قالت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو، الثلاثاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إن على بلادها الإقرار بأن الاستعمار الذي مارسته جريمة وهمجية.
جاء ذلك في تصريح لصحيفة "L'Opinion"، لفتت فيه إلى تصديق الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في فرنسا بالإجماع، على مشروع قانون لإعادة بعض الممتلكات الثقافية التي تخص دولتي السنغال وبنين.
باشلو لفتت إلى تصريحات سابقة للرئيس إيمانويل ماكرون، تنتقد حقبة الاستعمار.
وأضافت: "كما قال إيمانويل ماكرون، فإن الاستعمار جريمة وهمجية، وعلينا الإقرار بمشاركتنا في ذلك".
كما اعتبرت أن "الاستعمار حقيقة كافة الشعوب، وأن الأمم لطالما استعمرت الأمم الأخرى ومارست العبودية ضدها".
يشار إلى أن ماكرون صرح أثناء حملته الانتخابية عام 2017، بأن استعمار فرنسا للجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية".
جرائم بشعة
الخميس 7 مايو/أيار 2020، قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إن الاستعمار الفرنسي قتل على مدار 132 عاماً (1830- 1962)، نصف سكان بلاده (قبيل الاستقلال)، "في جرائم لا تسقط بالتقادم".
جاء ذلك في رسالة وجهها تبون إلى الشعب الجزائري بمناسبة الذكرى الـ75 لمجازر الثامن من مايو/أيار 1945، التي ارتكبها جيش الاستعمار الفرنسي بحق متظاهرين جزائريين، ونشرت مضمونها وكالة الأنباء الرسمية.
وفي 8 مايو/أيار 1945، ارتكبت قوات الاحتلال الفرنسي مجازر بشعة في مناطق سطيف وقالمة وخراطة، شرق الجزائر العاصمة، ذهب ضحيتها حسب تقديرات رسمية، 45 ألف شهيد، خرجوا بمظاهرات للمطالبة باستقلال بلادهم.
إذ أوضح الرئيس الجزائري أن "القمع الدموي الوحشي للاحتلال الاستعماري الغاشم سيظلّ وصمة عار بجبين قوى الاستعمار التي اقترفت في حقّ شعبنا طيلة 132 سنة، جرائم لا تسقط بالتقادم، رغم المحاولات المتكررة لتبييضها".
كما تابع قائلاً: "عدد ضحايا جرائم الاستعمار تجاوز 5 ملايين ونصف المليون ضحية من كل الأعمار، أي ما يمثل أكثر من نصف سكان الجزائر (في ذلك الوقت)".
تطهير عرقي
وصف الرئيس الجزائري "جرائم الاستعمار" بأنها "ضد الإنسانية، وتخالف القيم الحضارية، لأنها قامت على التطهير العرقي لاستبدال السكان الأصليين واستقدام غرباء".
كما اعتبر أن هذه الجرائم "قامت على فصل الإنسان الجزائري عن جذوره، ونهب ثرواته، ومسح شخصيته بكلّ مقوماتها".
تطالب الجزائر منذ سنوات، فرنسا بالاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائمها الاستعمارية، لكن باريس تطالب في كل مرة بطي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل.
محاسبة فرنسا
خلال شهر فبراير/شباط الماضي، تعهد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بـ"محاسبة الدولة الفرنسية على جرائمها في الجزائر"، وأكد التزامه استرجاع جماجم قادة مقاومات شعبية ومحلية ضد الاستعمار الفرنسي توجد داخل متحف بباريس، تماطل السلطات الفرنسية في تسليمها.
إذ قال الرئيس تبون، في رسالة بمناسبة اليوم الوطني للشهيد: "في هذا اليوم المبجل والممجد لشهداء الجزائر الأبرار، أجدد عهدي ووفائي لرسالتهم، ووعدي لهم باسترجاع ذاكرتنا ورفات شهدائنا من المستعمر السابق، شهداء الثورات الشعبية التي مهدت لثورة نوفمبر/تشرين الثاني"، مشدداً على أن الدولة الجزائرية "لن تتنازل عن محاسبة الدولة الفرنسية عن جرائمها خلال فترة احتلالها للجزائر"، وقال: "لن نسمح أبداً بالإساءة إلى شهدائنا أو التمثيل بهم، لن نتخلى عن محاسبة المستعمر السابق، على استرجاع ذاكرتنا ورفات شهدائنا".
استعادة جماجم الشهداء: كان تبون يشير إلى جماجم قادة المقاومات الشعبية الموجودة بمتحف الإنسان في باريس، والذي نُقلت إليه منذ أكثر من قرن. وتطالب السلطات الجزائرية في السنوات الأخيرة بها، وقادت مساعي لاسترجاعها من المتحف، لكن السلطات الفرنسية تماطل في ذلك.
فقد كشف عن وجود هذه الجماجم عام 2011، المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي، الذي كشف وجود جماجم لمقاومين جزائريين عندما كان بصدد بحث تاريخي حول المقاومة الشعبية الجزائرية للاستعمار الفرنسي.
حيث تم قطع رؤوس المقاومين في سياق انتقامي، أبرزهم الشريف بوبغلة والشيخ بوزيان، أبرز المقاومين الجزائريين، وموسى الدرقاوي ومختار التيطراوي وعيسى الحمادي، ومحمد بن علال، أحد ضباط الأمير عبدالقادر الجزائري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق