الجمعة، 23 أبريل 2021

أحتفلوا بنجاح الثورات المضادة، التي أشعلوها في جسد الربيع العربي منذ 2011.

 أحتفلوا بنجاح الثورات المضادة، التي أشعلوها في جسد الربيع العربي منذ 2011.

5 زعماء عرب، وسادسهم جورج نادر حكم عليه بــ10 سنوات



تقرير بقلم الخبير السياسى والإقتصادي

د.صلاح الدوبى

جنيف – سويسرا

تحالف “قمة اليخت السرية”

تحالف “القمة السرية” في البحر الأحمر 2015 بين “السعودية ومصر والإمارات والبحرين والأردن” يفشل تحت وطأة التغيرات الإقليمية الجديدة ووصول بايدن وتضارب المصالح في كل المناطق المشتعلة بالشرق الأوسط.

التقوا على متن يخت ملكي، في قمة سرية،كان ذلك في أواخر عام 2015، وفي مكان ما في مياه البحر الأحمر،كانوا 5 زعماء، وسادسهم جورج نادر حكم عليه بــ10 سنوات بتهمة “الاعتداء الجنسي على الأطفال”

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي،ملك البحرين حمد بن عيسى،ملك الأردن عبدالله الثاني

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان،ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد.

كانوا يحتفلون بما أنجزوه في الأعوام الأخيرة، ويخططون للمستقبل القريب،احتفلوا بنجاح الثورات المضادة، التي أضرموها في جسد الربيع العربي منذ 2011.

إنهم تحالف من القادة الذين بذلوا كل ما بوسعهم لوقف النضال التقدمي الشعبى من أجل حقوق الإنسان في العالم العربي، الذي لا يمكن عكس تياره.

القادة الخمسة في “قمة اليخت السرّية” كانوا يحتفلون بإنجازهم الكبير: إيقاف زحف الشعوب العربية نحو ميادين التحرير، ومطالبتهم بالخبز والحرية والمساواة،سعياً للحفاظ على أنظمتهم دمر قادة هذا التحالف أمماً كانت تعتز فيما مضى بتحضرها،وشنوا حروباً في اليمن وسوريا وليبيا تركت هذه الدول مدمرة تدميرا. 

وموّلوا انقلاباً عسكرياً في مصر،وحاولوا نفس الشيء في تونس وتركيا،وأسفرت هذه التدخلات عن إراقة دماء مئات الآلاف. 

قال  ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي في تصريحات صحفية: إن الغرض من تلك القمة كان هو أن تهيمن مجموعة من البلدان المشاركة فيها على المنطقة للخمسين سنة القادمة، وبين أن العقل المدبر للقمة كان نظام أبو ظبي، مضيفا بأن من رتب لهذه القمة هو جورج نادر مستشار نظام أبو ظبي، وسوق نفسه كوسيط بين واشنطن ووسيط لهذه المجموعة، مشيرا إلى أنه كانت هناك خطة لحشد بعض الدول معا للاستعاضة عن مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية وإعادة رسم الأدوار في المنطقة العربية، والدور الأمريكي بالمنطقة.

ونبه هيرست إلى أن نظام أبوظبي نصح السلطات الجديدة في الرياض بالتخلص من الخصوم، وأن يكون لديها علاقات أقوى مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل، وبالفعل السلطات الجديدة في الرياض قد حققت كل هذه الأمور في الفترات الماضية.

بعد 6 سنوات من انعقاد قمة اليخت السرية، يبدو من المستحيل جمع نفس الشخصيات على متن يخت في البحر الأحمر،ولا في أي بحر آخر.

السبب الأول هو أن مدبر هذه القمة السرية، جورج نادر، حكم عليه بعشر سنوات ويقبع في السجن حالياً لإدانته بالانتهاك الجنسي لأطفال،والسبب الأهم هو أن المشاركين صاروا يكنون لبعضهم البعض أحقاداً بالغة،ويختلفون على كثير من الأولويات.

تضارب المصالح الاقتصادية بين مصر والسعودية والإمارات

في عام 2016، أي بعد عام من القمة السرية، كانت بدايات الخلاف، حين تساءلت تقارير إعلامية عن العلاقة بين مصر والسعودية: بداية قطيعة أم تضارب مصالح عابر؟

تزايدت الخلافات بين السعودية ومصر، وتحدث الجميع عن أزمة “صامتة”.

أبرز الخلافات يتعلق بالملف السوري،ورفض مصر إرسال قوات للقتال في حرب المملكة العربية السعودية الكارثية في اليمن.والامتناع عن معاداة إيران وحلفائها في لبنان،وقطعت السعودية تصدير النفط إلى مصر.

لكن كل ذلك لم يكن بداية قطيعة، كما أنه ليس مجرد سحابة عابرة،مياه كثيرة تجري في كل الأنهار.

لم يعد لدى السعوديين “مال مثل الأرز” كما تفاخر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام مدير مكتبه عباس كامل.

ولا يتمتع الملك سلمان بنفس القدر من الكرم الذي تمتع به شقيقه الراحل عبد الله، حتى لو كان لديه المال، وهو ما لا يملكه.

وحاول  السيسي الحصول على خط تمويل جديد من الرياض من خلال منحها جزيرتين لهما موقع استراتيجي على البحر الأحمر، وهما تيران وصنافير، رغم الاحتجاجات الشديدة في الداخل المصري،لكنّ السعوديين لم يعودوا مهتمين بمثل هذه الحلي مثل قناة السويس وخليج العقبة،على العكس، وجدوا مصالحهم في المنطقة تتعارض مع مصالح “الشقيقة الكبرى”مصر،فكر السعوديون في طرق أرخص وأسرع للوصول إلى البحر المتوسط ​​- عبر إسرائيل. 

فكروا في إحياء خط أنابيب صحراوي، الذي كان سريا في السابق وامتد من إيران إلى إسرائيل في عهد الشاه.

وفي تطوير الموانئ والمناطق الحرة في إسرائيل، وإنشاء كابل الألياف البصرية الجديد في الشرق الأوسط .

يشير كل ذلك إلى مصير واحد للقاهرة؛ هو خسارة فادحة في الأموال والنفوذ الإقليمي.

وصحيح أن مصر لا تعترف علناً بذلك، لكن يزداد انزعاجها من خطط تجاوز قناة السويس، التي استحدثت توسِعات عليها بقيمة 8.2 مليار دولار.

ثم جاءت الأزمة الجديدة بعد “تقرير خاشقجي”

في بداية شهر مارس/آذار 2021، ألقى السفير السعودي السابق بالقاهرة أحمد قطان بتصريحات غير متوقعة، لمست بعض ثوابت العلاقات بين مصر والسعودية.

شفيق الرئيس الشرعي لمصر، والجيش المصري تآمر على مرسي”، كانت هذه خلاصة الحديث الصادم لقطان، وهو حالياً وزير الدولة السعودي لشؤون الدول الإفريقية، والذي يؤشر إلى وجود خلافات بين السعودية ومصر.

هل وصلت الخلافات إلى مشارف أزمة جديدة؟

وجاء الحديث الذي حمل العديد من الرسائل المحملة بإيحاءات سلبية، ليثير تقديرات بأن هناك أزمة بين السعودية ومصر، قد يكون أحد أسبابها، حسب بعض الآراء، صمت مصر عن إدانة التقرير الاستخباراتي الأمريكي الذي يتهم الأمير محمد بن سلمان بالمسؤولية عن اغتيال خاشقجي، مقابل إدانة من قِبل دول عدة، في مقدمتها قطر والكويت واليمن والإمارات، إضافة إلى الجامعة العربية والبرلمان العربي.

المثير للانتباه أيضاً أن المذيع الذي حاور قطان في لقاء مطول بقناة روتانا الخليجية، ختم الحلقة بمخاطبة المشاهدين بلغة استعراضية، قائلاً: “انقلوا عن الوزير أحمد قطان، أن أحمد شفيق هو من فاز بالانتخابات، وسط ضحكات قطان”.

ويمكن أن يفهم من كلام قطان أن ما حدث في 30 يونيو/حزيران 2013 من حراك بالشارع لم يكن سوى جزء من مشهد انقلاب سبق أن دعمته بلاده، وأنها أوصلت السيسي إلى السلطة، وبالتالي فهي تتوقّع أن يكون هناك ردّ للجميل، حسب وصف صحيفة الأخبار اللبنانية.

الرياض قررت الرد على السيسي عبر تذكيره بأن المملكة دعمت وصوله إلى السلطة، بل تلمح إلى أن وصوله غير شرعي وتم عبر مؤامرة.

استمرار الخلافات بين البلدين بشأن اليمن

عندما بدأت السعودية حرب اليمن، وأعلنت تشكيل التحالف الإسلامي لدعم الشرعية في اليمن، وأعلنت انضمام مصر إليه، فإن القاهرة لم تستجب وردت بكلام حمّال أوجه. ورغم هذا الإعلان فإنه لم يعرف قيام البحرية المصرية بأي خطوات في حرب اليمن،إضافة إلى عدم وجود أي مشاركة عسكرية مصرية، بل إن دولاً كانت أبعد عن الرياض في العلاقات، مثل المغرب وقطر، شاركت في التحالف لفترة.

كما لم يتبنَّ خطاب القاهرة السياسي والإعلامي مواقف حادة ضد الحوثيين، باستثناء انتقاد هجماتهم على السعودية ودعوتهم إلى الاستجابة لعملية التسوية.

موقف غامض من السعودية والإمارات من أزمة سد النهضة


لا يمكن استبعاد أن هناك استياء مصرياً من عدم دعم السعودية، والإمارات على الأرجح، للقاهرة بملف سد النهضة، في ضوء النفوذ السعودي والإماراتي بإثيوبيا، واستثمارات البلدين الكبيرة بإثيوبيا.

وتحدث الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، باجتماع مجلس الجامعة العربية عن “اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق مصالح جميع الأطراف”.

هكذا تقف السعودية على قدم المساواة من أطراف النزاع حول النيل، بدلاً من دعم الموقف المصري السوداني.

وانعقدت قمة اليخت السرية لمواجهة مقاومة تركيا وإيران لمخططاتهم. لذلك ليس من قبيل المصادفة أيضاً أن دولتين من الدول التي حضرت تلك القمة تعملان على تخفيف العداء مع أنقرة.

تندفع تركيا والسعودية إلى أحضان بعضهما البعض بفضل رئيس أمريكي معادٍ لولي العهد السعودي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. 

وأخبر مستشاروا محمد بن سلمان، ولي العهد، أنه إذا فاز بايدن فسيتعين عليه مد جسور العلاقات مع تركيا.

بيد أن بن سلمان غير مقتنع، ولا يسعه التغلب على الشعور بأن أردوغان كان عازماً على الإيقاع به بسبب أمره بقتل خاشقجي. لكن العلاقة بين والده الملك سلمان وأردوغان لم تتصدع قط؛ لذا تجري محاولات من أجل الوصول لتهدئة،لكن هل هناك المزيد مما يدور خلف الكواليس؟ 

وفي العام الماضي، وقَّعت الحكومة السعودية صفقة مع شركة محلية لتوريد طائرات بدون طيار مسلحة بعد الحصول على حق نقل التكنولوجيا من شركة الدفاع التركية Vestel Karayel. وتسلمت المملكة بموجب الصفقة ست طائرات بدون طيار.

من جانبها، تنفي تركيا وجود أي شيء رسمي بشأن نقل هذه التكنولوجيا. وقال مصدر تركي مطلع على صناعة الدفاع إنَّ شركة Vestel Karayel لم تطلب إذناً حكومياً لإجراء مثل هذا النقل التكنولوجي إلى الرياض. ومع ذلك، أثارت هذه الواقعة الدهشة. وذكر موقع Janes لأخبار الدفاع أنَّ شركة Vestel Karayel لم يُعرَف من قبل أنها تقدم خدماتها للجيش السعودي.

ولا تزال مقاطعة السعودية للمنتجات التركية مستمرة.

أما بالنسبة للعلاقات السعودية – التركية، فهناك مسار آخر للخلافات التي سادت بين البلدين:

مساندة تركيا للحكومة المعترف بها أممياً في ليبيا، وكذلك مساندة السعودية لأعداء تركيا في سوريا، قوات حزب الاتحاد الديمقراطي PYD.. والوقوف مع اليونان ضد تركيا بمسألة الخلاف حول التنقيب في مياه المتوسط. هناك مناورات عسكرية بين اليونان والسعودية حدثت قبل أسابيع أثارت غضب أنقرة.

ربما ترى الرياض الآن أن الخطر الإيراني المحتمل يحتاج بالضرورة إلى قوة جديدة، تعدّل في ميزان القوى مع هذا الخطر، لا سيما مع تراجع الدور الأمريكي الحامي لهذه الدول.

وأخيرا ظلال تركيا على “تحالف اليخت” تعيد ترتيب المسافات بين الأصدقاء، والأولويات في حسابات الأمن والاقتصاد والتنافس الإقليمي.













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق