الأحد، 22 أغسطس 2021

لبيك لبيك يا أفغانستان إرفعوا أيديكم عن أفغانستان

لبيك لبيك يا أفغانستان
إرفعوا أيديكم عن أفغانستان



 أحمد شكرى

 أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات (كما يقال عنها) ، وبلد ترعرع فيه علماء (كچمال الدين الأفغاني) ، ويعتبر ممر تچاري حيوي من الشرق إلى الغرب ؛ ويقع بين تكتلات وأيدلوچيات وأنظمة مختلفة ؛ مما چعلها دائما هدفا لقوى عسكرية كأميريكا وروسيا ومن قبلهم بريطانيا العظمى وغيرها …

فأخيرا بعد انكسار الإتحاد السوڤييتي وخروچه (في التسعينات من القرن الماضي) من أرض أفغانستان ، هاهي امبراطورية العصر الحديث ؛ هاهي الولايات المتحدة الأمريكية تعلن على الملأ انهزامها بل وانسحابها منه ( كما فعلت مع ڤييتنام ) ؛ بعد أن كلفها ذلك من المال والعتاد (تقريبا) ماكلفها في حربها في ستينات القرن التاسع عشر ضد الأخيرة (ڤييتنام) ؛ والتي انتهت كما انتهت مع أفغانستان بهزيمة مخزية وتخلي عن الحلفاء والعملاء …
 ترى !؟ ماهي أسباب وتداعيات هذا الإنسحاب المضطرب ؟

وماذا بعد تمكين ( أو استيلاء ) طالبان من أو على القصر الملكي والحكم في البلاد ؟
في الثمانينيات ؛ أعطى حكام العرب والمسلمين الضوء الأخضر – بأمر وضوء من أميركا يومها – لشعوبهم للذهاب إلى أفغانستان للدفاع عنها ضد السوڤييت ؛ وحللوا لنا وقلنا حي على الچهاد ، وخرچنا مهللين لبيك لبيك يا أفغانستان ، فإذا بمن ذهبوا واستبسلوا وحاربوا وقاتلوا مع الأفغان ؛ وبإذن وتصريح من حكامهم ؛ إذا بهم يچدون صعوبة في العودة إلى ديارهم الأم ؛ بل يتهمون بالإرهاب ويلقون العناء من نفس الانظمة التي شچعتهم وسهلت لهم الذهاب ، محرمين عليهم ماحللوا لهم من قبل …
 … أفغانستان ؛ البلد ذات الأعراق المتعددة والمختلفة في لهچتها ؛ يچمعها الإسلام الذي يمثل حوالي تسعة وتسعون بالمائة ( ٩٠ من الطائفة السنية وحوالي تسعة من الشيعة) إلى چانب أديان آخرى تمثل اقلية مسيحية ويهودية وسيخية (وبوذية) وغيرها …

وهو قطر متألف من غالبية من عرق بشتوني (يمثلون ٤٢ بالمائة) ، ثم طاچيكي (حوالي ٢٧٪) ، ثم أزاري ‘١٠٪ ‘ ، وأزوبكي يمثل حوالي تسعة بالمائة من السكان ؛ علاوة على أعراق أخرى مثل التركمانية والبلوچية والباشاي …

واللغة المشتركة بين غالبية مناطق افغانستان وبين أعراقها(٥٠٪) هي اللغة الأذرية او مايسمى بالإدري أو الإزري ؛ وتسمى الفارسية الافغانية .
أما لغة البشتو التي يتحدث بها طائفة البشتون المنحدر منها حركة طالبان فتمثل بمفردها ٣٥٪ ممن يتحدثون بها ، ثم تاتي بعدهما الأوزبكية التركمانية (١١٪) ؛ علاوة على ثلاثين لغة آخرى يتحدث بها حوالي ٤٪ من السكان منها مايسمى بالبلوچية والباشاي …

وبعد خروچ الإستعمار السوڤييتي من أفغانستان ( ٧٩-٨٩) ؛ بدات صراعات بين الأغلبية البشتونية الممثلة بحركة طالبان وبين حركات أو جماعات أخرى إنتهت بسيطرة طالبان التي وصلت لحكم البلاد رسميا من عام ١٩٩٦ وحتى عام ٢٠٠١ ؛ عندما غزتها الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس چورچ بوش الإبن ؛ بحچة محاربة الإرهاب بعد انهيار برچي ماناتان بنيويورك بطائرتي ركاب ؛ وبعد الهچوم على البيت الأبيض بواشنجتون ، ومن يومها تحتل أميركا هذا البلد المتقطعة أوصاله والمنهمك والمنهك في الحروب والغزوات والفقر ( ولكنه المحافظ على دينه وأصوله وعاداته) ؛ حتى استطاعت حركة طالبان تحريره من يدها الملطخة دائما بالچرائم والدماء …

عادت سيطرة العاصمة كابول لحركة طالبان في الخامس عشر من شهر اغسطس من سنة ألفين وإحدى وعشرين ميلاديا …
عادت الأغلبية البشتونية لتسيطر على البلاد وسط استنكارات وتحفزات عالمية ( أميركية روسية أورببة صينية) ، ووسط صمت وخوف في الأوساط العربية أو البلاد المسماة بالإسلامية ( والإسلام من الكتلتين براء ) ، ووسط خوف وشئ من الذعر بين أهل البلاد أنفسهم …
 والسبب أو الأسباب ترچع لما شاع في سنوات التسعينيات من أن طالبان لم تعط المرأة مكانتها التي تستحقها ، ولم تسمح لها بالتعليم أو بالعمل ، وأنها فرضت عليها النقاب وكانت عسيرة مع الشباب ، وكانت تقتل كل من يتعامل مع القوى الأچنبية المحتلة للبلاد ( هذا ما أشاعه الغرب والإعلام الموچه داخليا) ، أما خارچيا فالغرب والبلاد المحيطة بأفغانستان كانوا ولايزالون يخشون إستخدام أفغانستان أراضيها ضدهم ؛ ويزعمون أن الإرهاب سيعود بعودة حركة طالبان إلى الحكم ثانية ؛ وأن الديموقراطية سوف تتراچع تحت إمرة طالبان ؛ مما چعلهم يطلقون تصريحات نارية وتحذيرات وإشاعات بغرض تخويف المواطن الأفغاني منهم وتأليب وإثارة المچتمع الدولي ضدهم …

فها هي الولايات المتحدة الأمريكية ( البلد المحتل البغيض ومدمر حضارات شعوب العالم الثالث ) يضع الشروط الصارمة للتعامل مع (حكومة طالبان) ، ويهدد ويتوعد الحركة إذا مااقتربت من مواطنيها أو من عملائها ، وها هو يچمد الأموال المهربة إليه (والتي تقدر بأكثر من تسعة مليارات دولار) ، وهاهي ميركل وماكرون التي والذي يحذران باسم المانيا وفرنسا من طالبان ( ولا أحد ينسى دعم فرنسا لأحمد شاه مسعود ضدهم في الحقبة التي فيها كانت طالبان تقاوم الغزو الروسي .. ، وهاهو رئيس وزراء بريطانيا الذي يريد أن يدفع في اتچاه موقف دولي موحد ضد أفغانستان طالبان …

فهل تملك طالبان حسن إدارة البلاد في ظل هذه الظروف المحيطة بها داخلياً وخارچيا ؟
خاصة وأن أنظمة عربية وغير عربية تسلط إعلامها عليها وتخشى على عروشها من حركة يفترض أنها چاءت لتطهير البلاد من الفساد ومن مستعمر عاث قهرا وسفكا للدماء ، ودمارا للعباد والبلاد ؟؟ ..

ولكن مما يخفف من وطأة المچتمع الدولي (وضغوط من يديره ومن يسير في فلكه) ؛ أن هناك دولا تدعم طالبان وتعمل على تعزيز استقرار الأمن الذي حققته الحركة ( في رأيها ) ؛ مثل پاكستان الذي صرح المتحدث باسم حكومتها بذلك ؛ بل ونادى المچتمع الدولي أن يرفع أياديه عن أفغانستان ، هذا علاوة على الدول الكبرى والمچاورة التي لها مصلحة في التعامل مع أفغانستان وفي استقرارها إقتصاديا أو سياسياً على الأقل كالصين وروسيا والهند وغيرها من الدول المچاوىة لها وغالبيتهم ضد أميركا وضد سيطرتها وهيمنتها على أفغانستان والمنطقة المحيطة بها والتي ترتكز وتعيش على بركان من التفاعلات السياسية والتحالفات العسكرية …

طالبان تعلمت من أخطاء الماضي ؛ وأخذت العبر والدروس من التسعينات (زمن سيطرتها وحكمها للبلاد ، ويريد قادتها طمأنة المچتمع الدولي بأنها تعلمت وتغيرت ، وأنها ستغير من أسلوبها في التعامل مع الداخل والخارچ . فقد صرح المتحدث باسمها بأنهم أعلنوا العفو العام ( عن السچناء السياسيين وغيرهم من الشرفاء ) ، وأمروا مقاتليهم بعدم دخول أي منزل أو مقر تچاري ، وبأنهم سيركزون چهودهم لبناء الدولة ، وبأنهم سيعملون على تكوين حكومة حسب أولويات الشعب ، وبأنهم سيسعون إلى مصالحة حقيقية تضم كافة الأطياف المختلفة والأقليات والمچموعات المتواچدة في پاكستان وغيرها .

ومما يدل على صدق نوايا الحركة ماصرحت به وكالة رويترز وغيرها من أنه هناك اچتماعات مكوكية ودورية بين طالبان من چهة وبين قيادات بارزة في حكومات سابقة ؛ ومسئولين طاچيك وأوزبك وأزاريين وغير ذلك من چهة أخرى ؛ وكاچتماع القيادي البارز في شبكة حقاني مع الرئيس السابق حامد كارازاي . والإجتماعات التي أچريت مع زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني قلب الدين حكمتيار ، وتلك التي تچرى تحت رعاية رئيس المچلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبدالله عبدالله …

فهلا رفع المچتمع الدولي يده عن طالبان وعن أفغانستان ؟

وهل سيترك الفرصة لطالبان لكي تحاول إعادة بناء البلد الذي أنهكته ودمرته (ماتسمى بالامبراطوريات) ؟ ولكي تصلح تراكمات الفساد الذي دام وعشعش في ربوع البلاد وأشاع فيها الفقر والچهل والتخلف ؟؟

فلننتظر أفغانستان في محك بين سباق المصالح ؛ واختلاف القبائل وبين أطماع أميركا وحيتان العالم ، وبين تربص المچتمع الدولي وعملائه وأعوانه ضد المستضعفين في الأرض ؛ وضد كل ماهو في صالح إنسانيتهم والعدالة الاجتماعية وكرامتهم .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق