ماري ترامب : لم يفز قط بأي شيء بصورة شرعية في حياته كلها ونهايته ستكون بشعة
ماري ترامب
هكذا يتعامل الأنا الأكثر ضخامة وهشاشة في العالم مع خسارة الانتخابات الأمريكية: لا يتعامل مع الأمر على الإطلاق.
لم يكن خطاب عمي في وقتٍ متأخر ليلة الانتخابات كاذباً تماماً من بدايته إلى نهايته وحسب، بل كان أيضاً شديد الخطورة. فأن يشكك جمهوريون عاديون في انتخابات شرعية هو أمر، لكن أن يشكك رأس الحكومة فيها هو أمرٌ آخر. ولا يجب التهوين من تداعيات هذا التصرف.
هذا ما سيفعله دونالد ترامب: لن يُقِرَّ بنتيجة الانتخابات، لكن مَن يكترث؟ الأسوأ هو أنَّه لن ينخرط في الأنشطة المعتادة التي تضمن انتقالاً سلمياً للسلطة. كل ما يملكه الآن هو إفساد الأمور، وسيفعل ذلك بانتقام. لطالما عرفتُ كم يمكن أن يكون قاسياً. وبعد فترة وجيزة من انتخابات 2016، كنتُ حين أراه شديد القسوة، كنتُ أفكر بالطريقة التي كان يتعامل بها مع والدي (فريد ترامب جونيور، شقيق دونالد ترامب الأكبر، الذي توفي بسبب إدمان الكحول عن 43 عاماً)، فنزع عنا التأمين الصحي للعائلة بعد وفاة والده، الذي هو جدي، وحينها كان ابن أخي بحاجة إلى رعاية تمريضية على مدار الساعة، وهو ما لم نكن نتحمَّل تكلفته آنذاك.. هذه هي حقيقة ذلك الرجل.
وسيواجه الآن الانهيارات تلو الانهيارات، فلم يسبق أن واجه موقفاً كهذا من قبل قط. الأمر المثير للاهتمام هو أنَّ دونالد لم يفز قط بأي شيء بصورة شرعية في حياته كلها، لكن ولأنَّ أناساً كانوا يُمكِّنونه طوال طريقه، لم يخسر أي شيء قط أيضاً. إنَّه من ذلك النوع من الأشخاص الذين يعتقدون أنَّك تستحق الفوز، حتى لو سرقت أو غششت.
لكن هناك بعضاً من عدالة السماء هنا، لأنَّه يغش منذ أشهر. والآن ترتد عليه أساليبه لتلدغه؛ إذ قال للجمهوريين ألا يصوتوا عبر البريد، ولم يفعلوا، لكن النتيجة كانت أنَّه شهد هذه الأزمة البطيئة تتشكل رويداً رويداً على مدى الأيام القليلة الماضية. واها، لديك تلك الفوارق الكبيرة في الأصوات! والآن هوامش تقدمك تتقلَّص. واها، لقد تقدَّم جو بايدن. لابد أنَّ ذلك كان كالتعذيب البطيء، لكنَّه أعدَّ هذا الإخفاق لنفسه.
وستجعله حقيقة أنَّ الجمهوريين أبلوا أفضل مما كان متوقعاً في مجلسي النواب والشيوخ غاضباً بشدة. فهذا يعني أنَّ الناس كانوا يصوتون ضد دونالد ترامب في هذه الانتخابات، لكن ليس بالضرورة ضد حزبه. وسيضيف هذا الكثير جداً من الملح إلى جراحه النرجسية.
وسينفضُّ أنصاره أيضاً. فمما أفهمه، كان الأمر الذي أفسد ليلته الانتخابية حقاً هو إعلان شبكة Fox News –التي تمثل منطقته الآمنة- حسم جو بايدن لولاية أريزونا قبل أيام من أي شبكة أخرى. ثُمَّ راح تويتر يضع تنبيهات على كل تغريداته ويحذفها، وراح المزيد من وسائل الإعلام الشرعية تقطع بث خطاباته. لكن هذا يطرح السؤال: لِمَ لم يكونوا يفعلون ذلك منذ شهر، أو حتى منذ أربع سنوات، قبل الانتخابات الأخيرة؟ من الجيد أنَّ هذا يحدث الآن لأنَّ الشهرين ونصف الشهر القادمة ربما لن تكون كابوسية مثلما نتوقع، لكنَّه متأخر جداً.
أشعر بالقلق حيال ما سيفعله دونالد ترامب ليهاجم خلال تلك الفترة؛ إذ سيذهب إلى أقصى ما يمكنه لينزع الشرعية عن الإدارة الجديدة، ثُمَّ سيصدر أوامر العفو ليثبط معنوياتنا، ويُوقِّع سلسلة من القرارات التنفيذية. وتذكروا، سيظل أيضاً مسؤولاً عن تعامل الولايات المتحدة مع الجائحة. وقد يكون هناك مليون أمريكي توفّوا بحلول ذلك الوقت تحت إشرافه.
وتبدو الأمور حالكة بالنسبة لدونالد ترامب بعد يناير/كانون الثاني المقبل، فلديه أكثر من 400 مليون دولار من الديون القادمة في السنوات الأربع المقبلة. لماذا قد يتساهل معه مقرِضوه بأي شكل في تلك المرحلة؟ فهو لم يرد الدين لأي أحد، وأعماله في تراجع. لقد دمَّر علامته التجارية.
وأعتقد أنَّه سيكون فاعلاً في قاعات المحاكم بمدينة نيويورك أكثر مما سيكون فاعلاً في السياسة. وقد قدَّم وزير دفاعه بالفعل استقالته، وأظن أنَّه سيكون هناك المزيد من ذلك. وربما يحتاجه الجمهوريون من أجل جولتي إعادة انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا في يناير/كانون الثاني المقبل، لكن قد يجري اعتباره عائقاً. وإذا ما تصرَّف كشخص مجنون، سيُبقي السيناتورات على مسافة معه. وسينصرف عنه الناس إن لم يعد لهم ما يجنونه من ذلك بعد الآن.
كما لو أنَّ لديه أي أصدقاء على أي حال. الأمور قاتمة بالنسبة له. ودونالد جونيور وإيفانكا وإريك أيضاً يعلمون أنَّ علاقتهم بوالدهم هي علاقة مشروطة ومصلحية. وكنتُ أقول منذ 2016 إنَّه سيتعين عليّ تغيير اسمي. وأظنَّ أنَّه سيتعين عليهم تغيير أسمائهم.
وبالنسبة للحديث عن ترشحه في 2024، فإنَّ هذه ممارسة لحفظ ماء الوجه ليس أكثر. إنَّها طريقة لإلهائه عن حقيقة أنَّه ربما سيذهب إلى السجن. لكن أسوأ ما ينتظر دونالد ليس الصعوبات المالية أو احتمال دخول السجن، بل أن يصبح شخصاً عديم الأهمية. ولا أعتقد أنَّه سيتعافى من هذا أبداً.
ترجمة عربي بوست
– المصدر صحيفة The Guardian البريطانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق