الفرنجي برنجي
في معظم دول العالم الثالث وخاصة كانتوناتنا العربية يحتل المنتج الغربي الصدارة بكل شيء، وترى الناس يتسابقون للحصول على هذا المنتج بأي ثمن، ويبتعدون عن المنتج المحلي مهما كانت مواصفاته وخصائصه، فلا هم يؤمنون بجودته و لا يسعون لتحسينها ولهذا الأمر آثار خطيرة ونتائج سيئة، تبدأ من الفرد وصولاً للدولة ومكانتها وتبعيتها وقد يؤدي إلى تقييد حريتها واستقلالها..
إن البحث في هذا العامل يحتاج منا للتفكير العميق والعمل بجدية و تفان ٍ لترسيخ وتثبيت وحماية المنتج الوطني ، والحديث هنا لا يقتصر على الأشياء التي نستعملها أو نستهلكها بل يتعداه للحديث عن الأفكار والرؤى وطريقة قبول الناس بها أو أسباب عدم قبولهم.
وهل هي حالة هرمية من القاعدة للقمة أم العكس؟.
في الحقيقة هي حالة متشابكة ذات اتجاهات عدة هرمية قاعدية، تبدأ من حيث تنتهي، فلا يمكن للفرد أن يعمل معزولاً عن الأخرين ولا يمكن للدولة أن تثق بخائنين، وعند اختلال أحدهما تسقط الدولة والشعب.
إن الاختيار الصحيح لأي منتج يتم من خلال معرفة مكوناته و تقييم تلك المكونات في مصافي الأخلاق والحقوق والواجبات، فما بنيّ على باطل يبقى باطلاً.
إن نشأة المجتمعات الفاسدة هي منتوج من فساد السلطة، وعدم القبول بالمنتج المحلي هي الرغبة بالمنتج الخارجي، وفساد السلطة ناتج من سوء المواد الأولية وطريقة انتقائها من قبل المجتمعات.
مصافي الأخلاق والحقوق والواجبات:
إن اختيار مواد العمل و آلاته هي الوسيلة الصحيحة الأولى لبناء منتج محلي جيد ، من هذا المنطلق فإن اختيار مواد الحكم و عناصره نقطة الأساس، ولا يتم إلا بوضعهم في مصافي الأخلاق، فلا يمكن أن يتولى الحكم من لا أخلاق له، فلا يمكن أن يتولى الحكم ناقص قاصر، ولا يمكن أن يتولى الحكم دعيّ كاذب، أو منتفع جشع أو عربيد عفن.
إن اختيار الحاكم من مهمة المحكومين أو ممثليهم، وهؤلاء من الضرورة بمكان أن يُعرضوا على مصافي الأخلاق ومن هنا تبدأ التصفية.
تبدأ بعدها مرحلة انتقاء المنتج بالعرض على مصافي الحقوق والواجبات، تلك المصافي التي تُسقِط كل منتج خارج المواصفات وتختار الأنسب و الأكثر جودة، فلا يمكن لمنتج بمواصفات ضعيفة أن ينزل للأسواق، و لا يمكن لمفرط ٍ أو مُفَرَطٍ به أن ينجح.
إن الأسواق تلفظ البضاعة الرديئة إن لم يكن لها مشترين ومن هنا تنبع أهمية المصافي ( تقييم المنتج ).
كما أنه لا بد من الاستخدام الدقيق والصحيح للمنتج وفق المواصفات التي صنع منها، فكل منتج له وظيفة يؤديها ولا يمكنه أن يكون (مسبع الكارات).
وهذا ينطبق على الأفراد، ومن هنا تنبع التخصصات وكيفية استخدامها والالتزام بمواصفات شاغليها.
من كل ما سبق نجد أن سوء السلطة وفسادها ينبع من الاختيار الأولي، وعدم العرض على المصافي يؤدي تراكمياً بالسلطة الفاسدة ولكي تبقى طويلاً أن تبدأ بطرح المواد السيئة وتدمير المصافي، و اعتبارها خارج سلطة الدولة أو مخالفة لها.
التدمير الذاتي يتم بالاختيار السيء للأفراد، يبدأ من الحلقة الأولى التي طالما كانت الأساس في بناء قوي متين، فلا يراعى فيها المصلحة العامة ومصلحة الوطن، بل تتغلب النزعات الفردية والأهواء الشخصية.
فهل يمكن التغيير في ظل هذه المعطيات؟
سؤال لطالما كان الهاجس الملح للجميع، متسائلين عن نزعة شديدة قوية لوضع المنتج المحلي الجيد على سكة الوصول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق