برنامج: تحقيق خاص
"شركاء جرائم الحرب".. عندما تتورط شركة فرنسية في جريمة اغتيال أطفال غزة
ففي 17 يوليو/تموز 2014 دخلت القوات الإسرائيلية قطاع غزة، وأطلقت صاروخا لم يمهل الأسرة المكونة من 23 فردا من تناول طعام إفطارهم الرمضاني، رغم أنهم لم يكونوا لا مسلحين ولا مقاتلين.
وسلطت حلقة (29/8/2021 ) من البرنامج الاستقصائي "شركاء جرائم الحرب" على الجريمة الإسرائيلية التي أسفرت عن استشهاد الأطفال الثلاثة الذين كانون ينتمون لنفس عائلة شحيبر، وعلى دور شركة فرنسية تصنع الأسلحة في هذه الجريمة.
يتذكر والد أفنان ذلك اليوم ويقول إن الحي الذي يقطنون كان هادئا ذلك اليوم الذي كانت غزة تتعرض فيه منذ أيام لقصف إسرائيلي،، رغم القصف الذي كان يحدث بالجوار، ويقول إنه كان يجلس في إحدى غرف المنزل عندم سمع نجلي شقيقه وطفلته يتحدثون عن عزمهم الصعود لسطح المنزل لإطعام الحمام هناك، وبعد لحظات سمع صوت انفجار، ثم جاءت زوجته تصرخ وتخبره أن الانفجار استهدف منزلهم.
فما كان منه إلا أن هرع للأعلى ليجد الطفلين قد فارقا الحياة، بينما لا زالت أفنان تتنفس وتحدثه عن ألم في يدها بينما الدماء تنزف من أنحاء متفرقة من جسدها.
ورغم مرور السنين، ما تزال أم أفنان غير مصدقة أن ابنتها فارقتها، وتصف ما حدث بالكابوس، وبأنها تتخيل ابنتها وهي عائدة من المدرسة، وتقول إنها عندما ذهبت لتوديعها وهي في الكفن كانت في صورة جميلة حتى أنها لم تصدق أنها ميتة.
وبنظر العائلة الفلسطينية فإن الهجوم الذي استهدف منزلها خلال عملية "السور الواقي" للجيش الإسرائيلي يعد "جريمة حرب" لأنه "لم يصوب على أي هدف عسكري".
بصمة فرنسية في الجريمة
وفي سياق البحث والتحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة، عثر يامن المدهون مسؤول وحدة البحث الميداني بمركز الميزان لحقوق الإنسان، الذي كان شاهدا على الجريمة الإسرائيلية، على قطعة معدنية فوق سطح منزل أسرة شحيبر صنعت في فرنسا، وبناء على هذا الاكتشاف قام المركز بإرسال كل تفاصيل التحقيق إلى مكتب محاماة في العاصمة الفرنسية باريس.
وبدوره قام جوزيف بريهام، وهو عضو هيئة المحامين في باريس، بتقديم شكوى بالنيابة عن عائلة شحيبر. وفي فبرير/شباط 2018، تولى القضاء الفرنسي النظر في الشكوى، وخصص قاضي تحقيق لمتابعة القضية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 قام قاضي التحقيق باستدعاء المدهون للاستماع إلى شهادته. وبدأت محكمة الجرائم الإنسانية ووحدة جرائم الحرب في محكمة باريس العليا النظر في الشكوى، وهي وحدة جديدة متخصصة في أخطر الجرائم، وكانت أول مرة تحقق في دعوى ضد شركة أسلحة فرنسية.
وحسب المحامي الجنائي فإن العثور على القطعة المعدنية فوق سطح عائلة شحيبر يعد دليلا حاسما يحدد دور الشركة الفرنسية في الجريمة.
ويؤكد المحامي أن الخبراء توصلوا إلى أن القطعة المعدنية التي عثر عليها فوق سطح منزل أسرة شحيبر هي عبارة عن مجس تصنعه شركة "أوروفاراد " الفرنسية والتي اشترتها شركة "إكسيليا".
وعندما عرضت "إكسيليا" في يونيو/حزيران 2018 أفضل منتجاتها بمعرض أقيم في باريس، كان من بين أفضل منتجاتها مجسات تحديد الموقع ذات الدقة المتناهية، ويعتقد أن القطعة التي عثر عليها فوق سطح العائلة الفلسطينية هي واحدة من هذا المكون الإلكتروني كثير الدقة والذي يستطيع توجيه صاروخ إسرائيلي مثل الذي قتل به أطفال غزة.
كما عثر المدهون بقطاع غزة على مجسات في صواريخ غير منفجرة أطلقت خلال حرب 2014، تماثل تلك التي عثر عليها فوق منزل شحيبر، وجميعها تتطابق مع الطراز الذي مازالت الشركة الفرنسية تبيعه منذ عام 2012 إلى قطاع الطيران الإسرائيلي، وهو أحد موردي الصواريخ للجيش الإسرائيلي.
وتعد هذه المجسات عتادا حربيا، ويعتقد محامي عائلة شحيبر أن الشركة الفرنسية كانت تعلم أنها ستستخدم في صنع صواريخ قادرة على القتل وارتكاب جرائم.
ويقول المحامي إنهم اتهموا شركة "إكسيليا" بالاشتراك في ارتكاب جرائم حرب والقتل غير العمد. وإذا نجحت شكوى قضية شحيبر فسيقوض ذلك الإفلات من العقاب الذي تعتمد عليه شركات الأسلحة.
ويذكر أن بيع الأسلحة الفرنسية بالخارج يستوجب موافقة الحكومة. ورغم أن فرنسا بلد حقوق الإنسان، فإنها تعد ثالث مصدر للأسلحة في العالم، وتقول وزارة دفاعها إنها لا تبيع السلاح كما يباع الخبز، وإنه يمنع عليهم بيع الأسلحة بدون ترخيص.
إسرائيل ومعاهدات جنيف
وينص المبدأ الأساسي لمعاهدات جنيف عام 1949 على أن على طرفي أي نزاع أن يفرقا في كل الأوقات بين السكان المدنيين وبين المقاتلين، وبين الأهداف المدنية وبين الأهداف العسكرية، وبالتالي لا ينبغي لهما أن يوجها عملياتهما إلا إلى أهداف عسكرية.
ولم توقع إسرائيل على كل بروتوكولا ت اتفاقية جنيف التي حددت قانون الحرب، ولا تعترف بوضع الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورفعت عائلة شحيبر منذ يوليو/تموز 2014 شكوى لدى إسرائيل بشأن الجريمة التي ارتكبتها قواتها، لكنها لم تتلق أي رد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق