الأربعاء، 21 أبريل 2021

هل كان الوجود الفرنسي في تونس”احتلالاً” أم “حماية”؟ ذلة لسان لا تغتفر للرئيس قيس سعيد

هل كان الوجود الفرنسي في تونس”احتلالاً” أم “حماية”؟ ذلة لسان لا تغتفر للرئيس قيس سعيد

زلات قيس سعيد تؤكد انعدام الخبرة وضعف الإطلاع


 تقرير بقلم الخبير السياسى والإقتصادى

د.صلاح الدوبى

تأخذهم العزة بالإثم، ويكابرون على مصير شعوبهم، ويستمرون في كوارثهم، ولا يفكرون قيد أنملة في التكفير عن أخطائهم ولو باعتذار بسيط قد يحفظ ماء وجههم أمام التاريخ… لماذا لا يعتذر الحكام العرب عن أخطائهم؟

زيارة قيس سعيد إلى فرنسا.. استقبال سيئ جدا. أين السجاد الأحمر والمسؤولين الكبار؟ هل من المعقول أن يذهب سفير فرنسا في تونس إلى بلاده لاستقبال الرئيس التونسي في المطار؟

في شهر يونيو 2020 كانت أول زيارة رسمية له إلى فرنسا أثار الرئيس التونسي قيس سعيد الغضب لدى الشعب التونسى والشعوب العربية، عندما وصف الاحتلال الفرنسي لتونس بـ “الحماية”، وبأنه لم يكن احتلالاً مباشراً كما حصل في الجزائر ، وأغفل الرئيس الجامعى قيس سعيد عن “جرائم فرنسا فى تونس”ونهب ثرواتها ومن يسمع هذا الرئيس يعتقد انه من أصول فرنسية وليست تونسية ،خصوصاً أن ما قامت به فرنسا في تونس هو استعمار بغيض ومذابح وسرقة ثروات الشعب التونسى وليس حماية وبدلا الطلب من فرنسا تقديم الاعتذار لتونس عما حصل، تحدث عن مشاريع وتعاون اقتصادي لتعويض هذا الاعتذار وهو منطق غريب نوعا ما كما إن “سعيّد نسي هنا أنه رئيس دولة، فحتى التفكير في ذلك لا يمكن التصريح به علنيا، ما أثار غضبا واسعا فى الشارع التونسى ونرجو من الرئيس التونسى دراسة تاريخ الإستعمار الفرنسى لتونس الخضراء“”.

لا يزال الجدل يرافق زيارة الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إلى باريس ولقاءه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خصوصا ما تعلق بالملف الليبي ومسألة الاستعمار الفرنسي لتونس. ويبدو أن الرئيس التونسى، لم يتخلص بعد من سعيد المرشح للانتخابات، ويبحث باستمرار عن فرادة في الخطاب السياسي توقعه في مطبات متلاحقة، خصوصاً أنها تظهر في كثير من الأحيان مرتجلة وغير معدة بشكل صحيح.
وقد ظهر ذلك بوضوح خلال زيارته إلى باريس، برغم أن الملف الليبي ومسألة الاستعمار الفرنسي سبقاه إلى هناك، وكان يستوجب أن تكون المواقف معدة سلفاً وبدقة بالنظر إلى حساسية الملفين تونسياً ودولياً.

بدا الرئيس التونسى الزيارة فى وقت يجتاح غضب إسلامي العالم ضد الإساءات الفرنسية

وكأنه يبالغ في مجاملة الرئيس الفرنسي على حساب ملفات حساسة، وفي رد جميل المساعدات الفرنسية لتونس، في حين أنها أساسا قرض سيتم تسديده ووعود بالدعم، قدمت فرنسا الكثير منها في السابق ولم تلتزم به.

معاهدة باردو التي وضعت تونس في عهد الحماية

بدأ الاحتلال الفرنسي لتونس في العام 1881، بعد توقيع آخر حكّام الدولة الحسينية في تونس الباي محمد الصادق معاهدة باردو، أو معاهدة قصر السعيد مع الحكومة الفرنسية، والتي كانت بداية تشكّل الاستعمار الفرنسي لتونس، والذي إستمر 75 عاماً.
ورغم أهمية الأعمال الدرامية الإذاعية والتلفزية ومثلها من الإنتاجات ألسينمائية، المتناولة لحقبة الاحتلال الفرنسي للبلاد التونسية، من ذلك المسلسل التلفزيوني “قمره سيدي محروس” وأفلام “سجنان” و”الرديف 54″ و”الفلاقة” وأخرها وثائقي “معركة جبل اقري 1956”، فإن الدراسات الأكاديمية ذات الصلة بالفترة الاستعمارية ظلت شحيحة، ولم ترتق إلى مستوى وحدات بحث جامعية متخصصة أو مراكز دراسات مرموقة، تكون سندا معرفيا لمسار العدالة الانتقاليّة المتعثر، وتسهم في كتابة موضوعيّة لحقبة كأداء، رزحت تحتها تونس طوال 75 سنة من “الحماية” المزعومة.
التاريخ الدموي لفرنسا الاستعماريّة
لم تنحصر جرائم الاحتلال الفرنسي 
في تونس على مدى سنوات الاحتلال المباشر من 1881 إلى 1956 فقط، بل تمتد إلى سنوات ما بعد الاستقلال ومنها بالخصوص قصف قرية سيدي يوسف سنة 1958 على الحدود التونسية الجزائرية، ومعركة بنزرت سنة 1961 عدا عن ارتكابها جرائم ضد المقاومين المسلحين في جبال تونس وأريافها ممّن عارضوا مسار الاستقلال الداخلي منذ سنة 1955.

وأفادت هيئة الحقيقة والكرامة أنها تلقت بخصوص جملة الانتهاكات التي رافقت خروج الاحتلال الفرنسي من التراب التونسي، 1782 ملفًا من المقاومين من بينهم 367 امرأة، مضيفة أن عددًا من الملفات أشارت إلى وجود رفات مقاومين متناثرة في مناطق جبلية من الجنوب التونسي.

وارتكب جيش الاحتلال، سنوات ما قبل الاستقلال، جرائم حرب ومجازر في مناطق مختلفة من التراب التونسي حيث قام بإعدامات عشوائية، واغتصاب النساء وقتلهم، والاعتداء على الممتلكات ومصادرتها، والاعتداء على المساجد إضافة لهدم المنازل بالجرافات.

كما قام المحتل، قبيل الدخول في مفاوضات الاستقلال، بالتصفية الجسدية لعدد من القيادات الدستورية والزعماء الوطنيين في مقدمتهم مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل فرحات حشاد، والزعيم الوطني الهادي شاكر، والطبيب المناضل عبد الرحمان مامي، وذلك على يد منظمة “اليد الحمراء” الفرنسية.

وانتهج سياسة الاغتيالات والتصفيات لبث الرعب في صفوف القيادات الوطنية، ولكن الملفت للانتباه هو بقاء هذه الاغتيالات دون محاسبة رغم بيان فاعليها والمتورطين فيها. بل والأغرب من ذلك هو ما ذكره المقاوم حمادي غرس بأنه تم إطلاق سراح أعضاء عصابة اليد الحمراء من طرف السلطة التونسية بعد الاستقلال، وفق ما طالعناه في تقريرهيئة الحقيقة والكرامة.

وفيما يلي عرض لأهم جرائم المحتل الفرنسي في تونس بعد الاستقلال:

معركة جبل أقري سنة 1956.. قصف فرنسي بعد شهرين من الاستقلال

شهدت جبال الجنوب الشرقي سنة 1956 سلسلة من المعارك عبر مطاردات من المستعمر الفرنسي من جهة والمقاومين الذين لم يسلموا أسلحتهم من جهة أخرى، وقد تزايدت أعداد المقاومين الرافضين لاتفاقية الاستقلال الداخلي، خاصة بعد دعوة بن يوسف لمواصلة الكفاح، وتركز هؤلاء المقاومون على الجبال الواقعة على تخوم ذهيبة ورمادة وتطاوين وغمراسن وبني خداش فيما يُعرف بسلسلة جبل الظاهر التونسي

وفيما يلي الانتهاكات الحاصلة أو المرتبطة بمعركتي جبل أقري بعد الاستقلال:

  • إعدام المقاومين: أكدت شهادات شفوية أنه تم إعدام مقاومين رميًا بالرصاص وأيضًا ضربًا بالحجارة حتى الموت. وأشارت شهادة إلى أن فرقة من “الجيش الصحراوي” من المرتزقة المغاربة قام بإعدام الجرحى.
  • عدم دفن الجثث: لم تستطع عدة عائلات الصعود للجبل لدفن جثث المقاومين خوفًا من بطش السلطة الجديدة وبقيت العظام متناثرة ولم يتم دفنها إلا بعد ثورة 2011. وتفيد أحد الشهادات أن مواطنًا صعد للجبل بحثًا عن جثمان عمه بعد أشهر فلم يجد منه غير أكوام من العظام وملابس ممزقة بعد نهش السباع للجثة.
  • عدم التنصيص على وفيات الشهداء بالبلديات.
  • السجن التعسفي والتعذيبإلقاء القبض على كل مشتبه بتعاطفه أو تعاونه مع المقاومين في جبل أقري وزج الكثير منهم في معتقل بثكنة تطاوين في ظروف قاسية ومن ذلك رش مسحوق الحشرات على أجساد المساجين والتحقيق معهم تحت التعذيب. وقد أفرج الحبيب بورقيبة عن عدد منهم في زيارته لتطاوين في جوان/يونيو 1956.
  • حرمان أسر الشهداء من المساعدات الاجتماعية واستثناؤهم من الرعاية الاجتماعية بمختلف أشكالها.

أحداث سيدي يوسف سنة 1958

تعد أحداث سيدي يوسف، التي جدت يوم 8 / شباط 1958، والتي ذهب ضحيتها 68 مدنيًا من تونس والجزائر لتختلط دماء الشعبين إثر قصف قوات المستعمر الفرنسي للسوق الأسبوعية في القرية، واحدة من أبرز جرائم فرنسا على التراب التونسي بعد الاستقلال.

وتقع ساقية سيدي يوسف على الحدود التونسية الجزائرية وتتبع ولاية الكاف، وهي قريبة جدًا من مدينة لحدادة الجزائرية التابعة إداريًا لولاية سوق أهراس. وشكّلت القرية التونسية آنذاك منطقة استراتيجية لوحدات جيش التحرير الوطني المتواجد على الحدود الشرقية وتمّ استخدامها كقاعدة خلفية للعلاج واستقبال الجرحى، الأمر الذي دفع فرنسا إلى اعتماد “أسلوب العقاب الجماعي” وذلك بضرب القرية الحدودية الصغيرة.

وقد اختار المستعمر الفرنسي يوم 8 فيفري/ شباط لتنفيذ الغارة الجوية رغم معرفته أن هذا اليوم هو يوم سوق أسبوعية بساقية سيدي يوسف. إذ داهمت عشرة أسراب من الطائرات القاذفة والمطاردة الفرنسية القرية واستهدف القصف دار المندوبية آنذاك (مقرّ المعتمدية حاليًا) والمدرسة الابتدائية وغيرها من المباني الحكومية ومئات المنازل فيما كانت المطاردات تلاحق المدنيين.

وتواصل القصف الفرنسي حوالي ساعة من الزمن لتتحول إثر ذلك القرية إلى خراب ويسقط 68 قتيلًا من بينهم 12 طفلًا أغلبهم من تلاميذ المدرسة الابتدائية، و9 نساء في حين بلغ عدد الجرحى 87 جريحًا.كما تمّ تسجيل عديد الخسائر المادية.

وتزامن القصف الفرنسي على ساقية سيدي يوسف مع وجود مندوب الصليب الأحمر الدولي آنذاك الذي صرح أن القاذفات الفرنسية دمرت ساقية سيدي يوسف وحطمت ثلاث عربات تابعة للصليب الأحمر السويسري وشاحنة تابعة للهلال الأحمر التونسي، والتي كانت مشحونة بالملابس المعدّة لتوزيعها.

معركة بنزرت سنة 1961

قامت الدولة الفرنسية بأمر من رئيسها شارل ديغول، الذي قرر أن يعطي “درسا” إلى تونس، بجريمة حرب في بنزرت صيف 1961 حينما خاضت بلاده، وهي ثالث أقوى دولة في العالم وقتها، بشن حرب غير متكافئة قتل فيها آلاف التونسيين الأبرياء وذلك من أجل إبقاء سيطرته على أرض خارجة عن سيادتها. وأعلنت هيئة الحقيقة والكرامة أنها تلقت 41 ملفًا يتعلق بالانتهاكات المرتبطة بهذه المعركة التي خلفت 5 آلاف شهيد.

وتعمدت القوات الفرنسية خلال المعركة قتل المدنيين العزل من نساء وأطفال، وربط أيدي الأسرى برباط من المعدن وقتلهم من مسافة قريبة، والتمثيل بجثث القتلى من قطع للأعضاء التناسلية وقطع الأيدي والأرجل، ودفن الجرحى أحياء وحرق جثث القتلى وحرق الفارين من القتال بالصواريخ في سياراتهم، وذلك وفق التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة.

وطالت انتهاكات المحتل الفرنسي الأملاك العامة والخاصة حيث تركز القصف الجوي على البنية التحتية الصناعية بتدمير مصنع الإسمنت ببنزرت، وتدمير مصحة متعددة الاختصاصات، وتدمير معدات مدرسية ومقر الكشافة في “الرمال”، وتدمير مركزي الأمن والحرس في بنزرت المدينة، وتدمير 60 عربة قطار منها التي تحمل مؤونة من القمح والسكر عدا عن إتلاف المحاصيل الزراعية في المنطقة وغيرها من الانتهاكات.

انتظرونا فى الحلقة القادمة “ما وراء زيارة “قيس سعيد للسيسى” فى مصر هل هو طلب مساعدة السيسى فى التخلص من الإسلاميين فى تونس؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق