برنامج: تأمـــــلات
جعل أباه يعطي وهو ميت وآخر تركه في النار.. هكذا يتعامل الأبناء مع الميراث
عرضت حلقة (2020/7/14) من برنامج "تأملات" نموذجين لتعامل الأبناء مع ميراث أبيهم، أحدهما جعل أباه يعطي وهو ميت، والآخر لم يجد حرجا في أن يبقى أباه في النار، ما دام هو في الدار.
فقد مات مجوسي عليه ديْن، فجاء الدائنون إلى ولده يقتضون. وقالوا له: لو بعت الدار، وسددت دين والدك عسى أن يخفف الله عنه العذاب. قال لهم: فهل يدخل الجنة؟ قالوا: كلا. فقال لهم: فليبق في النار، وأنا في الدار.
وفي المقابل، كان سعيد بن العاص صحابيا وهو صغير، إذ مات النبي صلى الله عليه وسلم وعمره تسع سنين، فلما شبّ عن الطوق كان أحد أشراف قريش وأجوادها وفصحائها.
وعندما مات سعيد ترك في وصيّته أن يُباع قصره الشهير وأن تقضى ديونه من ثمن ذلك القصر.
بعد بيع القصر، قام ابنه عمرو مناديا بالناس: من كان له دين على سعيد فليأتِنا، حتى أتاه فتى من قريش يذكر حقا له مكتوبا في رقعة من جلد بـ 20 ألف درهم وبشهادة سعيد على نفسه بخطّ يده في الرقعة. فعرف عمروٌ خطّ أبيه. ولكنه أنكر أن يكون للفتى مثل هذا المال، فهو صعلوك من صعاليك قريش.
فأرسل إلى مولى أبيه، فدفع إليه الصك، فلما قرأه المولى تذكّر وبكى، ثم قال: نعم، أشهد على صحة هذا الصك.
فتوجه عمرو إلى الفتى: وما سبب مالك هذا؟
فقال: رأيت سعيدا، وهو معزول عن ولاية الكوفة، يمشي وحيدا؛ فقمت، فمشيت معه حتى بلغ إلى باب داره؛ ثم وقفت؛ فقال لي: هل لك من حاجة؟، فقلت: لا، إلا أني رأيتك تمشي وحدك؛ فأحببت أن أصل جناحك. قال: وصلتك رحم يا ابن أخي، ثم أملى هذا الكتاب، وكتب فيه شهادته على نفسه، ثم دفعه إلي، وقال: يا ابن أخي، ليس لك اليوم عندنا شيء، فخذ هذا الكتاب، فإذا أتانا شيء فأتنا به إن شاء الله.
فقال عمرو: ولا جرم، لا تأخذها إلا بالوافية، ثم دفعها إليه..
اعلان
وإضافة إلى القصتين السابقتين، ضمت حلقة "تأملات" فقرات عديدة، منها فصيح العامة وتأملات نحوية وأصل الكلمة وقصة مثل، وغيرها.
يعقوب صَرُّوف
خمسون سنة؛: عشر في لبنان وأربعون بمصر.. ومجلة المقتطف تضخ العلم في عروق الأمة العربية، وباللغة العربية. ووراءها رجل لا يعرف الكلال.. يعقوب صَرُّوف.
لقد درس العلوم باللغة العربية في الجامعة التي ستسمى فيما بعد الجامعة الأميركية في بيروت.
وأتقن الإنجليزية، وعمل في تدريس الرياضيات والعلوم 11 سنة. ثم أطلق مع زميله فارس نمر مجلة المقتطَف.
يصف محمد كرد علي المقتطف بأنها "أهم مَعْلَمة عربية في العلوم الطبيعية والرياضية والاقتصادية". ويقول عن صاحبها "عدَّه العرب ركنا عظيما من أركان نهضتهم، ورجلا قل في الرجال مثله، رفعه علمه وأدبه، ورفع هو كثيرين من حملة الأقلام وأرشدهم إلى طرائق البحث العلمية الجديدة، وله فضل كبير في وضع كثير من المصطلحات العلمية التي تناقلتها الأقلام".
لا نقول اليوم سيكولوجيا، بل علم النفس، ولا جورناليزم بل صحافة، ولا هايبنوتزم بل تنويما مغناطيسيا، وهذه بعض تعريبات يعقوب صروف الكثيرة. كان يكتب في كل عدد، وينقل علوم الغرب في الكيمياء والزراعة والأحياء إلى العربية.
لقد انتقد بعضُهم صروف على ممالأته المحتل الإنجليزي بمصر. وعلى نشره مقالاتِ شبلي الشميِّل في تأييد نظرية التطور، لكنه كان في الأساس راهبا في صومعة العلم لا لاعبا في معمعة السياسة. وقد امتدحه المحافظون، ونشر في مجلته مصطفى صادق الرافعي الذي قال "المقتطف شيخ مجلاتنا، كلهن أولاده وأحفاده، وهو كالجد الأكبر. زمن يجتمع، وتاريخ يتراكم، وانفراد لا يُلحق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق