مشكلة حالية: الإسلام في مواجهة الصليب
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
يقول العنوان الأول علي الخلفية الداكنة:
"مشكلة حالية: الإسلام في مواجهة الصليب"..
أما الكلام الذي تحته، على الخلفية البيضاء، فيقول: "الغزوات الإسلامية تتقدم بسرعة في العالم بالسلاح سواء أكان في أفغانستان وفي غيرها، أو في أوروبا عن طريق الهجرة. ومن المهم أكثر من أي وقت مضي أن نعرف تماما ذلك الدين المعادي جذريا للمسيحية حتى نضع حدا لانتشاره".
وحينما تصل العناوين إلى هذا التدني الاستفزازي، أقول العناوين، ولم أشر بعد إلى المحتوي، خاصة في المواقع المسيحية الرسمية في فرنسا، فالوضع أصبح في حاجة ماسة بل إجبارية على كل من يمكنهم البت في الموضع ووضع المسؤولين عن هذه الإهانات وخاصة القيادات المعنية بها وعلى رأسها الفاتيكان وكل مؤسساته، عند حدودها الأخلاقية. ولا أقول حدودها الدينية، فخلفيات تكوين تلك المسيحية التي يفرضونها على العالم بكل استهتار، بات معروفا بأدق التفاصيل المخجلة، وكيف تم تكوينها حتى باتت نصوصها توصف بأنها "نسيج من الرقع والمعارك الدامية". فآخر العلماء الذين تم حرقهم أحياء على راكية نار غير حامية لتزداد آلامه ومعاناته، هو العالم اللاهوتي ميشيل سرڤيه، في القرن السادس عشر، لأنه انتقد الثالوث علميا ودينيا.
والمقال بعاليه منشور في موقع "La Porte Latine"، أي البوابة اللاتينية، التابع لأخوية كونها الأسقف لوفڤر، الذي استقال من الفاتيكان اثناء انعقاد المجمع الفاتيكان الثاني سنة 1965، عندما قام المجمع بتبرئة اليهود من دم المسيح. أي أن المجمع قد تخطي أو ألغي بجرة قلم الأساس القائم عليه العقيدة المسيحية، من أن اليهود حاكموا وأدانوا وصلبوا السيد المسيح، وكيف ظل الفاتيكان يلعن اليهود في قداس كل أحد، منذ ذلك الوقت، ويطلب من الرب أن يزيح العماء الذي على عيونهم لكي يعترفوا بالمسيح والمسيحية.
وهي المعركة الدائرة حاليا منذ أن أصدر البابا فرنسيس خطابه الرسولي الشهر الماضي، بلا مناسبة معلنة، المعنون "حراس العقيدة" والذي يطالب فيه بإلغاء تلك النصوص الكنسية التي تَدْعي على اليهود وتسبهم.
ومن مجرد هذه الجزئية التي توضح كيف قامت المسيحية على المعارك والقتال والقتل والفشخ بأربعة أحصنة، وذلك بربط كل ذراع وساق للمجني عليه، في فرس ويضربوها بالسوط لتجري في الاتجاهات الأربعة ويتفشّخ جسم المجني عليه وهو حيّ.. وغيرها كثير من الوسائل، حتى أقاموا لمختلف آلات التعذيب متحفا في مدينة كاركاسون بجنوب فرنسا!
فعندما تكون أصول ديانة ما بهذا العنف والمتناقدات في تكوينها، من السخرية، ولا أقول من العيب أو من العار، وإنما من السخرية أن تحاول تجريح الديانة الوحيدة المنزلة من عند الله، والتي يحتوي ثلث كتابها، القرآن الكريم، كشفا وانتقادات لمختلف عمليات التغيير والتبديل والتحريف بل والترقيع، خاصة تلك التي قام بها القديس چيروم في القرن الرابع بأمر من البابا داماز، ليدمج نصوص خمسين إنجيلا مختلفا ويصنع منها إنجيلا واحدا..
وكل ما هو وارد بالمقال المنشور هو جزء من كتاب للقس الفرنسي جارّيجوـ لاجرانچ (1871ـ1964) الدومنيكاني. ويتكون تلخيص الفصل المنشور من ثلاثة أجزاء: تناول فيها الأصول والعقيدة، ثم النقد الذي كاله بكل تدني. فالعبارات المستخدمة جد مهينة في حقه كلاهوتي.
ولن أتوقف عند استخدامه صيغة سب قديمة، وهو ابن القرن التاسع عشر والعشرين، ويعلم أنه لا يجوز هذا التجريح الرخيص من قبيل كتابة اسم رسولنا الكريم "ماأوميه"، وهو اسم منقول من أحد أسماء الشيطان "بافوميه"، وعندما زاد انتقاده بدلوه إلى "ماأوميه" الذي لا يزال العديد منهم يستخدمونه طالما المسلمين في ثبات عميق، هم والمسؤولين عن ذلك الدين. وكان الأكرم بالأزهر أن يعود إلى مقاطعة ذلك الكيان الفاتيكاني، الأزهر وكل من يمكنه الكتابة من أساتذة الجامعات وخاصة أقسام اللغة العربية والتاريخ والحضارة بل والسياسة. مقاطعة تامة إلى أن يستقيم الكنسيين ويعرفوا أن الله حق، وأن القرآن الكريم منزّل من عند الله، أنزله المولي سبحانه وتعالي تصويبا وفضحا لما تم من تحريف في الرسالتين السابقتين، وكل ذلك حقائق باتت ثابتة ومعروفة.
وشذرات من ذلك التدني: ترجم معني الإسلام بمعني "الخضوع"؛ و"يقولون إنه كلام الله، في حين أنه في الواقع الأمر العمل الشخصي والأصلي ل "ماأوميه"؛ و"السنة يمكنها أن تستغني عن القرآن أما القرآن فلا يمكنه أن يستغني عنها لأنها تكمله وتفسره"؛ و"العقيدة قائمة علي خالق واحد وتستبعد الثالوث"؛ الجنة التي وعدهم بها "ماأوميه" سيتفرغ الأتباع فيها للملذات الجنسية بدلا من عبادة الله". كما أن "تعدد الزوجات والطلاق مباحان وفقا لأهواء الزوج".
وينتقد ذلك الباحث الدقيق "أن هناك بعض الحقائق التي يمكن شرحها لكنها مستعارة من اليهودية والمسيحية"! وأن "ماأوميه" ابتعد عن المسيحية "بإنكاره سر الثالوث وتجسد الرب والثالوث، ولا يوجد ما يثبت أنه مرسل من عند الله".
و"هناك علامات عكس المسيحية، منها العنف والشهوة المفرطة، وإن "ما أوميه" قد اكتسب الشعوب بالملذات الجنسية وترك العنان لشهوات الجسد ولم يأت بأية تعاليم جديدة بل حرّف كل تعاليم العهد القديم والجديد بقصص خيالية".
ويختتم القس "الفاضل" مقاله بسفه واضح: "لقد أوضح الإسلام علي مر القرون علامات تزداد وضوحا للفساد والضعف الثقافي والمعنوي، أنه اقل بكثير من المسيحية".
واللهم لا تعليق، لا على المقال وكل ما يحدث لاقتلاع الإسلام،
ولا على صمتٌ يزداد صمتاً..
20 أغسطس 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق