أتحبه لأمك؟!
أدهم شرقاوي
جاء شابٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: يا رسول الله اِئذن لي بالزنا!
فزجرَه من كان جالساً معه، ولكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَزِدْ على أن قالَ له: أُدْنُ مني!
فلمَّا دنا منه وجلسَ، قال له: أتحبُّه لأمك؟
فقال الشاب: لا والله، جعلني الله فداءك!
قال: ولا الناس يُحبُّونه لأمهاتهم، أفتحبُّه لابنتك؟
فقال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك!
قال: ولا الناس يُحبُّونه لبناتِهم، أفتحبُّه لأُختك؟
فقال: لا والله، جعلني الله فداءكَ!
قال: ولا الناس يُحبُّونه لأخواتِهم، أفتُحبُّه لعمتك؟
فقال: لا والله، جعلني الله فداءكَ!
قال: ولا الناس يُحبُّونه لعماتهم، أفتحبُّه لخالتك؟
فقال: لا والله، جعلني الله فداءكَ!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ولا الناس يُحبُّونه لخالاتِهم! ثم وضعَ يده الشريفة على صدرِ الشابِ وقال: اللهم اغفرْ ذنبَه، وطهِّرْ قلبَه، وحصِّنْ فرجَه.
فثبتَ الشابُ من يومها بدعاءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يلتفتْ لشيء!
الأسلوبُ أولاً وأخيراً هو الذي يفتحُ بإذن الله قلوب الناس إلى الحق، مطلبُ الشاب من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لو كان بينه وبينه لكان وقاحةً، فكيف وقد جاء يطلبُ الإذن بالزنا على الملأ! ولكن الرحمة المُهداة فهمَ أن الشاب قد استعرتْ فيه الشهوة وهي في مُقتبلِ العمر ليستْ كما هي في آخره، وهو مدفوعٌ بالغريزةِ وليس بالفجور، وهذا ما يجب أن نتفهمه في أهل المعاصي من المُسلمين! وبعد أن نتفهمَه تأتي المُحاججة بالمنطقِ، والهدوءِ، والقلبِ الليِّنِ، واللسانِ العذبِ، والإشفاقِ وإنَّ الله سُبحانه يفتحُ القلبَ باللسان اللين ولا يفتحه بالسيفِ القاطع!
كلُّ ما تريدُ أن تقومَ به تجاه الآخرين قِسْهُ على نفسك، فإذا رضيتَه لكَ فاصنعه مع الناس، وإذا لم ترضَه لكَ فأمْسِكْ فعلكَ، وإنَّ من العدل أن يرضى الإنسان للناس ما يرضاه لنفسه، وأن يرفضَ لهم ما يرفضه لنفسه!
العلاقةُ التي لا ترضاها لأهلِ بيتِك فلا تقُمْ بمثلها مع أهل بيت آخر!
والكلمةُ التي لا ترضى أن تسمعَها من غيرك فلا ترضَ أن تُسمِعَها لغيرك!
وعِشْ حياتك كلها على مبدأٍ واحدٍ تسلم: أدِّ للناس ما تُحب أن يُؤدُّوه إليك!
بقلم: أدهم شرقاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق