يدافعون عن حرية السخرية من رسول الله؛
فهل ما زالوا مسلمين؟
الخبر
“مظاهرات عارمة فرنسا بعشرات الآلاف انضم اليهم “مسلمون..!!” للتنديد بمقتل المدرس “صمويل باتي” الذي قام بشرح الرسوم الساخرة والمستهزئة برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتدريسها للطلبة في المدرسة ليُرضعهم لبان السخرية والطعن في خير الخلق وفي دين الله تعالى.
وقد قتله شاب مسلم، غار لرسول الله وذب عنه، “عبد الله أنزوروف” البالغ من العمر 18 عاما، والذي قُتل بعدها برصاص الشرطة بعد وقت قصير من الهجوم، رحم الله “عبد الله أنزوروف” وغفر له، وألحقه بالشهداء”. (1)
التعليق
فرق مهم
أن يُبدي غير المسلم وجه اعتراضه ـ شبهاته المانعة ـ وسبب عدم دخوله في الإسلام، فهذا ممكن، ويدخل في مجال النقاش والبيان وإزالة الشبهة.
أما السخرية والاستهزاء، والطعن في رسول الله وأحكام الإسلام، فهذا يجعل صاحبه طاعنا في الدين (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) (التوبة: 12) ويجعله من أئمة الكفر المحاربين ولهم حكمهم بوجوب قتلهم ما أمكن.
أضف لهذا السياق الذي تحارب به فرنسا الإسلام بطريقة منهجية وهمجية..!
أخسر صفقة
لقد تظاهر الفرنسيون من أجل ضمان حرية سب رسول الله وطعنه والسخرية منه..! لكن العجيب أن يتظاهر معهم “مسلمون..!” من أجل ضمان حرية سب رسول الله وطعنه والسخرية منه..! يجب أن يعلم المتعاطفون مع الساخر أنهم ساخرون مثله وراضون بجريمته.
لم يبق إذن من شارك فيها مسلما، ولا مؤمنا؛ بل خلع ربقة الدين وتعرى منافقا. لقد وقع في فتنة طُلبت منه؛ فباع رسولَ الله وباع دينه لضمان حرية استمرار سب رسول الله وطعنه والسخرية منه من أجل أن يعيش في أوروبا أياما معدودة مرضيا عنه من قبل شواذ وملاحدة وإباحيين. ومرضيا عنه من إعلام يملكه صهاينة وصليبيون.
بئست الفاطمة وبئست المربية، وبئست الصفقة؛ خسرت أيمانهم وتبَّت أيديهم.
تناقضات الرقعاء
المدافعون عن حرية سب رسول الله وطعنه والسخرية منه والاستهزاء به مشاركون في سبه وطعنه والسخرية منه والاستهزاء به. والاحتجاج بعفو رسول الله عمن آذاه خطأ من وجهين:
أولا) أن ما كان لرسول الله أن يسقطه في حياته لا نملك نحن إسقاطه من حرمته بعد موته.
ثانيا) أن عفو رسول الله عمن آذاه لم يكن بإطلاق؛ فقد أهدر رسول الله دم امرأتين كانتا تغنيان بهجائه بمكة. وأطلَّ دم امرأة قتلها زوجها الضرير لما كانت تقع في سب رسول الله، وأمر بقتل بضعة نفر يوم فتح مكة ولو تعلقوا بأستار الكعبة لخصوص طعنهم فيه.
إن الرقعاء الذين تأخذهم الرعدة لحرية ساب رسول الله والمستهزئ به، لا يقرون لأحد بحرية أن يسبهم أو يستهزيء بهم أو يطعن فيهم بالباطل ويشهّر بهم، على أن هذا حرية رأي. ولا يقرون لمن يسب آباءهم وأمهاتهم على أنه حرية رأي. والدول لا تقر لأحد أن يسب حكامها وقد يكونون من أرذل الناس وأكثرهم لصوصية وجرائم وتدميرا.. وتتحرك الأجهزة ويتحرك الإعلام وتتقطع علاقات دبلوماسية وتشن حملات إعلامية لأن هذا لا يتناسب مع العلاقات الدبلوماسية والحقوق السياسية، وقد تصل الأمور الى الحروب.. لكنهم يقبلون أن يكون رسول الله في مكان الاستهزاء والسب والطعن والسخرية تحت شعار حرية الرأي..! بئست القِسمة.
سيبقون متناقضين مع مقررات شريعة الله وبداهة احترام العقائد ومع ما لا يقبلون لنفوسهم وحكامهم. بل ولو أوذي أصحاب ديانات أخرى وثنية أو كتابية محرَّفة لصرخوا معهم ومن أجلهم.
ولذلك أخبر رسول الله عن إجابات الناس في القبور فقسّمهم الى مؤمن والى “وأما الكافر أو المنافق..”؛ ففي القبور يقول الكثير من هؤلاء المنافقين حين السؤال: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. من نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري؛ فيقال له: لا دريت ولا تليت.
ما تراه لطفا قد يكون نفاقا..! وما تتبرع به لعدوك قد يهلكك في قبرك ويوم لقاء ربك. قد تقع في معصية، لكن أن تتبرع ببيع دينك فهذه قسمة خاسرة وحمقاء أيما حمق.
تعليم المحبة وموجباتها
إن كان هذا هو موقف التهاون والسهولة في قبول الذلة على أهل الإسلام وقبول الدنية في الدين، وإبداء النفاق لمن يطلبه منهم والوقوع في الفتنة استجابة لمن طلبها؛ فليكن موقف المسلم مقابلا لهذا؛ فعلم ابنك وابنتك أن حبهم لكَ يجب أن يكون بعد حبهم لرسول الله. وعلمي ابنك وابنتك أن حبهم لكِ يجب أن يكون بعد حبهم لرسول الله. ضعوا أنفسكم متأخرين في قلوبهم عن حب الله ورسوله ودينه.
فإن تساءل الأبناء ولماذا نحب رسول الله..؟ فأجيبوهم بأسباب المحبة؛ إذ المحبة لا يؤمر بها نفسها إلا وقد قُصد بها أسبابها أو آثارها.
فإن علِموا أنه أكمل مخلوق، أحبه الله ورضيه نموذجا كاملا بإطلاق.. فهذا يوجب محبته.
وعلموهم أن السعادة كلها جاءت على يديه؛ فقد اختاره الله لينزل عليه أكمل الشرائع، ويجعل خلفه طريق النجاة، ويحدد طريق القبول باتباع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا يوجب المحبة.
وعلموهم أنه بلغ كل كلمة، وقام بالتكاليف، وجاهد وصبر، بنفسه وماله وأهله وصحبه وغربته وهجرته، وصبره ورباطه، وزهده ونصحه؛ حتى أوصل لنا الدين كاملا في صورة بلاغ للكتاب والسنة، وفي صورة أصحاب وأمة حملوه وطبقوه على يديه وتحت عينه. وهذا يوجب المحبة.
علموهم أن من افتقد الى الهدى والخير الذي جاء به رسول الله من ربه تخبط واحتار وضل، ثم هلك عند لقاء الله.
علموهم أن الله أحبه ويحبه، ويذكره بالثناء في الملأ الأعلى، وأن ملائكة السماء تحبه وتثني عليه وتدعو له لما بلغ وعلم وجاهد.
علموهم أن الجنة والقرب من الله لا يكون إلا بما جاء به رسول الله.
علموهم أننا سبب لحياة أبدانكم، لكنها ستتلف وتموتون. أما رسول الله فهو سبب لحياة أرواحكم وهي باقية وسبب الخلود.
علموهم أنكم لو أسعدتموهم في الدنيا الفانية فرسول الله سبب سعادتهم الباقية. فلا نسبة بينهما. فهو أولى بالمحبة لا من الاباء بل من النفوس (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) (التوبة: 120).
علموهم هذه الكلمة جيدا (وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ).
خاتمة
قد يجتهد المسلمون في القدرة على القصاص ممن سخر من رسول الله أو طعن فيه أو استهزأ به، أو يتناقشون في عاقبته على المغتربين واستضعافهم؛ لكن حين يهتفون من أجل حرية سبه وطعنه؛ فهل بقي لهم دين..؟!!
لقد انحرف المجرمون بالقضية؛ فبدلا أن تصبح الاعتداء والطعن والسخرية من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اصبحت حرية السب وحرية الطعن والاستهزاء والسخرية من نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومن دين الله تعالى. وسايرهم في هذا المنافقون والمرتدون الذين قاموا يبكون لأجل المستهزيء الساخر الذي يُرضع الصغار لبان السخرية من رسول الله ويعمقه ويرسخه فيهم، وتناسى المتظاهرون ـ صليبيون ومرتدون ـ ومعهم الإعلام الفاجر غربيا كان أو شرقيا، “جزيرة” و”عربية” وغيرهما، وأنظمة ونخبة ساقطة ـ تناسوا الجريمة الحقيقية وأقروا أنها حق مشروع وإنما رفضوا عقوبتها، وتظاهروا من أجل ضمان حرية تكرارها..!
واأسفى على جهل ضرب بأطنابه ودياثة على الدين لا يرضاها بوذي لصنمه، ولا نصراني لصليبه ولا يهودي لترهاته وأساطيره.
هوامش:
- موقع ” BBC”: قتل المدرس الفرنسي: توجيه تهم لسبعة أشخاص في قتل صمويل باتي.
موقع “الأناضول”: مقتل الأستاذ الفرنسي.. القبض على 16 شخصا بينهم قاصران.
اقرأ أيضا:
- حق رسول الله على أمته
- إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول
- الاحتساب على شاتم سيد البشرية
- منطلقات شرعية في نصرة خير البرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق