مفهوم الاستعمار.. ما بين التصحيح والتحوير
إن معنى الاستعمار في مفهوم الإسلام والقرآن هو إصلاح
الأرض وعمارتها، وتزجية معاش الناس فيها، وتحقيق
التمكين عليها، وتعبيد الفعل البشري لله سبحانه وتعالى. كما
قال تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأرض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا..)
هذا هو المفهوم الصحيح لكلمة الاستعمار وتعبر عن معنى طيب جميل جذاب ولا تعبر عن أي شكل من أشكال السيطرة التي يمارسها مجتمع على آخر أو غزو دولة على دولة أخرى لأجل سرقة ثرواتها واستعباد مجتمعها.
توضيح وتعريف معنى الاحتلال
- الصومال البريطاني: ويشمل زيلع وبربرة.
- الصومال الإيطالي: ويشمل عصب وبنادر ومصوع.
- الصومال الفرنسي: يشمل منطقة جيبوتي، وهي أوبوك وتاجورا وأمياد.
- الصومال الإثيوبي: يضم إقليم هرر ومنطقة أوغادين.
- الصومال الكيني: ويشمل إقليم (إن دي أف) NFD.
قابلية الاحتلال في العالم الاسلامي
حينما تكلم الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله عن
حقيقة ملة إبراهيم عليه السلام قال: “وبه تعرف مدى ما
انغمس فيه غالب المحسوبين على الإسلام من الوثنية
الجديدة وما استجلبوه من مبادئ الغرب ومذاهبه المادية
فجعلوا حدود الوطن فوق حدود الله وجعلوا لأنفسهم الخيرة
فيما يشرعون وينظمون خلافًا لما قضى الله ورسوله،
واتبعوا ما يمليه رجال تألهوهم بالحب والتعظيم وجعلوهم
أندادًا من دون الله كالقومية والوطنية وما يستلزمها من
المذاهب المادية”.
ثم ذكر من جعل الوطن ندًا لله في قول قائلهم:
بلادك قدمها على كل ملة
ومن أجلها أفطِر ومن أجلها صُم
وجلبوا موالاة أعداء الله بحجة الجنس والوطن، وتعطيل
الشريعة بحجة التطوير الفاسد، وعبادة كل طاغوت في
سبيل ذلك. ومن مبادئهم الباطلة:
*مثل مبدأ “الدين لله والوطن للجميع”.
*مثل مبدأ “الدين علاقة بين العبد وربه فقط لا شأن له في
الحياة”.
*مبدأ “إرادة الشعب من إرادة الله”.
ما الفرق بين الفتوحات الإسلامية والاحتلال الغربي؟
كل الفتوحات الإسلامية كانت تحمل بصمات الخير
والتطور وكلما دخل المسلمون بلدًا طبَّقوا وصيَّة النبي
-صلَّى الله عليه وسلَّم- لهم التي كان يقولها لهم عند خروجهم
للقتال والغزو، وهي قوله: “اغْزُوا باسم الله، وفي سبيلِ الله،
وقاتلوا مَنْ كفَرَ بالله، اغْزُوا ولا تَغْدِرُوا، ولا تَغُلُّوا، ولا
تُمَثِّلُوا، ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا”.
ومن وصايا أبي بكر لأمراء الجُند: “لا تقتلوا امرأةً، ولا
صبيًّا، ولا كبيرًا هَرمًا، ولا تقطعوا شجَرًا مُثمرًا، ولا
تُخرِّبُنَّ عامرًا، ولا تَعقرنَّ شاةً ولا بعيرًا إلَّا لمأكلة، ولا
تُغرقُنَّ نخلًا ولا تحرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبُن.”
وأيضًا نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الغدر يقول: “إن
الغادر يُنصب له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غدرة فلان بن
فلان.”
يقول (توماس آرنولد) في كتابه (الدعوة إلى الإسلام ص99)
لم نسمع عن أية محاولة مُدبرة لإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام.. أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين المسيحي من قِـبل المسلمين.
ويقول (ويل ديورانت) في كتابه (قصة الحضارة 12/131):
“لقد كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود
والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من
التسامح: لا نجد لها نظيرًا في البلاد المسيحية في هذه
الأيام!! فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم..
واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم”.
والمسلمون دخلوا الأندلس وأقاموا حضارة عالمية واسمع
ماذا يقول المفكر الإسباني (بلاسكوا أبانيز) في كتابه (ظلال
الكنيسة) متحدثًا عن الفتح الإسلامي للأندلس:
“لقد أحسنت (إسبانيا) استقبال أولئك الرجال الذين قدموا
إليها من القارة الإفريقية (يعني المسلمين).. وأسلمتهم القرى
برمتها بغير مقاومة ولا عداء! فما هو إلا أن تقترب كوكبة
من فرسان العرب من إحدى القرى؛ حتى تفتح لها الأبواب،
وتتلقاها بالترحاب، فكانت غزواتهم غزوة تمدين وحضارة
ولم تكن غزوة فتح وقهر.
ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمنًا عن فضيلة حرية
الضمير، وهي الدعامة التي تقوم عليها كل عظمة حقة
للشعوب، فقبلوا في المدن التي ملكوها كنائس النصارى
وبيع اليهود (جمع بيعة) ولم يخشَ المسجد من معابد الأديان
التي سبقته، بل عرف لها حقها، واستقر إلى جانبها، غير
حاسد لها، ولا راغب في السيادة عليها!”.
ويقول المـؤرخ الإسباني (أولاغي): “فخلال النصف الأول
من القرن التـاسع: “كـانت أقـلية مسيحية مُهمة تعيش في
قرطبة وتمارس عبادتها بحرية كاملة!”، ويقـول القس
(إيِلوج): “نعيش بينهم دون أنْ نتعرض إلى أيّ مضايقات
في ما يتعلق بمعتقدنا”.
هكذا كانت الفتوحات الإسلامية وسجلت التاريخ وبلسان
مؤرخي الغرب أن الإسلام يحمل النور والخير في كل بلد
يدخلها.
وماذا فعل الغرب بعد دخوله إلى العالم الإسلامي بحملاته
الصليبية: الاحتلال الغربي هدفه الوحيد هو القتل
والاغتصاب وسرقة ثروات الشعوب المقهورة واستعباد
الناس.
استخدموا كل أسلحة لقهر المسلمين ونأخذ مثالًا من كتاب
المؤرخ مصطفى المرون حول الغازات السامة التي
استعملتها إسبانيا في شمال المغرب «التاريخ السري
للحرب الكيماوية في المغرب»، يقول في مقدمة الكتاب،
المؤرخ البريطاني سيباستيان بالفور، عن دور سياسي
يعتبر مقدسًا في الغرب وهو ونستون تشرتشل، حيث لم
يتردد سنة 1920عندما كان يشغل منصب سكرتير الدولة
للدفاع والجو في الحكومة البريطانية بالقول حول استعمال
الغازات السامة:
أنا موافق تمامًا على استعمال الغازات السامة ضد القبائل غير المتحضرة.
وذلك في قصف الجيش البريطاني لبعض المناطق الأفريقية
والعربية وأفغانستان.
كان جندي الغرب ينادي بأعلى صوته، حين كان يلبس
خوذة الحرب قادمًا لاحتلال بلاد الإسلام:
أماه…
أتمي صلاتك.. لا تبكي..
بل اضحكي وتأملي..
فرحًا مسرورًا..
سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة…
سأحارب الديانة الإسلامية…
سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن…
وانتصر جيوش الحقد هذه على أمة الاسلام التي قادها أسوأ
قادة عرفهم التاريخ.
فماذا فعلت هذه الجيوش؟
استباحت الأمة كلها، هدمت المساجد، أو حولتها إلى
كنائس، ثم أحرقت مكتبات المسلمين، ثم أحرقت الشعوب
نفسها.
الأندلس
فتحوا محاكم التفتيش، لقد حُرِّم الإسلام على المسلمين، وفرض عليهم تركه، كما حرم عليهم استخدام اللغة العربية، والأسماء العربية، وارتداء اللباس العربي، ومن يخالف كان يحرق حيًا بعد تعذيبه.
وهكذا انتهى وجود الملايين من المسلمين في الأندلس فلم يبق في إسبانيا مسلم واحد يظهر دينه.
الجزائر
وبعد دخول الاحتلال الفرنسي نهب ثروات الجزائر وقتل ما يستطيع أن يقتل بدون تمييز النساء والأطفال والرجال حتى اشتهرت الجزائر ببلد الـ (مليون شهيد).
وقد أشار بعض الكتاب الفرنسيين أمثال روبانRobin في المجلة الإفريقية عدد 20 لسنة 1876 19، لارتكابها بـ 10 أبريل 1832، ورينو في حوليات جزائرية، والذي أورد ذلك بالقول:
أن تنفيذ الجريمة لم يفرق بين الكبير والصغير، ولا بين الرجل والمرأة، وصار مرتكبها يتخيل أرواح الأبرياء أشباحا تطارده كلما حلّ الظلام.
وجميع المجازر بحق الشعب الجزائر كانت مخيفة.
يصور الكاتب الفرنسي دي بيتنييهDe Petignier، بعض
المجازر بقوله: “إنه منظر فظيع لم يحدث مثله في التاريخ،
وعلقت جريدة التايمز البريطانية (The Times) عن
بشاعة الجريمة في مقال لأحد كتابها: “إنها مذبحة فظيعة،
جعلت حتى المتوحشين يخجلون”.
وجرائم الغرب بحق الشعوب العالم كانت من أفظع الجرائم
في التاريخ.
فشل الاحتلال الغربي في العالم الإسلامي
الإسلام والاحتلال الغربي
يقول لورنس براون: “أن الاسلام هو الجدار الوحيد في
وجه الاستعمار الأوروبي”. هكذا يفكر أن المسلمين لا
يقبلون الذل والاستعمار وبعد تجربتهم حملات الصليبية
علموا ذلك أن الإسلام لا يقبل الاستعمار.
القرآن هو حصن المسلمين
قول غلادستون رئيس بريطانيا سابقًا:
مادام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق (المسلمين).
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مئة
سنة على استعمار الجزائر: “إننا لن ننتصرعلى الجزائريين
ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، يجب أن نزيل
القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من
ألسنتهم”.
الأنظمة الديكتاتورية والعالم الإسلامي
يقول المستشرق و.ك. سميث الامريكي والخبير بشؤون باكستان: “إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي، وعاشوا في ظل أنظمة (ديمقراطية)، فإن الإسلام ينتصر في هذا البلاد، وبالديكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها!”.وينصح رئيس تحرير مجلة تايم في كتابه (سفر آسيا) الحكومة الأمريكية أن تنشئ في البلاد الإسلامية ديكتاتوريات عسكرية للحيلولة دون عودة الإسلام إلى السيطرة على الأمة الإسلامية، وبالتالي الانتصار على الغرب وحضارته واستعماره.
لكنهم لا ينسون أن يعطوا هذه الشعوب فترات راحة حتى لا تتفجر، يقول هانو توا وزير خارجية فرنسا:
إن الخطر لا يزال موجودًا في أفكار المقهورين الذين أتبعتهم النكبات التي أنزلناها بهم، لكنها لم تثبط من عزائمهم.
الكاتب: عبد الحفيظ علي تهليل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق