بما يتطلع إليه الطرفان!! ؟؟
فرنسا تتطلع إلى استرجاع مستعمراتها وإبقاء نفوذها ولا تخفي ذلك، فإلى ماذا يتطلع الطرف الجزائري؟؟ الرجوع إلى الحضن الاستعماري!؟
٤- ثم يتكلم عن وجوب وضع حد للذاكرة!؟ يعني دعوة صريحة لنسيان جرائم فرنسا وأبناءها من الخونة..
إن ذلك ليس من حق بوتفليقة أو غيره ذاكرة الشعب الجزائري كتبتها دماء الشهداء وما كتب بالدم لا يمحوه الحبر.
٥- فيما يخص الحوار السياسي
الوثيقة تقرر ربط ورهن المسار الاستراتيجي للمصالح الوطنية بالتوجهات الاستراتيجية للعدو الفرنسي !!
كيف يمضي الرئيس على ذلك وأطماع فرنسا في الجزائر لا تخفى على أي أحد وهو الذي عايش جيل الثورة!؟
ثم يشير إلى اللجنة الوطنية رفيعة المستوى والتي كشفنا حقيقتها و دورها في تحليلنا ل اتفاقية ايفيان الجديدة المسماة اتفاقية الصداقة والتعاون والدفاع..
والتي كما ترون يحيل إليها الإعلان كمرجع مؤسس للدولة الجزائرية الثانية.!! «أرجو مراجعة كل ذلك على وسم اتفاقية ايفيان الجديدة»
٦- البعد الإنساني
الوثيقة اسمها إعلان الجزائر وهي مؤسسة للدولة كما أسلفنا لك كما هو واضح يمضي عليها أيضا الرئيس الفرنسي إلى جانب الرئيس أو الوالي الجزائري!!
٧- الثقافة والتربية
تم الإشارة إلى الاتفاقية المشتركة الموقعة في ٢٠١١ والتي تم التفصيل فيها خلال هذه السلسلة فلتراجع.. والتي تضمن تهيئة المجتمع الجزائري خلال فترة ٢٠١٣/٢٠١٧ ثقافيا وتربويا ليتقبل مخرجات انتقال الجزائر من الوصاية إلى الحماية.
٨- أخيرا البعد الاقتصادي
وتشير الوثيقة إلى الإعلان الاقتصادي والإنتاجي المشترك والتي تم بموجبه إنقاذ الشركات الفرنسية المفلسة كشركات السيارات والشركات الصناعية للالكترونيات والسلاح وغيرها والتي أدت نتائجها بشهادة خبراءهم.. إلى التنفيس عن الاقتصاد الفرنسي واختناق الاقتصاد الجزائري واستفادة الاتحاد الأوروبي من المبادلات المالية وامتيازات الجمركة..حتى كانت حجم المبادلات المالية في العشر سنوات الماضية 225 $ مليار دولار للاتحاد الأوروبي و25$مليار دولار فقط للجانب الجزائري..هذا للاتحاد فقط بدون فرنسا!
فأين الفرص المتساوية والتكافؤ الاقتصادي الذي يتحدث عنه الإعلان.. وسأتناول بالتفصيل الاتفاقات الاقتصادية المخرجة من هذه الاتفاقات المجحفة لاحقا إن شاء الله.
٩- ختاما

أنا ارفض هذا الإعلان جملة وتفصيلا ولا اعتبره ملزما لأي جزائري حر لا زال يحمل في قلبه شعلة الشهداء الذين حرروا البلد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق