الخميس، 12 أغسطس 2021

المطالبة بتخريب نص القرآن !

المطالبة بتخريب نص القرآن !


أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية



يقول النص المكتوب: توران في السعودية لمدة أسبوع، وتقول الصورة: نجحنا وعملناها !

نشرت جريدة "لا كروا" الفاتيكانية يوم 17 ابريل 2018 خطاب الكاردينال جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوا بين الأديان، تحت عنوان فرعي جاء فيه: "في زيارة للسعودية، القى الكاردينال خطابا هاما غير مسبوق في ذلك البلد الذي يتصدره أكثر الإسلامات شدة" ـ فالإسلام في نظرهم متعدد المشارب والاتجاهات وفقا لما خططوه سياسيا منذ عدة عقود وينفذون ما يشاؤون، ونحن نتفرج ونتبسّم ..
وقد توجه الكاردينال والوفد المرافق له الى السعودية لمدة 

أسبوع من 13 الي 20 ابريل 2018، بدعوة من "المرك
الدولي للصراع ضد أيديولوجيات التطرف". وبخلاف
الكاردينال فإن الوفد يضم من كبار المسئولين كلا من
مونسنيور ميجيل أيوزو، وخاصة المونسنيور خالد عكاشة
"رئيس إدارة الإسلام" في الفاتيكان، وهو مسلم سابق يصطحبونه، دون تغيير اسمه، في كافة اللقاءات المتعلقة بالإسلام.. وقد استقبلهم عند وصولهم نائب حاكم العاصمة الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز. والكاردينال توران، ذلك الثعلب العجوز كما يطلقون عليه، هو القائل في يناير 2015 فيما يتعلق بالحوار مع الإسلام:
"إما ان نختار الحوار، وإما فهي الحرب".. وقد استقبله الملك سلمان يوم 18 ابريل وطالبا معا جميع الأديان بالاعتراض على التطرف والإرهاب، متناسين ان الذي ابتدعه ويغذيه هو نفس ذلك الغرب الذي يزعم محاربته ويطالبنا باقتلاعه من الإسلام..
وكان قد التقي يوم 14 ابريل بالشيخ محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الذي زار الفاتيكان العام الماضي 2017 للتمهيد والترتيب لهذه الزيارة من ضمن ما رتب له. ومما أعلنه الكاردينال توران:
* "يجب معاملة كل الأديان على قدم المساواة بلا تفرقة لأن أتباعها، مثلهم مثل باقي المواطنين الذين لا ينتمون لأى ديانة، يجب معاملتهم بنفس الطريقة، وأن المواطنة حق للجميع"؛ وتساوت المسيحية بالإسلام، اللهم استغفرك يا رب !!
* المطالبة بقوانين عامة واحدة من أجل بناء كنائس في كل السعودية، مؤكدا: إذا لم نعمل على استبعاد قانون الكيل بمكيالين من تصرفاتنا كمؤمنين وكمؤسسات ومنظمات دينية فإننا نغذي تيارات الخوف من الإسلام ومن المسيحية" ؛ ورحم الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي قال وحدد ألا يجتمع في السعودية دينان !!
وإن كانت هذه المطالب عادية في رأى الجريدة، الا انها تقال لأول مرة بصوت عالي في موطن الوهابية، أحد أكثر التيارات المتشددة في الإسلام، حيث بناء كنيسة هناك لا يزال ممنوعا بشدة. وواصل الكاردينال:
* "ان ما يتهددنا جميعا ليس صراع الحضارات وإنما صدام الجهل والأصوليات. ان ما يتهدد الحياة المشتركة هو أولا الجهل. إذن اللقاء والحوار وبناء شيء معا هي دعوات للقاء الآخر وذلك يعنى ان نلتقي بأنفسنا أيضا"؛ والمعلن في وثائق مؤتمر الفاتيكان الثاني "ان الحوار يعني كسب الوقت الي ان تتم عملية التنصير" !!
* "ان القادة الدينيين لديهم واجب هو: تفادي ان تكون الأديان في خدمة أيديولوجية معينة وأن تكون على مقدرة بالاعتراف بأن بعض رفاقنا في الدين إرهابيون ولا يتصرفون كما يجب. فالإرهاب يمثل تهديدا دائما، لذلك يجب علينا ان نكون واضحين وألا نبرره ابدا. إن الإرهابيين مصرون على إثبات استحالة التعايش المشترك. ونحن نؤمن بعكس ذلك تماما. فيجب علينا تفادى العدوان وعملية الاستبعاد"؛ أي انه يتعين علي المسلمين ادانة الإرهاب الذي اختلقه الغرب السياسي والكنسي وألصقوه بالإسلام والمسلمين !!
* " نحن لا نقول أن كل الأديان تتساوى، لكن كل المؤمنين متساوون في الكرامة، ويجب ترك كل انسان يختار الديانة التي تروق له"؛ وبكل قحة يحدد دون ان ينطقها ان الإسلام لا يتساوى مع المسيحية ويجب علينا قبول تحول المسلمين الى المسيحية !!
* "إن الدين يمكن اقتراحه لكن لا يمكن فرضه أبدا، وهناك أصوليات في جميع الأديان.. الأصوليون والمتطرفون هم بلا شك أشخاص متحمسون لكنهم انحرفوا عن مفهوم متين وعاقل للدين. بل ويعتقدون ان كل الذين لا يقاسمونهم وجهة نظرهم كفرة ويجب تغيير انتمائهم الديني أو استبعادهم حفاظا على النقاء.. أنهم أناس منفلتين يمكنهم أن يقعوا بسهولة في العنف باسم الدين وكذلك يقعون في الإرهاب. أنهم مقتنعون، وقد خضعوا لعملية غسيل مخ، أنهم يخدمون الله. والحقيقة أنهم يؤذون أنفسهم فحسب بهدمهم للآخرين أو بهدم صورة دينهم وأتباعهم. لذلك هم بحاجة الي صلواتنا والي مساعدتنا".. اي ان يقوم المسلمون باقتلاع آيات الجهاد والآيات التي تثبت ان المسيحية محرفة، وذلك بدلا من ان يشرحوا لأولئك المغالطون أسباب النزول!!
واقتلاع الآيات هو ما طالب به رسميا المدعو كريستيان لوشان في جامعة "باريس 2" قائلا: "ان الوضع لم يحدث أبدا ان كان قد نضج تماما مثل ما هو عليه الآن، لإجراء تعديلات جذرية (دون ان ينطق كلمة قرآن تحديدا) مضيفا: فبعد الأهوال التي قامت بها فرق داعش في المنطقة فإن السعوديين يرغبون في ان يعطوا عن أنفسهم انطباعا أكثر إنسانية، ثم، أنه لا يتم إرسال شخصا على مستوى الكاردينال لوى توران إلا ان كان معه مفتاح أمرا واقعيا يقوم به".. أي انه واثق من تنفيذ كافة مطالبه بدأً من تخريب نص القرآن!!
وفي نهاية الخطاب طالب الكاردينال بفتح أماكن العبادة بالتبادل، موضحا ان الكنائس كانت دوما في الأراضي المقدسة وفي روما أو غيرها في اركان الدنيا الأربعة مفتوحة لكم، لإخوانكم وأخواتنا المسلمون، ولمؤمني الديانات الأخرى ولكل الذين لا دين لهم. وفي كثير من البلدان حتى المساجد مفتوحة للزائرين، وهذا نوع من الضيافة الروحية التي تعاون على التعارف وعلى الصداقة المشتركة ومحاربة الأفكار المسبقة".. والمطلب صريح الوضوح بالتأكيد على بناء كنائس سواء أكانت من باب "ضيافة" المسيحيين أو ما طالب به رسميا في جزئية أخرى من المطالب التخريبية، لأنها ضرورة حتمية من اجل العمالة المسيحية في السعودية، متناسيا نيافته ان العمالة السيارة لا حق لها إلا عقد العمل المؤقت الذي وقعت عليه، وأنه لا حق لها على الإطلاق في التدخل لتغيير شؤون وقوانين الدولة التي هم فيها مجرد عابري سبيل!! خاصة وان السيد المسيح قد قال لأتباعه: "وأما انت فمتى صليت فادخل مخدعك واغلق بابك وصل الى أبيك الذي في الخفاء" (متّى 6: 6). فالكنائس بدعة مستحدثة في المسيحية بدليل انه لا وجود لها في نصوص الأناجيل الا ان كانوا حشروها بعد 1965..
أما منظمة "عمل الشرق"، التي تم إنشاؤها على غرار منظمة "مسألة الشرق" التي تم إنشاؤها للقضاء على الخلافة في تركيا حتى اتوا عليها، فإن رئيسها المونسنيور بسكال جولنيش قد طالب ولى العهد، محمد بن سلمان، بمناسبة زيارته لفرنسا من 8 الى 10 ابريا 2018، وطالبه بالسماح ببناء العديد من الكنائس في المملكة. كما أن لجنة الأمم المتحدة حول حرية الأديان في العالم فقد أشارت يوم 24 مارس 2018 بالنسبة للكتب المدرسية المستخدمة حاليا في السعودية أنها تتضمن فقرات تشجع على العنف والكراهية حيال الأقليات المسيحية وغيرها. بينما المملكة السعودية قد التزمت منذ خمسة عشر عاما بتنقية الكتب المدرسية لكنها لم تفعل شيئا (...). وان وجود مثل هذا المضمون المشعل للحرائق الذي كنا نتخيل أنهم قد ألغوه فعلا، يكشف أن التقدم بطيء". لذلك تؤكد تلك المنظمة على ضرورة قيام السعودية بتناول هذا الموضوع جديا وبلا أدنى تأخير لتلك المسألة الحيوية، "لأن السعودية تقوم بتصدير هذا النوع من الكتب الى جميع أنحاء العالم"! ومعروف أن ما تقدمه السعودية لجميع أنحاء العالم هو: القرآن الكريم.
وكانت هذه اللجنة قد تحمست للجهود التي يقوم بها ولي 

العهد وخاصة تفعيله مشروع "مدينة نيوم" وتصريحه بأن 

السعودية "مفتوحة لكافة الأديان وللعالم"!!
أما السيد إيريك شومون، عضو المركز القومي الفرنسي للبحوث العلمية، فيقول في خضم هذه الأحداث: "القرآن، مثله مثل الإنجيل، بحاجة الى تقليم أظافره الشديدة الحدة أحيانا".
وبمناسبة ظهور كتاب "معاداة السامية الجديدة في فرنسا" قام يوم 20 ابريل 2018 مئات الفرنسيين بمظاهرة من بينهم شخصيات عامة وقساوسة وحاخامات وأئمة مساجد في فرنسا من قبيل حسن شلجومي وعلي حسامة والمفتي محمد على قاسم ووقعوا على عريضة يطالبون فيها بوضوح: "نطالب بأن الآيات التي تحرض على القتل ومعاقبة اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين بأن تعلن السلطات الدينية عن إلغائها مثلما حدث ذلك مع الكتاب المقدس ومعاداة السامية من قِبَل الكاثوليك وألغاها مجمع الفاتيكان الثاني حتى لا يمكن لأي مؤمن أن يعتمد على نص  مقدس ليرتكب جريمة. وننتظر من إسلام فرنسا ان يفتح الطريق"...
وللعلم مجمع الفاتيكان الثاني لم يمس او يحذف أي نص من نصوصه بل ولا كلمة، لكنه أعلن تبرئة اليهود من دم المسيح، والفرق شاسع بين المعنيين. والكتاب المقدس بعهديه يضم ما لا يمكن تصوره من الوحشية والقسوة والإجرام. بل حتى الجملة التي تمس السيد المسيح شخصيا لا زالت موجودة: "أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا ان أملك عليهم فأتوا بهم الى هنا واذبحوهم قدامي" (لوقا 19: 27). والتضافر بين الأحداث شديد الوضوح، والسؤال المطروح بكل مرارة وأسف:
هل ستقبل قيادات المسلمين بمختلف تخصصاتها أن تقوم بتحريف نص القرآن؟ هل ستقبل بمخالفة اقوال الرسول عليه الصلاة والسلام بأن أرض السعودية حرم ولا يجتمع فيها دينان، أي لا تشيّد بها كنائس على الإطلاق؟ إن المسيحيين الموجودون بالسعودية عبارة عن عمالة سيارة موقوتة فترة الإقامة، ودينها يحتم عليها ان تصلي في منازلها وليس في كنائس لا يعرف السيد المسيح عنها أي شيء. فما معني ذلك الهوس الذي هم فيه إن لم يكن تنفيذا لقرار تنصير العالم واقتلاع الإسلام تنفيذا لقرار مجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق